الفلفل الحار
٭ لمحة تاريخية: كتب عالم النبات الذي رافق كريستوف كولومبوس في رحلته الاستكشافية الثانية الى جزر الهند الغربية في العام 1493: «نجد في هذه الجزر شجيرات تشبه نبتة الورد، تحمل ثمارا بطول القرفة، تحتوي على بذور صغيرة لاذعة كالفلفل. يستهلكها سكان الجزر والهنود، كما نأكل نحن التفاح». لقد اكتشفوا حينها الفلفل الحار. وعلى الرغم من ذلك، تستخدم هذه العبارة منذ القدم (نحو عام 980)، ولكن بمعنى العطر او التابل نظرا لخصائصه المتعلقة بالصماغة.
أما اليوم، فيرتبط معنى الفلفل بالعبارة الإسبانية pimiento والتي ترمز الى نبتة خضراء من أميركا اللاتينية، تزرع من أجل ثمارها. وتعود أقدم الدلالات على استخدام هذه النبتة الى اكثر من 8500 إلى 5000 عام، في المناطق المكسيكية (أوكامبو وتهواكان) والبيروفيه (غيتاريرو وباشاماكاي)، حيث استعملت البذور المستخرجة من النبات البري. أما أولى الزراعات الموثقة في البيرو فتعود إلى حوالي ألفيات، وتشير الى خمسة أنواع من الفلفل. ولعب هذا الأخير دورا غذائيا وطبيا ودينيا وحتى اقتصاديا في الفترة ما قبل كولومبوس.
والفلفل بلغة كيشوا يعادل «أوشو» (uchu) أي: الفرح والجمال. استخدم كعملة تبادل مع بذور الكاكاو. أطلق عليه كولومبو تسمية «فلفل الهند» ثم لبثت تسميته بالفلفل» ببساطة حتى نهاية القرن السابع عشر. يسمى في مناطق انتاجه أجي aji وأكسي axi وكيجا quija وأوشو uchu وشيلي chili بحسب بلد الإنتاج.
ومن المؤكد أن الفلفل لم ينتظر حتى العام 1514 ليصل إلى اسبانيا، لكنه لم ينل استحسان الإسبان حتى ذلك التاريخ. فازدهرت زراعته، وانتشر في أقل من نصف قرن في العالم باكمله، حيث تكيف بسهولة. وإذ حذر الكهنة الاسبان رعاياهم من الأثر «المحفز» للفلفل الحار، حقق هذا الأخير نجاحا غير مسبوق. وبعد خمسين عاما، تركزت الزراعات في المانيا، ثم في اليونان بدءا من القرن السادس عشر ومن بعدها في تركيا. والاتراك هم من حملوا الفلفل الى المجر في القرن السابع عشر. وفي القرن التاسع عشر «باتت ثمرة التشيلي أساسية للبيروفيين كما هو الملح للبيض» بحسب الكسندر فون همبولت في كتابه السياسي عن اسبانيا الجديدة (المكسيك) وفي القرن السابع عشر، عدد جون باركينسون اكثر من عشرين نوعا، وتخطى عددها اليوم المئة. وتحول الفلفل الحار في القرن الثامن عشر الى جزء من الاحتفالات بالزواج الديني في الباسك.
(من كتاب: موسوعة التوابل للكاتب: ميراي غاييه)