شهد الاجتماع الوزاري أمس برئاسة الرئيس سعد الحريري في السراي الكبير، وضع اللمسات ما قبل الأخيرة على الملفات التي سيطرحها الجانب اللبناني مع الجانب السوري، خاصة الملاحظات التي يفترض ان يعدها لبنان حول الاتفاقيات الثنائية الموقعة مع سورية، بين العامين 1990 و2004، في سياق معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق الموقعة بين البلدين، والتي يطرح البعض مبدأ بحث مصيرها أصلا ومصير الهيئات المنبثقة عنها وبالأخص مصير المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري. وحتى الآن أنجزت أربع وزارات مراجعة اتفاقياتها مع سورية، ولم تلحظ وجود عناصر يجب تعديلها. وتبقى اتفاقيات أخرى يتوقع ان يطلب لبنان تعديلات عليها. وتصر سورية على معرفة موقف لبنان بالتحديد من هذه المعاهدة والهيئات المنبثقة عنها، وهل هناك نية بعقد معاهدة جديدة، وأي اتفاقيات يريد تعديلها أو إلغاءها أو عقد اتفاقيات جديدة محلها.
وتستأثر العلاقات اللبنانية ـ السورية بالاهتمام في ضوء الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة سعد الحريري (المقررة مبدئيا في 13 الجاري والمرشحة للتأجيل لأسباب تقنية)، وهي الثانية الى دمشق وتتخذ طابعا رسميا، على رأس وفد وزاري كبير لإطلاق ورشة تطبيع العلاقات بين البلدين وإعادة النظر في معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق والاتفاقات الصادرة عنها في ضوء الملاحظات التي وضعها الوزراء حول هذه الاتفاقات، اضافة الى بحث موضوع المجلس الأعلى اللبناني - السوري والأمانة العامة، وترسيم الحدود، وملف المفقودين والمسجونين في السجون السورية. وتعلق مصادر وزارية أهمية على الزيارة التي يقوم بها الحريري بحيث يتوقع ان تعقبها زيارات لمسؤولين سوريين الى لبنان، على ان يتم تحديد موعد لاستئناف اجتماعات المجلس الأعلى وفق صيغته الجديدة في بيروت هذه المرة. وقد تسهم زيارة الحريري الى دمشق في ارساء العلاقات على قواعد جديدة وعلى أسس واضحة في اطار التعامل بين دولتين ومن خلال المؤسسات. واعتبرت المواقف التي أطلقها الرئيس د.بشار الاسد في مقابلته التلفزيونية تمهيدا لزيارة الرئيس الحريري بعد زيارته الأولى التي وصفت بأنها «شخصية» ولكسر الجليد والاعلان عن فتح صفحة جديدة.
ويعترف وزير مطلع انه بعد زيارة الرئيس الحريري الى دمشق قد تنطلق ورش العمل واللجان المشتركة، خصوصا في ترسيم الحدود، ودرس المواضيع العالقة بين البلدين، وأبرزها الرسوم الجمركية والمعاملات على النقاط الحدودية. كما سيتطرق البحث بين المسؤولين الى موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وضرورة اقفال معسكرات التدريب في البقاع وعلى الحدود اللبنانية - السورية، خصوصا في قوسايا وحلوى وغيرهما، ويشير الى ان مرحلة تعاون وتنسيق قد تقوم بين لبنان وسورية خلال المرحلة المقبلة. وترى أوساط في المعارضة ان الحريري يذهب الى دمشق وأمامه ملفان أساسيان: الأمن والعلاقات الخارجية، والأمن يتشعب ويتوسع، لكن هناك أساسيات فيه، والمقاومة على رأس هذه الأولويات، وكذلك المحكمة الدولية، وخصوصا لجهة محاولات توريط حزب الله فيها. وحسب هذه المصادر فإن جنبلاط قال لبعض زواره في اليومين الماضيين: على الحريري أن يبادر إلى قطع رأس الأفعى قبل أن تمتد إلى جسم الوطن، كما عليه حماية محكمة والده من عملية التسييس، أو كما يقول جنبلاط دائما: حماية لبنان من لعبة الأمم.
وفي الملف الأمني، يبرز موضوع المخيمات الفلسطينية، الذي يملك السوريون صورة واضحة عنه. والمطلوب، وفقا لزوار دمشق، حماية هذه المخيمات، وألا تصبح وكرا للمجموعات الجهادية الإسلامية التي حاولت القيام أو تقوم بأعمال عنفية في سورية. وهنا قام وسام الحسن واللواء أشرف ريفي بدورين إيجابيين جدا، من خلال تبادل المعلومات الأمنية حول الإسلاميين وشبكات عملاء إسرائيل، أما فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، فيرغب السوريون في أن يعود التنسيق بين البلدين إلى حدوده القصوى، خصوصا أن لبنان يشغل اليوم مقعدا غير دائم في مجلس الأمن الدولي.