على وقع أصوات النيران ورائحة الدم اختتمت الانتخابات السودانية أعمالها امس، حيث أعلن حزب المؤتمر الوطني الحاكم مصرع تسعة من قيادييه في راجا بوحدة إدارية «تمساح» التابعة لمحلية راجا بغرب بحر الغزال بينهم رئيس الحزب بالمحلية حمدون جمعون، متهما جيش الجنوب بقتلهم.
وأكد رئيس حزب «المؤتمر الوطني» بولاية غرب بحر الغزال فليب تولا لشبكة «الشروق» السودانية أن عملية الاغتيال تمت بسبب مشادات كلامية على خلفية عمليات الاقتراع بالمنطقة.
بدوره، قال رئيس مكتب الجنوب في الحزب اجنيس لوكودو ان «بعض جنود جيش جنوب السودان جاءوا قبل 3 أيام الى منزل رئيس حزب المؤتمر الوطني في منطقة راجا الواقعة في ولاية بحر الغزال الغربية جنوبي السودان وقتلوه هو و8 اعضاء آخرين في الحزب».
واضاف لوكودو ان «سبب عمليات القتل هذه سياسي ويعود الى استياء ناتج عن تصويت الكثيرين في المنطقة لصالح حزب المؤتمر الوطني».
في المقابل، نفت الحركة الشعبية لتحرير السودان (المتمردة سابقا) والتي تسيطر على حكومة الجنوب ان تكون لجيش جنوب السودان أي علاقة في عمليات القتل.
ووصفت الحركة عملية القتل بـ «الجريمة العاطفية» اذ قالت سوزان جامبو رئيسة مكتب العلاقات الخارجية في الحركة ان «هذه الجريمة لها علاقة بزوجة، وهي قصة خصومة أدت الى إطلاق نار بين زوج وعشيق لا علاقة لها بالسياسة».
انتخابيا، اختتمت الانتخابات امس عملية التصويت التي استمرت 5 ايام، وبعد موجة من قرارات المقاطعة في كثير من أنحاء الشمال لم يعد للرئيس الحالي عمر حسن البشير منافس يذكر.
ومن المرجح أيضا ان ينتخب رئيس جنوب السودان وزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان سلفا كير رئيسا للجنوب شبه المستقل لفترة جديدة.
على صعيد متصل، أعلن مجلس الوزراء السوداني أمس عطلة رسمية في البلاد لتمكين المواطنين من الإدلاء بأصواتهم.
وينتظر أن تؤذن هذه الانتخابات، ببداية عهد جديد من الديموقراطية في بلاد تسعى للتعافي من آثار الحرب الأهلية التي استمرت عقودا بين الشمال، الذي تهيمن عليه أغلبية مسلمة، والجنوب ذي الأغلبية المسيحية، فضلا عن الصراع في إقليم دارفور غربي البلاد.
ورغم الاتهامات بحدوث انتهاكات واسعة إلا أن بعض المنظمات نفت ذلك، وقالت إن الأمور تسير «دون مشكلات كبيرة».
وصرح جان بينج رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي للصحافيين بأنه «في العموم، شعر المراقبون بان انتخابات السودان تجرى دون الكثير من الصعوبات»، كما أكد الحبيب كعباشي مدير الشؤون السياسية بمنظمة المؤتمر الإسلامي عدم انحياز مفوضية الانتخابات، وأن كل ما طبق في السودان «يعد قانونيا».
إلا هذه الانتخابات الرئاسية والبرلمانــية والبلدية لاتزال محل شكوك بسبب انسحاب مرشحي أحزاب المعارضة الرئيسية.
ورفض البشير الذي جاء إلى السلطة عقب انقلاب أبيض عام 1989، بشكل متكرر الانصياع لمطالب المعارضة بتأجيل الانتخابات وأكد مرارا أن الانتخابات ستكون لها مصداقيتها.
ويشار إلى ان أغلب النازحين داخليا (2.6 مليون سوداني) والذين يعيشون في مخيمات بإقليم دارفور، ليسوا مقيدين في القوائم الانتخابية.
ويقول العديد من المراقبين إنه جرى التلاعب بالفعل في عملية التصويت بالإقليم لصالح البشير وحزبه، «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم، عن طريق تقسيم الدوائر الانتخابية والرشوة والتلاعب في التعداد السكاني.
وأفاد محللون بأن الخرطوم تبذل محاولات مضنية لإضفاء الشرعية على رئاسة البشير، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور.
وأثارت الضجة السياسية بشأن الانتخابات القلق إزاء استفتاء بشأن استقلال الجنوب، كان قد تمت الموافقة عليه في اتفاق سلام عام 2005 والذي أنهى الحرب بين الشمال والجنوب ومن المقرر ان يجري في مطلع العام المقبل.
ولكن البشير هدد بإلغاء الاستفتاء اذا قاطعت الحركة الشعبية لتحرير السودان الانتخابات.
ويبلغ عدد المقيدين في الجداول الانتخابية في السودان حوالي 16.5 مليون شخص.