على وقع التوتر المتصاعد بين إسرائيل وأميركا والذي دفع الأخيرة الى تأجيل زيارة مبعوث السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل إلى إسرائيل، ازدادت امس حدة المواجهات في القدس الشرقية المحتلة بين الشرطة الاسرائيلية ومئات من الشبان الفلسطينيين تظاهروا احتجاجا على تدشين كنيس الخراب اليهودي قرب المسجد الأقصى امس الاول، وأدت الى اصابة واعتقال المئات.
وقال مسؤول الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر بالقدس أمين أبوغزالة إن 50 شخصا أصيبوا جراء المواجهات بينهم 12 أصيبوا بالرصاص المطاطي و16 بالغاز المسيل للدموع والباقون تعرضوا لرضوض وكدمات جراء ضربهم بالهراوات من الشرطة الإسرائيلية.
وذكر أبوغزالة أن من بين المصابين 3 مصورين صحافيين أحدهم أصيب بالرصاص الحي في قدمه وسيدة وصفت حالتها بالخطرة. من جهته، قال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية ميكي روزنفيلد لوكالة فرانس برس ان الشرطة اعتقلت عددا من الفلسطينيين وان اثنين من عناصرها أصيبوا بجروح. ونشرت الشرطة 3000 عنصر في القدس الشرقية المحتلة، بعدما اعلن الفلسطينيون عزمهم التظاهر احتجاجا على تدشين كنيس تاريخي أعيد ترميمه في البلدة القديمة و«دفاعا عن القدس» عقب موافقة الحكومة الإسرائيلية على بناء 1600 وحدة سكنية استيطانية في الحي اليهودي بالمدينة.
وحدثت المواجهات في مناطق متفرقة من القدس الشرقية وعلى تخوم الضفة الغربية حيث مقر رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله. ففي مخيم شعفاط وقعت أعنف المواجهات، وأطلقت الشرطة الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين الذين كانوا يرشقون القوات الأمنية بالحجارة. أما حي العيسوية وهو حي تقطنه أكثرية عربية في القدس الشرقية، فقد شهد مواجهات ايضا حيث أطلقت الشرطة وحرس الحدود النار في الهواء لتفريق المتظاهرين.
كذلك دارت مواجهات في وادي الجوز وهو حي عربي آخر في القدس الشرقية التي احتلته اسرائيل عام 1967 وضمته اليها في قرار لم يعترف به المجتمع الدولي.
الاعتداء على مصلين
كما اندلعت مواجهات قرب باب الأسباط وباب حطة بين عشرات الفلسطينيين الذين حاولوا الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاه الفجر والشرطة الإسرائيلية التي حالت دون وصولهم.
وذكرت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» في بيان ان «المئات من أهل الداخل الفلسطيني (عرب إسرائيل) وأهل القدس أدوا صلاة الفجر قبالة المسجد الأقصى المبارك وبالتحديد عند طلعة باب الأسباط وذلك بعد أن منعت السلطات الإسرائيلية من هم دون سن الخمسين من الصلاة في المسجد الأقصى».
وأضافت مؤسسة الأقصى أنه فور إنتهاء صلاة الفجر قامت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية بحصار المصلين والاعتداء عليهم بالهراوات والقنابل الصوتية وسط تكبيرات المصلين.
هذا ومنعت الشرطة الإسرائيلية الحافلات التي تقل مواطنين عربا من داخل اسرائيل الى القدس من التوجه اليها عبر نصب حواجز في منطقة الجليل ومناطق اخرى من اسرائيل بحسب ما ذكر الموقع الالكتروني لصحيفة «هآرتس».
تظاهرات في غزة
بموازاة ذلك، تظاهر الآلاف من تلامذة المدارس وطلبة الجامعات في العديد من مخيمات ومدن قطاع غزة احتجاجا على تدشين اسرائيل كنيس الخراب وتلبية لدعوة حركة حماس للغزيين بالنفير العام نصرة للقدس والأقصى.
وأوضحت مصادر لفرانس برس ان اكثر من 3 آلاف تلميذ في جباليا وبيت لاهيا في شمال القطاع خرجوا في مسيرات متفرقة، وان الآلاف في مدينة غزة خرجوا في مسيرات طلابية توجهت الى مقر المجلس التشريعي.
كما شهدت مدينتا رفح وخان يونس تظاهرتين مماثلتين.
حركة فتح
ونددت كل من حركتي فتح وحماس بافتتاح كنيس الخراب قرب المسجد الأقصى، وكان لافتا موقف مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبدالقادر الذي اتهم الحكومة الفلسطينية في رام الله برئاسة سلام فياض بمنع أي انتفاضة شعبية ضد إسرائيل في الضفة الغربية لنصرة القدس في وجه التصعيد الإسرائيلي.
ونقلت وكالة صفا المحلية عن عبدالقادر قوله إن «المقدسيين يستصرخون العرب من أجل دعمهم ومساندتهم في حين يتخلى عنهم الشارع في الضفة الغربية بسبب حالة الكبت التي يتعرض لها».
على صعيد مواز، أرجأ المبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل جولته التي كانت مقررة امس الى المنطقة بهدف استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين واسرائيل، وفقا لما اعلنه مكتب الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز.
ويأتي قرار التأجيل وسط ازمة ديبلوماسية بين واشنطن وتل أبيب أثارها اعلان الحكومة الاسرائيلية عن مخطط لبناء 1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية مما أجهض المساعي الاميركية لاطلاق مفاوضات غير مباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين.
كذلك أكد مسؤولان اميركيان ارجاء الزيارة يوما ورجحا أن يتوجه ميتشل مباشرة إلى موسكو لاجراء محادثات بين رباعي وسطاء السلام في الشرق الاوسط (الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة).
وفي سياق متصل، اعتبر وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان امس ان الازمة الديبلوماسية الخطيرة بين بلاده والولايات المتحدة سيتم تجاوزها.
وقال ليبرمان للإذاعة العامة الاسرائيلية ان «الامور ستهدأ لانه ليس للولايات المتحدة ولا لاسرائيل مصلحة في التصعيد»، مضيفا «نتحاور مباشرة عبر مختلف القنوات مع مسؤولين في الادارة الاميركية».