سعيا لإزاحة اللبس حول مصير استراتيجية أميركا في أفغانستان عقب إقالة مهندس هذه الاستراتيجية قائد القوات الدولية هناك ستانلي ماكريستال، يمثل خلفه الجنرال الاميركي ديفيد بترايوس في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ غدا، لشرح مصير هذه الاستراتيجية قبل أن يتم تثبيته.
وليس هناك ما يمكن ان يخشاه الجنرال بترايوس من اسئلة اعضاء لجنة الدفاع من ديموقراطيين وجمهوريين، وهو المكلل بنجاحاته في العراق التي جعلت منه «بطلا» لإسهامه في تجنيب هذا البلد حربا أهلية، وقد لقي تعيين الجنرال بترايوس ترحيبا واسعا من الكونغرس. اذ قال الديموقراطي كارل ليفين «سنحاول إتمام ذلك بأسرع ما يمكن»، مبديا أمله في تثبيت تعيين بترايوس أمام مجلس الشيوخ بمجمله قبل العطلة البرلمانية المقبلة المقررة في يوليو.
تقييم سلبي
في غضون ذلك، كشفت صحيفة «ذي اندبندنت اون صنداي» البريطانية أمس ان إقالة ماكريستال من مهماته كقائد لقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان لم تنتج فقط من تصريحات صحافية أدلى بها، بل ايضا من تقييم سلبي جدا قدمه الى وزراء دفاع الدول الأعضاء في الحلف.
وقالت الصحيفة ان ماكريستال قدم قبل أيام من إقالته لوزراء الدفاع في دول الحلف الأطلسي حصيلة سلبية عن الوضع في افغانستان.
وفي وثائق عسكرية سرية، نبه الجنرال هؤلاء الى انه ينبغي عدم انتظار اي تقدم في الأشهر الستة المقبلة، مشككا بذلك في إمكان بدء سحب القوات الاميركية في يوليو 2011 بناء على رغبة الرئيس الاميركي باراك اوباما.
وبحسب المصدر نفسه، قال الجنرال ان جزءا صغيرا فقط من المناطق الأساسية لإحلال الأمن على الأمد الطويل في افغانستان يمكن اعتباره «آمنا»، وقسما ضئيلا من القوات الأفغانية يتسم «بالفاعلية».
ووصف الجنرال الحكومة الأفغانية بأنها «غير فاعلة ولا تتمتع بصدقية»، معتبرا ان باكستان أخفقت «في احتواء الدعم الذي يفيد منه المتمردون».
ونقلت الصحيفة عن «مصادر مطلعة» ان هذا التقرير هو الذي دفع اوباما الى قبول استقالة ماكريستال وليس فقط التصريحات التي ادلى بها للصحافة.
التقييم السلبي لماكريستال، عززته تحذيرات الرئيس السابق لبعثة الاتحاد الأوروبي في كابول مايكل سمبل من أن الوضع الأمني في أفغانستان بدأ ينهار إلى نقطة يمكن أن تفجر حالة من الفوضى المدنية الضاربة في البلاد. واعتبر إقالة الجنرال الأميركي ستانلي ماكريستال من منصبه الأسبوع الماضي ستقوض ثقة الشعب الأفغاني بالحلف.
وكشف سمبل في مقابلة مع صحيفة «أوبزيرفر» أمس «هناك تصور واسع الانتشار في أفغانستان بأن حلف الناتو لا يكسب الحرب الدائرة ضد طالبان ويتوقع الكثير من الناس هناك بأن حملته ستفشل ويرون أن حكومة حامد كرزاي ليست قوية بما يكفي للاستمرار ويتوقعون اندلاع جولة أخرى من الحرب الأهلية».
وأضاف «هناك دلائل على وجود صراع ثلاثي على السلطة في أفغانستان بين البشتون الموالين لطالبان والبشتون المناهضين للحركة والجماعات الأخرى غير البشتون سيقود إلى اندلاع حرب أهلية.. لأن الحقيقة هي أن حملة حلف الناتو مجرد غطاء فوق الوضع الملتهب في أفغانستان ولكن ليس إلى الأبد».
وقال الرئيس السابق لبعثة الاتحاد الأوروبي في أفغانستان «إن التعامل بصورة خاطئة مع الوضع في أفغانستان يقود في النتيجة إلى الدفع باتجاه اندلاع حرب أهلية».
مقتل جنديين أميركيين
ميدانيا، أعلنت قيادة حلف شمال الاطلسي في كابول مقتل جنديين أميركيين أمس في هجوم شنه مقاتلون شرق أفغانستان ليرتفع عدد القتلى في صفوف القوات الأجنبية الى 93 منذ مطلع الشهر الجاري.
وأوضح الحلف ان الجنديين قتلا في «هجوم بالاسلحة الخفيفة».
وقبل ذلك، قتل 6 جنود من القوات الدولية احدهم نازع ألغام پولندي في انفجار عبوات يدوية الصنع في جنوب وشرق أفغانستان.
كما أعلنت وزارة الدفاع البريطانية مقتل احد جنودها متأثرا بجروح أصيب بها قبل اسبوعين.
وبسقوط 93 جنديا في غضون 27 يوما يتحول يونيو الى الشهر الذي شهد سقوط اكبر عدد من القتلى في ظرف 8 سنوات ونصف السنة من الحرب في صفوف القوات الدولية التي تشكل القوات الأميركية ثلثيها.