انعكست حرارة الجو المتصاعدة الى ارقام قياسية في العراق، حماوة سياسة دفعت المرجع الاعلى في العراق علي السيستاني الى التحذير من حدوث أزمة سياسية كبيرة تستدعي تدخل المرجعية لحلها. وترافق ذلك مع استياء شعبي غير مسبوق في البصرة أدى لقتل شخص وجرح اثنين آخرين على الاقل خلال مظاهرة منددة بالنقص الحاد في الكهرباء.
وفي خطوة لعلها تبرد هذه الحماوة السياسية، علمت «الأنباء» من مصادر عراقية مطلعة ان مساعد وزيرة الخارجية الاميركي جيفري فيلتمان وخلال جولته الأخيرة على قادة الكتل السياسية، دعا كلا من زعيم ائتلاف دولة القانون رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي وغريمه رئيس القائمة العراقية اياد علاوي الى الاتفاق بينهما لتشكيل الحكومة المقبلة. ونقلت المصادر عنه ان التيار الصدري سوف يؤيد المالكي.
وكشفت المصادر ان فيلتمان اقترح مخرجا للأزمة يكمن في منح المالكي رئاسة الحكومة، مقابل منح علاوي رئاسة الجمهورية. ونقلت المصادر عن فيلتمان ان الاميركيين كفيلون باقناع الاكراد بهذه الصفقة.
الحماوة السياسية التي يعززها فراغ حكومي متواصل منذ اجراء الانتخابات النيابية قبل نحو اربعة أشهر، أثارت مخاوف المرجع الديني السيستاني من أزمة سياسية حقيقية لا يمكن حلها الا بتدخل المرجعية، التي أعلنت في الوقت نفسه وقوفها على الحياد من جميع الكتل البرلمانية.
وقد نقل راديو «سوا» الأميركي أمس عن المتحدث الرسمي باسم السيستاني حامد الخفاف قوله إن المرجعية لن تدعم أحدا من المرشحين لمنصب رئاسة الوزراء كما أنها لا تضع فيتو على أي منهم.
وأضاف الخفاف أن المرجعية تأمل التوصل إلى تشكيل حكومة قادرة على حل مشاكل البلد في وقت قريب، وألا تحدث أزمة سياسية كبيرة تستدعي تدخل المرجعية الدينية لحلها.
وأوضح الخفاف أن السيستاني أكد لجميع زواره من السياسيين ومنهم وفد «العراقية» الذي وصف لقاءه به بـ «الطيب للغاية» أن تشكيل الحكومة يخضع للحوار بين الكتل السياسية، وفقا للآليات الدستورية.
من جهته، قال نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي إن المعضلة التي تؤخر تشكيل الحكومة العراقية هي الترويج لمخاوف مزعومة نشطت فيها دولة جارة ـ في إشارة إلى إيران ـ حول هوية وحقيقة مرامي القائمة العراقية، وذلك رغم أن تاريخ وإرث قادتها معلوم بما يقطع الشك حول الاتهامات المغرضة التي روجت على نطاق واسع. وقال الهاشمي، في حوار مع صحيفة «العرب اليوم» الأردنية الصادرة أمس: البعض لا يريد حكومة عراقية تتبنى نهجا وطنيا عراقيا خالصا، مؤكدا أن التدخل الإيراني حقيقي ووصل إلى مفاصل حاكمة في الدولة العراقية.
أما رئيس ائتلاف القائمة العراقية ـ رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، فقد أكد ان هناك محاولات لاغتياله واتهم الحكومة العراقية بعدم اتخاذ أي إجراءات لحمايته.
وأشار علاوي في مؤتمر صحافي عقده في مقر القائمة العراقية ببغداد أمس الى انه تسلم قبل شهرين من موعد الانتخابات التي أجريت في مارس الماضي «رسالتين من القوات متعددة الجنسيات أعقبتها رسالة من وزير الدفاع العراقي عبدالقادر العبيدي إضافة إلى رسائل مماثلة من دول صديقة وشقيقة فحواها وجود محاولات لاغتياله بقنبلة».
وأضاف «كنت أتوقع تسلم تحذيرات من الحكومة العراقية بشأن محاولة الاغتيال وليس من القوات الأميركية لكن الحكومة العراقية لم تتخذ أي إجراء لحمايتي بل منعتني من استخدام قاعدة الطيران المخصصة لسبع شخصيات عراقية هم إضافة لي رئيس الجمهورية ونائباه ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري».
وأوضح أنه فوجئ قبل يومين بمنع هبوط طائرته الشخصية في مطار المثنى من قبل الحكومة العراقية لأسباب مجهولة، لافتا الى أن القوات متعددة الجنسيات تدخلت في الأمر وسهلت عملية هبوط الطائرة في المطار المذكور.
وفيما ينشغل الساسة العراقيون في سباقهم على رئاسة الحكومة، قتل شخص وجرح اثنان آخران عندما أطلقت قوات الأمن النار في الهواء أمس لتفريق تظاهرة قام بها آلاف من سكان البصرة امام مجلس المحافظة احتجاجا على النقص الحاد بالطاقة الكهربائية، حسبما ذكر مصدر في الجيش العراقي.
ورشق المتظاهرون الغاضبون ديوان مجلس المحافظة بالحجارة مطالبين بإقالة وزير الكهرباء ومحافظ المدينة الغنية بالنفط.
وقد رفعوا لافتات كتب عليها «لا نريد النفط ولا الدواء نريد الماء والكهرباء» و«جماهير البصرة تطالب المرجعية العليا بتوفير الخدمات للمواطنين».
وحذر المتظاهرون من ان تحركاتهم «اليوم سلمية وغدا حربية» في اشارة الى التظاهرة، واخرى باللهجة العراقية «يا محافظ شيل ايدك (اي ارفع يدك) اهل البصرة ما تريدك».
فما كان من حراس مجلس المحافظة الا ان اطلقوا النار في الهواء لتفريق المتظاهرين، لكن ذلك ادى الى مقتل متظاهر وجرح اثنين آخرين بجروح، بحسب مصدر في الجيش.