سرت ـ هدى العبود
في خضم الملفات الشائكة التي تعصف بالمنطقة لاسيما العربدة الاسرائيلية في القدس المحتلة، وتداعياتها على السلام في المنطقة ككل، تنعقد القمة العربية العادية الثانية والعشرين في سرت الليبية.
ولم تخل الاجتماعات التحضيرية لوزراء الخارجية العرب التي انعقدت امس من مواقف عكست الخلافات العربية ـ العربية، لاسيما ما حدث من انسحاب وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري احتجاجا على استقبال الزعيم الليبي معمر القذافي لوفد من المعارضة العراقية. يضاف الى ذلك السجال حول استضافة بغداد للقمة المقبلة.
وقد كشفت مصادر ديبلوماسية عربية موثوقة لـ «الأنباء» أن وزير الخارجية الكويتي الشيخ د.محمد الصباح شدد خلال جلسة وزراء الخارجية العرب على عدد من النقاط أهمها ألا يقوم العراق بتخفيض مستوى التمثيل بل أن يشارك في جميع المداولات والجلسات.
وأضاف الشيخ د.محمد الصباح «إذا أردنا أن نختلف فعلينا أن نختلف في هذه القاعة وليس في وسائل الإعلام وطريقة الخلاف بالنقاش»، مشيرا إلى أن هناك «أحقية للعراق في استضافة القمة، وهذه ليست محل نزاع، وللعراق الحق أن يقرها».
وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قال خلال الاجتماع «العراق سوف يواصل مشاركته في هذه القمة ولكن على مستوى المندوب الدائم» وشدد على أن العراق يحتفظ بحقه في عقد القمة القادمة على أرضه «وقد انسحب زيباري من اجتماعات الوزراء قبل ان يعود اليها في الجلسة الثانية بوساطة كويتية حيث عقد وزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح جلسة ضمت كلا من موسى كوسا وزير الخارجية الليبي ونظيره العراقي هوشيار زيباري في مسعى لاحتواء الخلاف الذي نشب خلال الجلسة المغلقة الأولى لوزراء الخارجية العرب.
وشارك الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير خارجية البحرين في جلسة الصلح بين البلدين في مقر اقامة الشيخ د.محمد الصباح حيث شارك الوزراء في مأدبة غداء بمقر إقامته بقصر المؤتمرات بسرت.
القمة المقبلة
كذلك كان موضوع القمة المقبلة موضع سجال حيث قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن العراق سيحتفظ بحقه في القمة ولكن ليس القادمة بل بعد القادمة «لكي يتمكن قادتنا من الحضور وهو عراق حر موحد وأناشد هوشيار زيباري أن يبقى بيننا وأتحدث باسم سورية، لا يستطيع الرئيس السوري بشار الأسد حضور القمة القادمة والعراق مازالت فيه قوات أجنبية».
وهنا أجاب زيباري «حرصا على عروبة العراق وهويته وانتمائه» نتمنى من القادة العرب «أن يستجيبوا ويحضروا القمة في عاصمة الرشيد والعام القادم سيشهد العراق خروج القوات الأجنبية». فتكلم وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط «ممكن جدا الأخوة في العراق أن يحتفظوا بحقهم في استضافة القمة وتبقى الظروف أن تسمح أو لا تسمح، أنتم من يقرر، إذا لم تتمكنوا من استضافة القمة، يمكنكم استضافتها ماديا سواء في شرم الشيخ أو بمقر الجامعة.. من المبكر اتخاذ قرار حول القمة القادمة».
من جانبه، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى «مناقشة القمة القادمة قرار في محله، العراق دولة عربية كبيرة والدور لها ومن حقها أن ندعو القمة أن تجتمع في بغداد، ويجب أن نرحب، إلا أن الظروف معروفة وقد تؤدي إلى بعض التحفظ أو بعض المخاوف، وإنما يجب أن نترك الباب مفتوحا للعراق».
وعقب المعلم على المداخلات فقال «يبدو أن هناك سوء فهم، أنا أقول نيابة عن سورية بما هو أكرم للعراق أن تعقد ليس العام القادم وإنما العام الذي يليه لتأتي قادتنا لتهنئة العراق بخروج القوات الأجنبية وتكون مدينة الرشيد حرة». وأردف «نريد قمة للعراق يحضرها جميع الشعب العراقي والرؤساء العرب للتهنئة باستقلاله وخروج الاحتلال منه».
ورأى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أنه من الضروري في هذه القمة أن يتم اتخاذ القرار حول القمة المقبلة من حيث زمان ومكان انعقادها.
الجلسة الصباحية
وإلى جانب هذا السجال تصدرت جدول الاعمال سبل مواجهة الإجراءات الإسرائيلية لتهويد القدس وإيجاد آلية لحل الخلافات بين الدول العربية.
وترأس الاجتماع وزير الخارجية الليبية موسى كوسا بعد ان تسلم الرئاسة من نظيره القطري أحمد بن عبدالله آل محمود الذي ترأست بلاده القمة العربية الواحدة والعشرين العام الماضي. وعقدت الجلسة الافتتاحية بحضور معظم وزراء خارجية الدول العربية فيما مثل لبنان القائم بأعمال سفارته في ليبيا نزيه عاشور.
وافتتح الوزير كوسا الاجتماع بالدعوة إلى ضرورة القيام بتحرك عربي فاعل لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وإحباط مخططات إسرائيل لتهويد القدس والحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالمدينة المقدسة.
وتطرق إلى ما اسماه عملية التشويه التي يتعرض لها «الإسلام والمسلمون خاصة من جانب أطراف غربية تمولها الصليبية الحاقدة، ومن جانب سويسرا»، معتبرا ذلك تعبيرا عن تعصب ديني ضد الإسلام والمسلمين. وأكد في هذا الصدد ضرورة التكاتف والعمل من أجل الدفاع عن النفس ومواجهة العدوان بكل أشكاله.
من جانبه، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري إن عام الرئاسة القطرية للقمة العربية كان مليئا بالأحداث والتطورات، ولم تكن المهمة سهلة. واضاف «لكن بحكمة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وإرادة إخوانه العرب، وروح الفريق الذي سادت الاجتماعات الوزارية، والجهد الدؤوب من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى استطعنا أن نتحرك بفاعلية وأن نعمل على تذليل الصعاب».
وقال إن الموضوعات المدرجة على جدول اعمال القمة الحالية تتطلب عناية قصوى، مشيرا إلى التطورات في القضية الفلسطينية، والحصار اللاإنساني للأشقاء العزل في فلسطين.
وبعد ان تلا الوزيران الليبي والقطري كلمتيهما رفعت اعمال الجلسة الافتتاحية ثم بدأ الوزراء على الفور جلسات العمل المغلقة.
مندوب سورية
من جانبه، قال مندوب سورية لدى الجامعة العربية يوسف احمد قبيل الاجتماع الوزاري ان «جميع المواضيع تم انجازها من قبل المندوبين تقريبا وبقي مشروعان هما: الية ادارة حل الخلافات العربية والمبلغ الذي سيرصد لصندوق القدس».
وأوضح في تصريحات للصحافيين ان «الآلية هي المشروع الاساسي المطروح على اجتماع وزراء الخارجية».
وبالنسبة للحضور، قالت مصادر ديبلوماسية عربية لـ «الأنباء» إن رؤساء الإمارات العربية المتحدة والعراق ومصر وجيبوتي ولبنان واليمن وفلسطين وملكي المغرب والسعودية وسلطان عمان لن يشاركوا في القمة العربية التي ستعقد في ليبيا غدا وبعد غد.
وبحسب المصادر فإن غياب رئيس جيبوتي يأتي احتجاجا على مشاركة وفد من إريتريا بصفة مراقبين.
قبلات حارة بين المعلم وأبوالغيط
سرت ـ هدى العبود
شهد اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة العربية في دورتها الثانية والعشرين الذي انعقد في سرت الليبية أمس تبادل وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيره المصري أحمد أبوالغيط القبلات والتحيات الحارة، كما تبادلا أطراف الحديث لما يزيد عن خمس دقائق. كما حيا المعلم نظيره العراقي هوشيار زيباري.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قال في مقابلة بثتها قناة «المنار» التلفزيونية الأربعاء «كانت هناك آمال في القمة العربية الحالية أن تكون هناك خطوة مشابهة لما تم بين سورية والسعودية في العام الماضي ولكن ربما مرض الرئيس مبارك يؤجل هذا، ولكن نحن في سورية منذ سنوات عدة نستجيب لكل مبادرة عربية قامت بها أكثر من دولة باتجاه تحسين العلاقات بين الدول العربية».
اقتراح بتسمية الدورة الحالية بـ«قمة القدس»
القاهرة ـ وكالات: اقترح أحمد أبوالغيط وزير الخارجية المصري على مجلس الجامعة العربية الوزاري التحضيري للقمة العربية إطلاق اسم «قمة القدس» على القمة العربية العادية الثانية والعشرين بسرت، وقرر المجلس رفع توصية بذلك للقادة العرب.
وقال السفير حسام زكي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية في تصريحات للصحافيين أمس عقب الجلسة الأولى لاجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة إن أبو الغيط قدم مقترحات مصرية محددة لدعم صمود القدس في مشروع قرار سيرفع للقمة في هذا الشأن، وقال إن هناك دولا أخرى اقترحت أفكارا في هذا الموضوع.
ومن هذه الدول سورية وفلسطين حسب ما أكدده مصدر مواكب للقمة لـ«الأنباء» كاشفا أنه سيتم بحث آلية عمل لإيجاد تمويل هدفه تثبيت المواطنين الفلسطينيين في أراضيهم