نذر خلاف دستوري جديد تلوح في الأجواء التركية بين حزب العدالة الحاكم والمحكمة الدستورية التي ألغت أجزاء من حزمة الإصلاحات الدستورية بعد أن تم تمريرها برلمانيا مؤخرا بينما سمحت بطرح معظمه للاستفتاء في سبتمبر المقبل.
فقد انتقد الحزب الحاكم قرار المحكمة بالإبطال الجزئي لمادتين من مواد حزمة تعديلات دستورية أقرها البرلمان في مايو الماضي، وتتضمن 26 مادة أساسية و3 مواد احتياطية، تنصب على إصلاح النظام القضائي في البلاد، حيث اعتبرت المحكمة في قرارها أمس الاول أن الأجزاء من حزمة الاصلاحات التي غيرت الطريقة التي يعين بها القضاة وممثلو الادعاء مخالفة للدستور. وكان البرلمان مرر التعديلات الاصلاحية التي أثير حولها جدل شديد في مايو الماضي ولكنها لم تحظ بأغلبية كافية ما استوجب طرحها للاستفتاء في 12 سبتمبر المقبل قبل أن تصبح قانونا.
القرار الدستوري لم يرق كذلك للمعارضة التركية حيث طلب حزب الشعب الجمهوري المعارض من المحكمة الدستورية إلغاء خطة الاصلاح بأسرها قائلا إنها تنتهك القوانين الاساسية التركية بشأن فصل السلطات.
واتهم أعضاء المعارضة الذين صوت معظمهم ضد حزمة الإصلاحات، الحكومة باستخدام برنامج الاصلاح لتشديد قبضتها على الهيئة القضائية.
بيد أن نائب رئيس الحزب الحاكم حسين شيليك، قال معلقا على قرار المحكمة، إن المحكمة تجاوزت صلاحياتها ونظرت في مضمون التعديلات وأساسها بينما يحدد الدستور وظيفتها في النظر في التعديلات من حيث الشكل.
وأضاف شيليك قائلا: «للأسف كررت المحكمة الخطأ نفسه، بعد أن سبق وفعلت ذلك في التعديلات الخاصة برفع الحظر المفروض على الحجاب بالجامعات في عام 2008 التي وافق عليها 440 عضوا بالبرلمان المؤلف من 550 عضوا وقبلت طعن 110 أعضاء بالبرلمان فقط».
من جانبه وصف نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية سعاد كليتش قرار المحكمة بأنه انتهاك للدستور وتدخل سافر في صلاحيات البرلمان.
وشدد على أن الانتخابات البرلمانية المبكرة ليست مطروحة على أجندة الحكومة من الأساس مشيرا الى ان الانتخابات ستجرى في موعدها الطبيعي في يوليو من العام القادم، ولن يؤثر قرار المحكمة على موقف حزب العدالة والتنمية في هذا الشأن.
من جانبه، أكد وزير الداخلية بشير أتالاي أن المحكمة تجاوزت صلاحياتها لأنه ليس من واجبها النظر في مضمون التعديلات المطعون عليها، لكن المحكمة أقدمت على ارتكاب الخطأ نفسه للمرة الثانية.
واشار أتالاي الى أن العملية الخاصة بالتعديلات الدستورية ستستمر بالإعداد للاستفتاء عليها في 12 سبتمبر القادم، قائلا إن حزمة التعديلات لاتزال جيدة وديموقراطية، وقرار المحكمة لم يغير كثيرا في طبيعتها أو أهدافها.
بدوره، أكد وزير العدل التركي سعد الله ارجين أن المحكمة الدستورية العليا ارتكبت خطأ أثناء نظرها الدعوى التي أقامها حزب الشعب الجمهوري المعارض للمطالبة ببطلان حزمة التعديلات الدستورية.
وقال أرجين تعليقا على قرار المحكمة، إن المحكمة وقعت في خطأ جسيم عندما نظرت في مضمون وأساس بعض مواد الحزمة، ولم تنظر فيهما من حيث الشكل فقط.
وأضاف أن المحكمة انتهكت بذلك المادة 148 من الدستور التركي، والتى تحدد وظائف وسلطات المحكمة نفسها، والتي تمنحها الحق في نظر التعديلات الدستورية من حيث الشكل فقط قائلا إن العملية القانونية الخاصة بالتعديلات وصلت الى نهايتها الآن على الرغم من الخطأ الذي وقعت فيه المحكمة.
أما الإعلام التركي فقد اعتبر أن قرار المحكمة الدستورية الصادر مساء أمس الأول، هو بمثابة صيغة حل وسط لم ترض أي أحد.
وقالت صحف «حريت» و«زمان» و«صباح» و«أكشام» و«بوجون» و«راديكال» و«ميلليت» و«طرف» و«يني شفق» و«جمهوريت» و«وطن» و«ستار»: «إن قرار المحكمة الدستورية جاء على عكس التوقعات واتخذت القرارات بالأغلبية برفض الطعن المقدم من حزب الشعب الجمهورى للمطالبة ببطلان التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان».