واشنطن ـ أحمد عبدالله والوكالات
يبدو أن لعنة إقالة الجنرال ستانلي ماكريستال من قيادة القوات الاميركية وبالتالي قوات حلف شمال الاطلسي العاملة في افغانستان «ايساف» بدأت تطول قوات التحالف بشكل ينذر بانهيارها ما لم يتم تدارك التداعيات، إذ وعلى الرغم من الاعلانات المتكررة الصادرة من واشنطن والتي تؤكد ان القائد الجديد الجنرال ديفيد بترايوس سيواصل تطبيق الاستراتيجية التي وضعها سلفه، فإن الدول الاعضاء أعربت بصورة غير مباشرة عن عدم ثقتها فيما أعلنته الولايات المتحدة.
فقد توالت في ظرف ساعات قليلة بيانات عدد من الدول التي تشارك بأعداد كبيرة نسبيا من القوات في افغانستان تعلن عن مواعيد جديدة لسحب قواتها من هناك وذلك في اعقاب اقالة ماكريستال. وعزا المراقبون في واشنطن ذلك الى ان قيادات الدول التي تحدثت عن انسحابها رأت في واقعة الجنرال ماكريستال ذريعة ملائمة للاستجابة لضغوط الرأي العام بها، لاسيما ان الشارع الاوروبي رأى في تلك الواقعة دليلا على ان «الاميركيين يتشاجرون فيما بينهم» وان على أوروبا الانسحاب حسب قول قناة «فوكس نيوز» الاخبارية الاميركية.
مواعيد انسحاب
فبعد أن أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اول من امس انه يرغب في سحب قواته من افغانستان في غضون خمسة اعوام، اعلنت پولندا انها وضعت جدولا زمنيا لبدء سحب قواتها من الحرب الافغانية بعد عامين فقط.
وسبق ذلك بيوم واحد اعلان الحكومة الكندية عن استعدادها لمغادرة افغانستان العام المقبل، مع الابقاء على مدربين لمساعدة القوات الافغانية فحسب.
فضلا عن ذلك فإن هولندا اعربت عن خطة لإخراج آخر جنودها من افغانستان بحلول شهر اغسطس المقبل.
ومما سيعزز المخاوف الاوروبية والغربية عموما، ما كشفت عنه مصادر عسكرية مطلعة على ملف الحرب في أفغانستان من أن الجنرال بترايوس، سيقوم بمراجعة شاملة لكل المعايير العسكرية المطبقة في أفغانستان، بعدما تسلم منصبه الجديد على رأس القوات الأميركية.
وذكرت المصادر، بحسب سي.ان.ان، أن بترايوس سيطلب مراجعة نظام «قواعد الاشتباك» الذي يحدد للقوات الشروط التي تنظم فتح النار على الأهداف في أرض المعركة، خاصة بعدما «وردته اعتراضات وحالات تململ بين الجنود بسبب القيود الموضوعة على العمليات الجوية والبرية منذ عهد ماكريستال بهدف حماية المدنيين».
وبحسب المصدر، فإن بترايوس سيدرس النظم المطبقة حاليا، ومن ثم سيقرر ما إذا كانت المشكلة تتعلق بعدم فهم الجنود لقواعد الاشتباك أو أن القواعد نفسها بحاجة لمراجعة.
وكان قائد أركان الجيش الأميركي، الأميرال مايك مولن، قد أشار إلى أن تفويض بترايوس بقيادة العمليات في أفغانستان يسمح له بـ «إجراء كل التغييرات التي يراها ضرورية، وإن كان قد أشار إلى أن قائد القيادة الأميركية الوسطى «يدرك أهمية حماية أرواح المدنيين».
وقد زار مولن كابول امس لطمأنة الرئيس حامد كرزاي حول استمرار استراتيجية حلف شمال الاطلسي رغم اقالة ماكريستال المهندس الرئيسي لها، وصرح مولن في مؤتمر صحافي قبل ان يغادر واشنطن متوجها الى أفغانستان ان «رسالتي ستكون واضحة. لا تغيير في استراتيجيتنا ولا تغيير في مهمتنا».
«الشيوخ» يطالب بتوضيح
القلق على الاستراتيجية لم يكن في الخارج فقط، اذ تعهد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون كيري بعقد جلسات استماع للمسؤولين الأميركيين ليوضحوا إستراتجية الحرب في أفغانستان بعد التغيير الأخير في القيادة. وذكر موقع «بوليتيكو» أن أعضاء في مجلس الشيوخ وجهوا رسالة إلى كيري طالبوه فيها بعقد جلسات استماع كي توضح الإدارة وجهة نظرها حيال النجاح الذي يتم تحقيقه على الجبهة المدنية في أفغانستان.
وأشارت الرسالة إلى أنه «كل الإجابات عن هذا السؤال كانت مبهمة وينقصها الوضوح».
في غضون ذلك، فإن صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت في عددها الصادر أمس تقريرا يفيد بأن الحكومة الباكستانية شرعت في تطبيق خطة جديدة لعودة نفوذها الى باكستان بعد تزايد المخاوف من فشل الولايات المتحدة في انهاء المواجهة على نحو يحقق الاهداف التي سعت الى تحقيقها من البداية.
وعزز من التوجه الباكستاني الجديد تسرب انباء في واشنطن ونيودلهي تفيد بان الادارة الاميركية طلبت من الحكومة الهندية النظر في إرسال قوات هندية الى افغانستان لملء الفراغ الذي سيحدثه خروج الاوروبيين. وأدى ذلك الى قلق باكستاني واضح تخوفا من ان تتمكن الهند من خلق مرتكزات ثابتة على الاراضي الافغانية اذا ما اضطرت القوات الاميركية الى مغادرة افغانستان دون حسم الموقف هناك.