تحليل إخباري
واشنطن ـ أحمد عبدالله
قدم الديموقراطيون في مجلس النواب الأميركي مشروعهم المنتظر الذي يقضي بتجزئة تمويل القوات في العراق الى نصفين تقريبا، يصرف الأول فورا، ويؤجل الثاني حتى نهاية يوليو المقبل، على أن يشترط صرفه بتحقيق تقدم في العراق، وعلى أساس قياس هذا التقدم بمعايير محددة مسبقا.
ووافقت الأغلبية على المشروع، إذ حصل على دعم 221 عضوا فيما عارضه 205 أعضاء. وهكذا أرسل مجلس النواب الى مجلس الشيوخ مشروع القانون الذي رفضه الرئيس بوش وأوضح وزيرا الخارجية والدفاع كوندوليزا رايس وروبرت جيتس للأعضاء مخاطره على أداء القوات خلال وجودها تحت إطلاق النار في العراق. إلا أن مجلس الشيوخ لم يكن «على الموجة ذاتها». فقد تجنب زعيم كتلته الديموقراطية السيناتور هاري ريد إعطاء أي تصريح يدعم مشروع زملائه في مجلس النواب، واكتفى بدلا من ذلك بالقول إن المجلس ـ أي مجلس الشيوخ ـ سيبحث الصيغة المرسلة إليه ليرى ما ينبغي عمله.
ذلك أن ريد كان يتفاوض مع رئيس طاقم البيت الأبيض بوش بولتون ـ في نفس لحظة تصويت زملائه في مجلس النواب على القرار ـ حول صيغة مختلفة تماما لا تتضمن أي تجزئة للاعتمادات، ولكن تتضمن وضع معايير التقدم في نقاط مكتوبة بلغة واضحة لا تكتفي بعبارات عامة من قبيل «تحسن» الأوضاع، أو «جهود» العراقيين، أو «التراجع» في العنف.
لا جداول زمنية ولا تجزئة للإنفاق ولا تحديد واضحا لما يصفه ريد بـ «تبعات» عدم حدوث تقدم. ذلك أن المفاوضات الجانبية التي تجري الآن بين ريد وبولتون تدور حول نص يتضمن تحديد هذه التبعات ببدء انسحاب تدريجي للقوات دون تحديد موعد لذلك. ولكن البيت الأبيض لايزال يمانع في قبول ذلك.
بعبارة أخرى ستنتهي كل هذه الجلبة بقرار يقول إنه يتعين على حكومة نوري المالكي أن تقوم بكيت وكيت، وسيق ذلك «مقياسا» لحدوث تقدم. أما سؤال: ماذا لو لم تقم الحكومة العراقية بهذا الـ «كيت والكيت» فإن ريد يقول إن إجابته المنطقية هي إدراج نص يوضح أن القوات الأميركية لن تبقى طويلاً إذا لم تنفذ الحكومة العراقية التزاماتها، فيما يقول بولتون إنه لا مبرر لإدراج هذه العبارة.وقد ينتهي الأمر بادراجها دون تحديد موعد لذلك. أما الـ «كيت والكيت» فإنه على وجه الحصر ما قدمه المالكي لبوش في عمان في نوفمبر الماضي من تعهدات، ان إقرار قانون النفط وبدء عملية مصالحة بتطهير أجهزة الحكومة من العناصر الطائفية وحل الميليشيات والتصدي للقاعدة ورفع الحظر المفروض على صغار العاملين في النظام السابق باعتبارهم غير مسؤولين عن جرائم كباره.
ولكن لماذا قدم الديموقراطيون في مجلس النواب مشروعهم وأجازوه رغم أنهم يعرفون أنه سيذهب الى طريق مسدود في مجلس الشيوخ؟ لقد كانت نانسي بيلوسي تعرف بطبيعة الحال أن ريد يلتقي بولتون في الكواليس وأن هناك مشروعاً بديلاً يجري إعداده. لماذا أصرت إذن على المضي قدما بمشروعها الذي اعتمده مجلس النواب في ساعة متأخرة من ليل الخميس الماضي؟
ثمة سببان لذلك، الأول هو إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر السياسية بالإدارة عن طريق مواصلة الجلبة الحالية التي تجعل قضية الأزمة في العراق متصدرة كل نشرات الأخبار والنقاشات العامة في الولايات المتحدة. أما السبب الثاني فانه يرجع الى رغبة بيلوسي في الابقاء على وحدة الديموقراطية.
الصفحة في ملف ( pdf )