من كان أول امبراطور عزف شوبان أمامه؟
في 22 فبراير سنة 1810 ولد فريدريك شوبان من أم بولونية وأب فرنسي. واتفق ساعة مولده ان كانت احدى الفرق الموسيقية المتجولة تعزف تحت نافذة الغرفة التي ولد فيها سيد الموسيقى.
وعلى خلاف العادة، لم يفتح الوليد فمه ليستقبل النور بالبكاء، وإنما فتح أذنيه ليسمع الموسيقى، ولما بلغ شوبان الخامسة عشرة من عمره ـ وكان قد بلغ المرحلة الجامعية، عزف أول مؤلفاته الموسيقية أمام الامبراطور اسكندر، قيصر روسيا. وما كاد ينتهي حتى ضمه القيصر إلى صدره، ونزع من أصبعه خاتما ثمينا قدمه إليه قائلا: «لقد اردت أن أضفي شرفا على هذا الخاتم يخلده، وأعتقد انك عندما تضعه في اصبعك ستكتب له الخلود».
عندما غادر شوبان وارسو وهو في العشرين من عمره ليبحث عن أكاليل الغار في عواصم أوروبا الموسيقية ـ برلين ولا يبزيغ وبراغ وفيينا وميونيخ ـ كان أشد ما يعذبه اعتقاده بأن عينيه لن تكتحلا بعد ذلك برؤية وطنه بولونيا. لذلك ملأ كأسا صغيرة بتراب وطنه الحبيب، كان يحملها معه أنى ذهب. وما هي إلا عشرون سنة حتى قضى نحبه في باريس بداء الصدر. فلما ووري نعشه الثرى نثر اصدقاؤه محتويات الكأس الصغيرة فوق النعش.
يمكن ان تكون الموسيقى لغة عالمية، ولكن جذورها غالبا ما تكون متأصلة في اعمق اعماق التراث الوطني للمؤلف الموسيقي سواء اعرف أم لم يعرف.
ولقد احتفلت وارسو، عاصمة بولونيا، بعد تحريرها من الاحتلال النازي إثر الحرب العالمية الأخيرة برجوع قلب شوبان المحفوظ في صندوق صغير احتفالا حماسيا. فقد نقل البولونيون اثناء الاحتلال الألماني هذا الأثر الثمين من مكانه ووضعوه في مكان أمين.
(من كتاب: صانعو التاريخ لـ سمير شيخاني)