وقعت الولايات المتحدة وروسيا في العاصمة التشيكية امس معاهدة تاريخية لخفض مخزون الاسلحة النووية لديهما والتي يأملان منها تحسين علاقاتهما الثنائية وزيادة الضغط على دول مثل ايران وكوريا الشمالية الساعية لامتلاك أسلحة نووية حتى تتخلى عن طموحاتها.
ووقع الرئيس الاميركي باراك أوباما ونظيره الروسي ديمتري مدفيديف المعاهدة في مراسم اجريت بقصر براغ الذي يعود للقرون الوسطى بعد محادثات تناولت الامن النووي والبرنامج النووي الايراني والانتفاضة في دولة قرغيزستان الاستراتيجية الواقعة في آسيا الوسطى.
ورحب الرئيسان بالحدث التاريخي الذي فتح صفحة جديدة في العلاقات الروسية ـ الاميركية بعد ان وقعا معاهدة ستارت الجديدة. واكد اوباما ان توقيع المعاهدة يدل على ان بلاده وروسيا «وضعا حدا لتدهور» علاقاتهما. وقال خلال المؤتمر الصحافي الذي اعقب حفل التوقيع ان الاتفاق «سيجعل الولايات المتحدة والعالم اكثر امانا».
بدوره، قال مدفيديف للصحافيين ان توقيع المعاهدة الجديدة سيفتح «صفحة جديدة» في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. ووقعت معاهدة ستارت الجديدة بعد مفاوضات ثنائية عقدت بين ممثلين عن البلدين في جنيف طوال اشهر. وبموجب المعاهدة، ستخفض الترسانات النووية الاستراتيجية التي تنشرها العدوتان السابقتان أثناء الحرب الباردة بنسبة 30% في غضون 7 سنوات، لكنها تبقي لكل منهما ما يكفي من اسلحة لتدمير الآخر.
وبذلك يكون كلا البلدين قد تعهد بخفض عدد الرؤوس النووية لديه الى 1550 اي خفض بنسبة 74% عن معاهدة ستارت الاولى التي ابرمت في العام 1991 وانتهى العمل بها نهاية العام الماضي.
ولتصبح المعاهدة الجديدة نافذة، على مجلس الشيوخ الاميركي والدوما المصادقة عليها، وقال اوباما «اود العمل مع مجلس الشيوخ للمصادقة على هذه المعاهدة المهمة هذه السنة»، معربا عن «ثقته التامة» في تحقيق هذه الغاية. لكن بحسب الكرملين، لن تكون المعاهدة «قابلة للاستمرار» الا اذا حدت الولايات المتحدة من دفاعاتها المضادة للصواريخ وهو الموقف الذي شدد عليه مدفيديف ايضا.
وقال اوباما انه يؤيد «حوارا جديا» مع موسكو حول هذه المسألة الشائكة.
وبعد اعتراضات روسية تخلت الولايات المتحدة في سبتمبر عن مشروع الدرع المضادة للصواريخ في اوروبا الذي يقضي بنشر رادار في تشيكيا و10 صواريخ اعتراضية بعيدة المدى في پولندا.
واقترحت حكومة اوباما مشروعا جديدا بعد مراجعة التهديد البالستي الايراني. وخلافا لخطة ادارة جورج بوش السابقة يرمي المشروع الجديد الى التصدي للصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى.
الملف النووي الإيراني
وتحتاج واشنطن وموسكو القوتان النوويتان لاظهار جديتهما في خفض مخزوناتهما الضخمة لدعم جهود ترمي لكبح جماح طموحات ذرية لدول مثل إيران وكوريا الشمالية وتجنب اتهامات بالنفاق.
واعلن اوباما ان بلاده وروسيا ترغبان في ان تتحمل ايران «عواقب» موقفها من الملف النووي وتعملان على ان تفرض الامم المتحدة عقوبات «صارمة» على الجمهورية الاسلامية، لكن مدفيديف قال ان فرض عقوبات دولية جديدة على ايران امر ممكن في حال لم تبدد طهران الشكوك حول برنامجها النووي، واضاف إنه اذا فرضت عقوبات فيجب ان تكون عقوبات ذكية.
أوباما يطمئن رؤساء أوروبيين
وقال ديبلوماسيون من جمهورية التشيك إن الاجتماع يهدف لطمأنة دول الكتلة السوفييتية السابقة من أن إعادة ضبط العلاقات مع روسيا لن تؤدي إلى تقليص المصالح الأميركية في المنطقة.
وغاب الاتحاد الاوروبي عن القمة النووية بين اميركا وروسيا، مما حدا أحد السياسيين الليبراليين البارزين في الاتحاد على الإعراب عن اسفه لذلك، وقال إن غياب الاتحاد يقوض من جهوده لتعزيز تواجده الدولي.
ويحاول الاتحاد الاوروبي تعزيز نفوذه الدولي ولكن المسؤولين حذروا من انه سيتم تهميش الاتحاد ما لم تعمل الدول الاعضاء على تنسيق سياستها الخارجية بصورة أكثر فاعلية.
وقال رئيس الكتلة الليبرالية في البرلمان الاوروبي جاي فيرهوفستادت «في الوقت الذي يكافح فيه الاتحاد لتشكيل هياكل السياسة الخارجية الخاصة به من أجل تعزيز نفوذه على المستوى الدولي فإن ذلك الاجتماع النووي يمثل «فرصة ضائعة» بالنسبة للدول الاوروبية الحاضرة والاتحاد الاوروبي».
ويعد فيرهوفستادت، الذي شغل منصب رئيس وزراء بلجيكا لمدة تسعة أعوام، أحد الشخصيات الليبرالية الاكثر نفوذا في أوروبا.