يتوجه الناخبون في السودان بدءا من اليوم وحتى بعد غد الثلاثاء للمشاركة في أول انتخابات تعددية يخوضها دون منافسة حقيقية الرئيس المنتهية ولايته عمر البشير وحزبه بعد ان انسحبت الأحزاب الرئيسية في المعارضة من المعركة الانتخابية. وانتهت امس الاستعدادات لخوض اول انتخابات تعددية منذ ربع قرن في السودان اكبر بلد افريقي خرج قبل خمس سنوات من حرب أهلية دامية ولايزال يشهد حركة تمرد في دارفور، واضطرابات في الجنوب الذي يستعد لتقرير مصيره بشأن الوحدة او الانفصال مطلع العام المقبل.
وأكدت المفوضية القومية للانتخابات إنهاء الاستعداد في مجمل أنحاء البلاد التي تبلغ مساحتها مليونين و500 ألف كلم مربع، ليتمكن نحو 16 مليون ناخب مسجلين من الإدلاء بأصواتهم بدءا من اليوم حتى بعد غد الثلاثاء لاختيار الرئيس وأعضاء البرلمان الوطني وحكام وأعضاء مجالس الولايات. ولم تنته المفوضية حتى ظهر امس من توزيع بطاقات الاقتراع على مختلف المناطق في بلد مترام الأطراف.
وفي السياق ذاته، قال الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الذي تشرف مؤسسته على الانتخابات، انه يتوقع ان تسير الأمور على ما يرام.وقال كارتر غداة وصوله الى السودان امس الأول، «لا نرى سببا يدعو الى القلق ما عدا بالنسبة الى بعض المحطات النائية. المواد الانتخابية قد تصلها متأخرة بعض الشيء، ولكن لديهم ثلاثة ايام على الأقل للإدلاء بأصواتهم».
وأنهت الاحزاب السودانية والمرشحون للرئاسة امس الأول حملاتهم الانتخابية، وعلى رأسهم الرئيس المنتهية ولايته عمر البشير الساعي الى تأكيد شرعيته فيما يسعى حزبه للحفاظ على الغالبية في المجلس الوطني (البرلمان) الذي يعد 450 مقعدا. وتشكل الانتخابات ورقة مهمة بالنسبة للبشير لتأكيد شرعيته في وجه الغرب والمحكمة الجنائية الدولية التي اصدرت بحقه مذكرة توقيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور قبل سنة. وقال البشير في آخر خطاب ألقاه بعد حملة ماراثونية جاب خلالها البلاد طولا وعرضا، في حي امبدة الشعبي على أطراف الخرطوم مساء امس الأول، «ما بنخلي خواجة يهين البلد دي بقمح او تجارة او محكمة دولية، دي كلها بنخليها تحت ونمشي لقدام». وأكد في مقابلة مع قناة «الشروق» التلفزيونية السودانية الخاصة انه سيولي جل اهتمامه للحفاظ على وحدة البلاد، مؤكدا ان استطلاعا «سريا» اجري في جنوب السودان اظهر ان 30% فقط من الجنوبيين يؤيدون الانفصال. وبموجب اتفاق السلام الشامل الموقع في 2005 في نيفاشا من المقرر ان ينظم مطلع العام المقبل استفتاء على تقرير مصير جنوب السودان. ولكن يشترط لقبول نتيجة الاستفتاء مشاركة 65% من الناخبين المسجلين في الولايات الجنوبية العشر بالإضافة الى السودانيين الجنوبيين المقيمين في الشمال. وينبغي ان تكون نسبة التأييد 50% زائد صوت واحد.
وأبدى البشير استغرابه لانسحاب حزب الأمة التاريخي من الانتخابات بعد ان اكد انه تمت الاستجابة لـ «90% من شروطه». ومع سحب الحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردون سابقون) مرشحها الى الرئاسة ياسر عرمان، بات مرجحا ان يفوز البشير من الدورة الأولى للانتخابات، امام منافسيه السبعة وأبرزهم حاتم السر، مرشح الحزب الاتحادي الديموقراطي، وان كانت فرصه معدومة عمليا.
ولكن وان باتت نتيجة الانتخابات الرئاسية محسومة، فقد تحصل مفاجآت في انتخابات المجلس الوطني. وبعد انسحاب حزب الأمة، فإن الأحزاب الأربعة الرئيسية الباقية في السباق اضافة الى حزب المؤتمر الوطني، هي المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، والاتحاد الديموقراطي والحركة الشعبية لتحرير السودان التي يمكنها من خلال المناطق ان تضمن السيطرة على نحو 25% من مقاعد المجلس الوطني الذي يسيطر المؤتمر الوطني بزعامة البشير حاليا على 52% من مقاعده.
الجنوب يتابع الانتخابات عبر الراديو
جوبا ـ أ.ف.پ: يتابع السكان في جنوب السودان مجريات العملية الانتخابية التي انطلقت اليوم لتنتهي الثلاثاء عبر الراديو اكثر الوسائل الإعلامية انتشارا في تلك المنطقة التي تنتشر فيها الأمية ويندر فيها استخدام التلفزيون وشبكة الانترنت.
وفي الولايات الجنوبية العشر الفقيرة التي تعد 9 ملايين نسمة يعتبر الراديو «الوسيلة الإعلامية الأولى. ففي جوبا وحدها توجد عشر محطات» اذاعية كما يقول جان كلود لابريك، المحرر الرئيسي في إذاعة الأمم المتحدة «راديو ميرايا». ويضيف الإذاعي الكندي الذي عمل 35 عاما في إذاعة كندا لفرانس برس «هناك بعض محطات التلفزيون، ولكن معظم الناس ليس لديهم جهاز تلفزيون، لا بل لا توجد لديهم كهرباء».
أما عن الصحافة المكتوبة، فتقول مديرة شبكة إذاعة جنوب السودان الكاثوليكية باولا موغي ان «80% من سكان جنوب السودان اميون». وفي غياب المطابع، تطبع صحف الجنوب في الخرطوم على بعد 1200 كلم شمال جوبا، وتنقل بالطائرة الى بعض مدن الولايات الجنوبية.
وعدا بعض التجمعات الجماهيرية، خيضت الحملة الانتخابية عبر الإذاعة في الأساس، كما يقول لابريك، حيث يعتاد الناس هنا على وضع جهاز الترانزستور الصغير قرب اذنهم. وتقول باولا موغي «اظهر تحقيق أجريناه ان الناس هنا يستمعون الى الإذاعة طوال النهار. ليس لدى الجميع جهاز راديو، ولكنهم يتجمعون لدى أقاربهم».
وفي هذه المنطقة الفقيرة، يخصص قسم كبير من البرامج للتعليم والصحة، كما تقول باولا الايطالية، لكن «المستمعين مهتمون كذلك بالطبع بأخبار» الانتخابات. وتدير شبكة اذاعة جنوب السودان الكاثوليكية 7 محطات اذاعية محلية، ونظمت منذ بدء الحملة الانتخابية برنامجا بعنوان: اعرف بلدك، اختر مسؤوليك. ويقول جان كلود لابريك كذلك «اعددنا برامج خاصة خلال فترة التسجيل (على قوائم الانتخابات) وشهدت تجاوبا كبيرا. كان الناس يأتون إلينا ويقولون: سمعنا على ميرايا وجئنا لنسجل أسماءنا».
ولكن لاتزال المحطات الإذاعية بحاجة الى الكثير من العمل. فالبرامج التي تبث بالإنجليزية والعربية لا تصل الى مجمل السكان الذين يتحدثون لغات مختلفة، كما ان مجال تغطيتها محدود، حيث تغطي دائرة شعاعها 100 كلم. لكن العمل جار على قدم وساق لتطوير هذه الوسيلة الإعلامية التي تعززت بعد الحرب.
واقرأ ايضاً:
مأساة پولندية: مصرع الرئيس كاتشينسكي وكبار قادته بتحطم طائرته في روسيا
محللون: إسرائيل سادس قوة نووية عالمية
غزة تغرق في الظلام وتوقف محطة الكهرباء الوحيدة
مصر تدعو الدول العربية للعودة إلى العراق
الغرب يحاول إقناع 9 دول في مجلس الأمن لبحث العقوبات على إيران بعد أن أقنع الصين
تايلند: «القمصان الحمر» يطالبون رئيس الوزراء بالرحيل وحلّ البرلمان فوراً
قرغيزستان: تشييع قتلى الانتفاضة .. وواشنطن تعلّق الرحلات بقاعدتها الجوية
مقتل 45 شخصاً بقصف جوي على مواقع للمتشددين في خيبر