توالت وتباينت ردود الفعل الدولية على إقرار مجلس الأمن الدولي حزمة العقوبات الرابعة على ايران بسبب برنامجها النووي وحمل القرار رقم «1929»، لكن اتجاه موسكو لتجميد بيع أنظمة صواريخ اس 300 لطهران فرض نفسه بقوة، لكونه يتناقض مع تأكيدات سابقة بأنه لا يوجد شيء سيؤثر في تسليم الصواريخ الروسية لإيران، وهذا التجميد جاء ليدعم فكرة تخلي موسكو عن حليفتها طهران بتصويتها لصالح قرار «1929» ضد ايران، وكذلك الصين التي تعرضت لاتهامات إيرانية «بالكيل بمكيالين». وقد أفاد مصدر في الجهاز الفيدرالي الروسي للتعاون العسكري بأن «قرار مجلس الأمن الدولي يجب ان تطبقه كل الدول، وروسيا ليست استثناء. لهذا السبب، تم تجميد عقد تسليم صواريخ ارض جو من طراز اس ـ 300 لإيران».
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية اندريه نسترينكو عاد وقال في ايجاز صحافي ان هذه المنظومات لا تقع ضمن القيود على التسلح التي فرضها قرار مجلس الامن الدولي رقم 1929 الخاص بالعقوبات الاضافية ضد ايران.
وحذر نسترينكو من ان بلاده ستتخذ اجراءات مضادة في حال قيام أي دولة بفرض عقوبات على ايران خارج اطار مجلس الامن الدولي وبما يمكن ان يمس بمصالح الافراد او المؤسسات الروسية.
من جهته اكد رئيس ادارة التعاون العسكري والتكنولوجي ميخائيل دميتريف في تصريح صحافي ان القرار الدولي لا يلزم بلاده بعدم تزويد ايران بمنظومات (اس 300). من جانبه، حرص رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على تبرير رفض بلاده الموافقة على عقوبات جديدة اقرها مجلس الامن ضد ايران، مؤكدا ان تأييد العقوبات كان سيكون «معيبا» لأنقرة. وقال اردوغان «لو لم نقل لا، لكان يمكن ان يعتبر ذلك تنكرا للذات وتنكرا لتواقيعنا»، في اشارة الى توقيع بلاده والبرازيل وايران في منتصف مايو اتفاقا على تبادل الوقود النووي الايراني، لكن البلدان الغربية لم ترحب بهذا الاتفاق. وشدد اردوغان في كلمة ألقاها في منتدى ديبلوماسي واقتصادي تركي ـ عربي في اسطنبول، على ان التصويت على عقوبات ضد ايران «كان يمكن ان يكون تصرفا معيبا». وأضاف «لا نريد ان نكون شركاء في هذا الخطأ، لأن التاريخ لن يغفر لنا».
وأوضح اردوغان ان تركيا مازالت تؤيد دائما حلا ديبلوماسيا لملف ايران التي تشتبه البلدان الغربية في انها تصنع السلاح النووي، منتقدا قرار مجلس الامن تبني رزمة جديدة من العقوبات وتساءل اردوغان «لماذا العقوبات؟ لماذا هذا الاستعجال؟».
هل من مزيد؟
في المقابل كانت إسرائيل أكبر المرحبين بالقرار إذ أشاد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بعقوبات الأمم المتحدة على ايران ووصفها بأنها «خطوة ايجابية» ودعا لإجراءات اضافية ضد قطاع الطاقة الإيراني.
وقال نتنياهو «نأمل ان تلي هذه الخطوة الايجابية قرارات حاسمة من دول اخرى تشمل عقوبات تستهدف قطاع الطاقة الايراني».
واضاف «يحذر هذا القرار إيران من ان الدول القيادية في العالم تعارض برنامجها النووي». وتابع «اكبر تهديد للسلام هو أن اخطر أنظمة العالم تسلح نفسها بأخطر الأسلحة».
أما الموقف الفرنسي فعبر عنه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في مونتريال معتبرا ان العقوبات الجديدة لا تعني «رفضا للحوار» بل «على العكس انها تأكيد لضرورة الحوار».
واضاف ان «هذا الأمر تم التعبير عنه بوضوح في الرسالة التي وجهها وزراء مجموعة فيينا (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا) الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ردا على الاتفاق بين ايران وتركيا والبرازيل.
من جهتها، كررت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون عرضها لقاء مسؤولين ايرانيين لإيجاد حل لبرنامج طهران النووي المثير للجدل رغم العقوبات الدولية الجديدة المفروضة عليها.
وقال المتحدث باسم اشتون «تبني القرار الذي يعكس قلق الأسرة الدولية من برنامج ايران النووي يترك الباب مفتوحا لمواصلة الحوار» بين ايران والدول الـ 6 المكلفة بملف ايران.
واضاف ان «العقوبات لا تشكل المرحلة الاخيرة او الحل النهائي» للمشكلة و«نأمل في ان يساهم في إعادة إيران الى طاولة المفاوضات».
وأكد وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني ان العقوبات «يجب ان تستخدم لإعادة إيران الى طاولة المفاوضات».
وعبرت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عن موقف اكثر تشددا، مؤكدة ان «العالم سيتأكد من ان ايران لن تمتلك أبدا سلاحا نوويا».
عقوبات جديدة
من جانبهم، أعلن نواب عديدون في الكونغرس الاميركي بعد فرض مجلس الأمن الدولي العقوبات الجديدة، انهم مصممون على وضع اللمسات الاخيرة على مشروع قانون في هذا الصدد لايزال قيد الإعداد في الكونغرس.
وقال زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس النواب ستيني هوير في بيان «مازلت ملتزما بأن أحيل الى الرئيس اوباما رزمتنا الخاصة المشددة من العقوبات خلال اسبوع 21 يونيو حين نقر مشروع القانون».
لكن النائبة ايليانا روس ليتينن زعيمة الكتلة الجمهورية في لجنة الشؤون الخارجية لم يعجبها القرار ووجهت انتقادا شديدا الى العقوبات الدولية معتبرة انها غير كافية، وتساءلت «هل انتظرنا اكثر من عام من اجل هذا القرار الضعيف؟».
واعتبرت النائبة الجمهورية ان «هذا القرار المليء بالثغرات لن يوقف مسيرة ايران نحو السلاح النووي»، موضحة ان «على كونغرس الولايات المتحدة ان يفرض فورا عقوبات تؤدي الى شل قدرات ايران انها فرصتنا الاخيرة».
خفض العلاقات
وردا على كل ذلك، أعلن امس أن مجلس الشورى الايراني يعتزم مراجعة العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونقل التلفزيون الرسمي في ايران عن علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في المجلس قوله إن تلك الخطوة تأتي ردا على القرار الدولي الأخير بشأن فرض مزيد من العقوبات على طهران.
ولم يحدد بروجردي ـ وفقا لراديو «سوا» الأميركي ـ الخيارات المطروحة امام ايران في هذا الشأن، لكن بعض المراقبين رجحوا ان تشمل تلك المراجعة منع المفتشين الدوليين من دخول المنشآت النووية الايرانية.
في غضون ذلك، وصل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد امس الى الصين غداة تصويتها بعد تحفظ طويل مع القرار «1929»، وهو ما انتقده رئيس الوكالة الايرانية للطاقة النووية علي اكبر صالحي بشدة قائلا «فاجأتني الصين التي تقبل هيمنة «الولايات المتحدة» محذرا من ان هذا «الموقف ستكون له بالتأكيد مضاعفات في العالم الإسلامي».
واضاف ان الصين «ستفقد تدريجيا مكانتها في العالم الإسلامي وعندما تستيقظ سيكون فات الأوان».
كما اتهم صالحي الصين بانتهاج سياسة «الكيل بمكيالين»، مشددا على ان بكين تدافع عن كوريا الشمالية التي انسحبت من معاهدة الحد من الانتشار النووي بينما ايران مازالت عضوا فيها.