- تجربة مجلس التعاون لا تخلو من سلبيات لكن وصوله إلى ثلاثين عاماً من دون هزات تؤثر على مسيرته دليل على النجاح
- الموقف التركي شجاع وسيساهم في إحداث تغيير كبير في المنطقة
- لكل حرب تكاليفها وهناك أكثر من حل ديبلوماسي لقضية فلسطين
- إيران جارة ذات سيادة لها حق الالتحاق بالنادي النووي السلمي وعلاقات الخليج معها يمكن أن تبقى دون تأثرها بأي أزمة
ناصر الخالدي
بخبرة الديبلوماسي الكبير يتابع أوضاع المنطقة ويحللها بكل دقة ويجيب عن الأسئلة التي تطرح عليه بكل صدق وحيادية، اكد ان ما تعرض له اسطول الحرية على ايدي الكيان الصهيوني عمل مشين ارتكب ضد مجموعة من شرفاء العالم، وثمن الدور الكويتي الشجاع على المستويين الشعبي والحكومي من اسطول الحرية، كما بين المطلوب من الدول الخليجية والعربية لكسر الحصار الجائر على غزة، منهيا حواره مع «الأنباء» بتوجيه رسالة الى اهالي قطاع غزة المحاصر بقوله «أهالي غزة هم أهلنا ولا يمكن أن نتخلى عنهم مهما تكن الظروف» انه سفير دولة قطر لدى جمهورية مصر العربية صالح عبدالله أبوالعينين .. وإلى تفاصيل اللقاء:
ما رأيك فيما تعرض له أسطول الحرية من قبل الكيان الصهيوني؟
لا شك أن هذا العمل أدين من قبل الكثير من دول العالم وهو عمل مشين ارتكب تجاه مجموعة من الشرفاء في العالم لا ذنب لهم سوى سعيهم للسلام وحرصهم على المشاركة في كسر الحصار الذي فرض على أهالي غزة بكل جور فمنذ أربع سنوات وغزة تحت الحصار فهل يعقل ذلك؟
برأيك ما المطلوب من الإعلام العربي تجاه ما يجري هذه الأيام؟
أعتقد أن الإعلام العربي له دور كبير فلابد من التأكيد عبر كافة وسائل الإعلام على أن العمل الذي تعرض له أسطول الحرية هو عمل إرهابي يتنافى مع مفهوم الإسلام ويتعارض مع الحرية، إضافة إلى أنه لابد من العمل الجاد على نشر قضية فلسطين دون توقف.
كيف رأيت الموقف الكويتي بإرسال وفد للمشاركة في أسطول الحرية؟
الحقيقة لا نستغرب موقف الكويت الشقيقة المشرف على المستويين الحكومي والشعبي، فالكويت دائما لها مبادرات محمودة واعتقد أن موقف الكويت في إرسال وفد لمرافقة أسطول الحرية موقف شجاع جدير بأن يحظى بالتقدير خصوصا مع وجود النائب د.وليد الطبطبائي الذي يتمتع بحصانة برلمانية واعتقد أن هذا دليل على أن الكويت لا تتأخر في دعم أي عمل لمصلحة الدول العربية كما نشيد بدور الإعلام الكويتي.
الكل يترقب القرارات العربية تجاه ما حدث.. فما المطلوب من الدول العربية؟
اعتقد أن المطلوب من الدول العربية في هذا الوقت، هو أن تتحمل كل دولة مسؤوليتها وعليها الا تنظر نظرة محدودة فالمسائل المطروحة على الوطن العربي يجب أن ينظر إليها نظرة جماعية بحيث يتم توزيع الأدوار لتأدية الأغراض المطلوبة وحتى يكون الموقف العربي موحدا.
احتواء الخلافات العربية
ثمة خلافات عربية تعرقل توحيد المواقف برأيك كيف يمكن حل هذه الخلافات؟
الاختلاف بوجهات النظر أمر لابد منه ولكن ليطرح كل طرف ما عنده ويستمع للطرف الآخر وبعد ذلك لابد من الاستفادة من كل رأي فاحتواء الخلافات العربية يجعل لنا مكانة قوية لأن منظرنا الحالي يرثى لحاله وهذا كله بسبب عدم اجتماع القرار العربي ودعمه ماديا أو معنويا أو إعلاميا أو قانونيا.
الموقف التركي كان متميزا.. كيف ترى هذا الموقف؟ وكيف يمكن الاستفادة من الجانب التركي لدعم القضايا العربية؟
الموقف التركي موقف شجاع واعتقد انه سوف يساهم في تغيير كبير في المنطقة خاصة أنه يأتي من دولة في الحلف الأطلسي لها علاقات قوية مع إسرائيل وأميركا والعالم العربي بشكل كبير واعتقد أن الموقف التركي سيكون له دور كبير في دعم القضية الفلسطينية ولابد من الجانب العربي أن يقوي علاقاته مع تركيا وأعتقد أن المنتدى التركي ـ العربي جاء في الوقت المناسب.
من خلال موقعك كسفير لدولة قطر ما الدور الذي تقوم به دولة قطر لدعم القضية الفلسطينية؟
دولة قطر حرصت دائما على دعم القضايا العربية كافة بكل شكل من الأشكال وبعد ما تعرض له أسطول الحرية من عمل إرهابي عقد بناء على طلب من دولة قطر اجتماع وزاري، واصدر هذا الاجتماع بيانا أو قرارا وزاريا لخص كل الإجراءات التي سوف تتخذ من الجانب العربي لكسر هذا الحصار ومن المبادرة العربية المطروحة للسلام، ولهذا نقول ان دولة قطر لا تتخلى عن أي عمل مشترك وهي طرف أساسي في العمل العربي المشترك وقد قدمت معونة مالية لمطاردة هؤلاء المجرمين قانونيا وإعلاميا وسوف تخلق آلية بالتنسيق مع جامعة الدول العربية لملاحقة المجرمين
وما رأيك في الموقف المصري لإدانة الحصار الجائر على غزة؟
أعتقد أن مصر تلعب دورا كبيرا في دعم القضية الفلسطينية ولابد من الإشادة بتحملها مسؤولية كبيرة من خلال فتح معبر رفح الحدودي لتوصيل المساعدات وهذه خطوة يجب أن تتم الإشادة بها.
رسالة توجهها لأهالي غزة؟
الحقيقة أهالي غزة هم أهلنا ولا يمكن أن نتخلى عنهم مهما كانت الظروف وقضيتهم هي قضيتنا ولهذا نعدهم بمواصلة العمل من اجلهم والأيام القادمة ستكون حافلة بالكثير من القرارات التي من شأنها العمل على فك الحصار الجائر.
ما ابرز القضايا التي تجدها عالقة في الوطن العربي؟
الوطن العربي مليء بالقضايا المهمة وكل قضية تأخذ اهتمامها بحسب تداعياتها ولهذا تظل القضية الفلسطينية كما كانت محل اهتمام القادة والسياسيين العرب لأنه مضى وقت طويل وأهلنا في فلسطين مازالوا يعانون وأعتقد انه آن الأوان أن تجد هذه القضية حلا فلا يخلو لقاء ديبلوماسي او سياسي من تناول القضية الفلسطينية وكل القضايا العربية يجب أن تجد إجماعا عربيا لحلها وحان الوقت لأن نترابط حتى ينظر لنا العالم كما ينبغي.
ماذا لو لم يكن غير الحرب خيار لإنهاء القضية الفلسطينية كيف تجد الوضع؟
المقاومة حق مشروع حسب اتفاقية جنيف بأن المحتل لابد من مقاومته وإسرائيل تمارس الاحتلال بأقسى صوره ضد الشعب الفلسطيني أما الحرب والمواجهة بين دول الوطن العربي وإسرائيل فأعتقد أن أي حرب لها تكاليفها ومن السهل الدخول في الحرب لكن الصعوبة تكمن في الخروج منها والآن هناك أكثر من حل لقضية فلسطين بشكل ديبلوماسي.
وماذا عن مبادرة السلام العربي وهل تجدها فاعلة؟
مبادرة السلام العربي هي الورقة الوحيدة المطروحة لحل القضية الفلسطينية وهي من الحلول التي عليها شبه إجماع لما تحتوي عليه من بنود والآن هناك اتجاه بدعمها بشكل أكبر للوصول إلى حل.
البعض يتهم جامعة الدول العربية بأنها حتى هذه اللحظة لم تفعل شيئا فما ردك على ذلك؟
الجامعة العربية ومن خلال تجربتي في العمل فيها أعتقد أن هناك جهودا تبذل في الجامعة ولكن علينا أن نعرف ان الجامعة لا تفرض حلا إنما الدول العربية هي التي تفرض الحلول وعلى الجامعة متابعتها ولا شك ان الجامعة تلعب دورا كبيرا في تنفيذ كثير من القرارات التي يتم الاتفاق عليها بين الدول العربية.
الوطن العربي بقعة تطمع بها كثير من الدول برأيك ما أبرز التحديات التي تواجهها دول المنطقة؟
الوطن العربي سيبقى رقما صعبا في العملية السياسية خصوصا انه يمتد جغرافيا وبه تاريخ حافل وطويل ولكن عليه أن يعمل دائما على الانفتاح مع العالم وان تكون لديه أهداف واضحة وخطط مكتوبة ومدروسة لأن مشكلتنا الكبرى تكمن في عدم وجود أهداف واضحة في بعض الأحيان.
اليوم في ظل الأزمة الإيرانية بخصوص الملف النووي كيف تجد مستقبل دول الخليج ومدى تأثرها بهذه الأزمة؟
أعتقد أن دول الخليج انعم الله عليها بخيرات عديدة وثروات كبيرة كما أنعم الله عليها بقادة لهم نظرات ثاقبة وشعوب مترابطة ومتماسكة ولهذا يمكن أن تظل علاقات دول الخليج مع إيران كما هي الآن دون أن تتأثر من أي قرار أو أزمة وإيران دولة ذات سيادة ودولة جارة لدول الخليج ومن حق إيران أن تلتحق بالنادي النووي مثل غيرها من دول العالم طالما أن أغراضها سلمية حسب ما تقول.
ولكن ما الحل للخروج من أزمة الملف الإيراني وهل تتوقع حدوث حرب عسكرية لو استمرت إيران بمشروعها النووي؟
الحل سيكون بالتفاوض والديبلوماسية واعتقد أن العالم حريص على إنهاء هذا الملف ومن الممكن الخروج من هذه الأزمة لان الخيارات كثيرة وبالتالي لا مبرر لخيار الحرب العسكرية والتي بطبيعة الحال لن تكون سهلة.
تجربة مجلس التعاون
كيف تقيم تجربة مجلس التعاون الخليجي؟
تجربة مجلس التعاون تجربة رائعة ولها إيجابيات كثيرة وكل تجربة لا تخلو من السلبيات لكن وصول مجلس التعاون لثلاثين عاما دون هزات تؤثر بمسيرته فهذا دليل على النجاح وشاهدنا الإنجازات الأخيرة مثل الاتفاقية الجمركية لتبادل السلع وإدخالها بين دول الخليج دون جمارك وهي خطوة رائعة إضافة إلى جوانب اقتصادية وسياسية وثقافية أخرى ومجلس التعاون الخليجي مصدر قوة لدول الخليج.
تتعارض الآراء في دول الخليج حول مشروع توحيد العملة فهل يؤثر ذلك على عملية الوحدة واجتماع القرار؟
توحيد العملة عمل غير بسيط ومن حق كل دولة أن تبدي رأيها لان التحفظ حق مكفول لكل دولة ولا يؤثر اعتراض أو تحفظ بعض الدول على مشروع توحيد العملة باجتماع القرار الخليجي وعلينا أن نكون واقعيين فاليوم المصالح تقول كلمتها الفصل وكل دولة تسعى للتحرك وفق مصلحتها.
شاهدنا دولة قطر في الآونة الأخيرة تقوم بمبادرات من أجل حل الكثير من القضايا العالقة هل ترى هذه المبادرات بحثا عن زعامة أم إحساسا بالمسؤولية؟
الجهود التي قامت بها دولة قطر لحل الكثير من القضايا والمبادرات التي قامت بها يجب أن لا تفهم بشكل خاطئ لأن العالم اليوم أصبح قرية صغيرة فإذا كل دول الخليج لن تتحرك فمن يتحرك؟ ونحن لا نقبل أن تحل قضيانا من الخارج وأعتقد أن كل ما تقوم به دولة قطر بإشراف ومتابعة صاحب السمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وسمو ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل خليفة هو جهد مكمل لجهود الدول العربية وهذا يأتي من واقع الإحساس بالمسؤولية والحرص على تقديم عمل مثمر ولا يخفى على أحد أن المبادرات تكاليفها المادية والمعنوية وكل هذا من أجل دعم استقرار الوطن العربي.
مؤخرا كنت أحد المشاركين في ندوة اسطنبول.. حدثني كيف ترى تركيا في ظل قيادة الحزب الإسلامي؟
من سنوات وأنا أتابع هذه الدولة الطامحة لمستقبل مشرق فتركيا في السنوات الخمس الماضية وبقيادة الحزب الإسلامي الحاكم استطاعت أن تجد ضالتها لتكون دولة مؤثرة وهي دولة لها تاريخها ولها بصماتها الواضحة ولها علاقات واستثمارات كبيرة في الوطن العربي وأعتقد أن تركيا بموقفها الأخير من خلال المحاولة الجادة لفك الحصار عن غزة أثبتت ان علاقتها مع الدول العربية جيدة وبالتالي من الضروري أن تستثمر هذه الرسالة بشكل إيجابي.
تجارب ومبادرات لم تتوقف
لم يخل لقائي مع سعادة السفير صالح ابو العينين من بعض الأحاديث الجانبية فاللقاء استمر لأكثر من ساعتين لنتحدث عن الكويت، فالسفير القطري لم يزر الكويت إلا مرة واحدة كانت في عام 1974 مشيدا بالتجارب الكويتية والمبادرات الكويتية التي لم تتوقف يوما من الأيام.
لمحة عن حياة السفير
في لبنان، حيث الطبيعة الخلابة والحراك السياسي المستمر، كانت دراسته وتحديدا في التاريخ الذي يعتبره جزءا من شخصيته. وبعد التخرج التحق بالركب الديبلوماسي لتبدأ الرحلة من سلطنة عمان، هناك أخذ أول دروس العمل الديبلوماسي لينتقل إلى موريتانيا، تجربة حملت الكثير انتهت ليجد نفسه في باريس حيث الثقافات المتعددة، ومنها إلى جنيف ثم إلى تونس الخضراء ومنها إلى النمسا، لكن تجربة العمل في الصين ولمدة 6 سنوات كانت الأبرز في المسيرة الديبلوماسية. مشاهدات كثيرة وذكريات عديدة وصلت محطتها الأخيرة لينتقل إلى هولندا حيث أنشئت سفارة قطر في هولندا ليصبح أول سفير قطري في هولندا، والآن سفيرا في مصر.
الشخص المناسب في المكان المناسب
خلال اللقاء مع السفير القطري صالح ابوالعينين أشاد بجهود الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عـــبدالرحمن بن حمد العـــطية قائلا إن هذا الرجل هو الشخص المناسب في المــكان المناسب وجهوده أثمرت الكثير من الإنجازات.