بعد استباحتها القدس المحتلة وتصعيد سياسات التهويد في العاصمة المقدسة، تقترب اسرائيل من تنفيذ أكبر عملية تهجير قسري منذ النكسة مع دخول أمر عسكري إسرائيلي بطرد عشرات آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية حيز التنفيذ غدا، بادعاء أنهم «متسللون» قدموا إلى الضفة من قطاع غزة أو خارج البلاد.
وكشفت صحيفة هآرتس أمس عن أن الأمر العسكري وقعه قائد قوات الجيش الإسرائيلي في الغربية اللواء غاد شمني في 13 أكتوبر من عام 2009 على أن يدخل حيز التنفيذ بعد 6 اشهر أي غدا.
ويتيح الأمر العسكري للسلطات الإسرائيلية طرد ومحاكمة عشرات آلاف الفلسطينيين بـ «تهم» تصل أحكامها الى 7 سنوات سجن فعلي وفور بدء سريان مفعول الأمر العسكري غدا سيتحول عشرات آلاف الفلسطينيين في الضفة بشكل آلي إلى مخالفين للأمر العسكري ومرشحين للمحاكمة وعقوبة الطرد والسجن.
وذكرت هآرتس أنه بالاستناد إلى أنشطة وقرارات سلطات الأمن الإسرائيلية خلال السنوات العشر الأخيرة فإنه بالإمكان الاستنتاج أن المجموعة الأولى من الفلسطينيين الذين سيوجه ضدهم الأمر العسكري هم أولئك الذين مكان إقامتهم المسجل في بطاقات هوياتهم هو قطاع غزة أي مواليد غزة أو أولادهم الذين ولدوا في الضفة.
كذلك سيكون ضمن المجموعة الأولى التي يستهدفها الأمر العسكري الفلسطينيون الذين ولدوا في الضفة أو خارج البلاد ولسبب ما فقدوا مكانتهم في المواطنة أو هم أزواج أجانب لفلسطينيين.
التعريف العسكري
ويعرف الأمر العسكري «متسلل» كل من دخل إلى الضفة «بصورة غير قانونية» أو «من يتواجد في المنطقة ولا يحمل تصريحا بذلك» وبذلك يوسع الأمر العسكري بشكل كبير التعريف الذي اتبعته السلطات الإسرائيلية في الأمر العسكري الذي أصدرته في العام 1969 والذي كان يسري على من قدموا إلى الضفة من دول كانت تعتبرها إسرائيل «عدوة» وقتئذ وهي الأردن ومصر وسورية ولبنان.
وقالت الصحيفة إنه على عكس قوانين الكنيست، فإن عملية وضع الأوامر العسكرية تمت في الغرف المغلقة في معسكرات الجيش الإسرائيلي وحتى لدى نشرها يتم إخفاء تفاصيل كثيرة منها ومن دون لفت الأنظار إليها.
وكان «مركز الدفاع عن الفرد» وهو مركز إسرائيلي لحقوق الإنسان أول المنظمات الحقوقية الذي التفت لهذا الأمر العسكري قبل أسبوعين.
وبعثت مديرة المركز داليا كيرشتاين برسالة إلى قائد الجبهة الوسطى في الجيش الإسرائيلي أفي مزراحي طالبت فيها بوقف تنفيذ الأمر العسكري «بسبب التغييرات الدراماتيكية التي يحدثها فيما يتعلق بحقوق الإنسان حيال عدد هائل من الأفراد».
وجاء في الأمر العسكري أن «الشخص المتسلل هو المتواجد في المنطقة من دون شهادة أو تصريح يدلان على تواجده في المنطقة بصورة قانونية ومن دون مبرر معقول. و«شهادة أو تصريح قانوني» (هما) شهادة أو تصريح أصدرهما قائد قوات الجيش الإسرائيلي في منطقة يهودا والسامر (أي الضفة) أو من ينوب عنه».
وأكدت الصحيفة على أن الأمر العسكري «يتجاهل وجود السلطة الفلسطينية والاتفاقيات معها» التي وقعتها إسرائيل.
ووفقا للأمر العسكري فإنه في حال اكتشف قائد عسكري إسرائيلي أن «المتسلل دخل إلى المنطقة في الفترة الأخيرة» فإن إجراءات طرده ستكون سريعة للغاية خلال أقل من 3 أيام بشرط أن «يتم طرد المتسلل إلى الدولة أو المنطقة التي تسلل منها».
من جهته عقب ناطق عسكري إسرائيلي على تقرير هآرتس بالقول ان «التعديلات على الأمر (العسكري) بشأن منع التسلل والتي وقعها قائد الجبهة الوسطى تم نشرها في رزمة المناشير والأوامر والتعيينات لمنطقة يهودا والسامرة بالعبرية والعربية وسيتم نشرها في مكاتب الإدارة المدنية في منطقة يهودا والسامرة وغرف المحامين في المحاكم العسكرية في يهودا والسامرة». وهي التسمية التي تطلقها سلطات الاحتلال على الضفة الغربية. واضاف الناطق أن «الجيش الإسرائيلي جاهز لتطبيق الأمر العسكري الذي لا يتوقع أن يسري على إسرائيليين وإنما على المتواجدين غير القانونيين في يهودا والسامرة».
إدانة فلسطينية
في المقابل، أدان الفلسطينيون بشدة الأمر العسكري الإسرائيلي وحذروا من خطورة القرار واصفين إياه بأنه «شكل جديد للترانسفير والتهجير ويمهد لعملية تطهير عرقي جديدة».
فمن جانبها، اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأمر العسكري الجديد لسلطات الاحتلال باعتبار أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة من قطاع غزة أو غيرها «مقيمين غير شرعيين» أو «متسللين»، شكل جديد للترانسفير والتهجير وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين.
وقالت الجبهة في بيان صحافي أمس إن هذا القرار، هو قرار احتلالي جائر وباطل وغير قانوني وغير شرعي.
وأكدت أن جميع الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع والقدس وحدة جغرافية وسياسية واحدة وفق القانون الدولي جرى احتلالها عام 1967 وتنطبق عليها اتفاقيات لاهاي وجنيف والقانون الدولي والإنساني ولا يجوز لسلطة الاحتلال المس بوضعها أو تغيير طابعها الجغرافي والديمغرافي أو المس بسكانها وحقوقهم في التنقل والسكن.
وقالت الجبهة الشعبية إن ما تقوم به حكومة الاحتلال هو مثال على ما يسمى بالتسهيلات التي وعدت بها الإدارة الأميركية وحكومات الاحتلال المتعاقبة.
بدوره، أكد النائب مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية أن الأمر العسكري الإسرائيلي ينطوي على خطورة كبيرة لأنه يكرس نظام التمييز العنصري ويمهد لعملية تطهير عرقي جديدة ضد آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلة.