فاقت أهوال كارثة أسوأ فيضانات في القرن الـ 21 بباكستان الأهوال التي رافقت ثلاثا من أقوى الكوارث التي طبعت العقد الأخير من القرن الماضي على حد وصف الأمم المتحدة.
فقد اعتبر الناطق باسم الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية موريسيو جوليانو أمس ان الكارثة التي سببتها الفيضانات في باكستان أسوأ من التسونامي الذي اجتاح آسيا في 2004، وزلزالي كشمير في 2005 وهاييتي.
وإذ أعلن جوليانو في تصريح لـ «فرانس برس» أن أكثر من «13.8 مليون شخص تضرروا بالفيضانات الأخيرة في باكستان حتى الآن» اعتبر «انها اكبر لان أكثر من ثلاثة ملايين شخص تضرروا بالزلزال في باكستان في 2005 وخلال التسونامي تضرر خمسة ملايين شخص بينما تأثر حوالي ثلاثة ملايين بالزلزال في هايتي».
ومما زاد طين الكارثة بلة، تعثر عمليات الإنقاذ والإغاثة حيث اضطرت جهود نقل معونات الإغاثة جوا إلى منكوبي الفيضانات في شمال غرب باكستان إلى التوقف أمس بسبب الطقس السيئ حيث يواجه عشرات الآلاف من اللاجئين نقصا في المواد الغذائية.
وقال متحدث باسم الجيش «إن حوالي 40 مروحية عسكرية تشارك في عمليات الإنقاذ والإغاثة ولكنها أوقفت رحلاتها بسبب الأمطار». كما توقفت أيضا ست مروحيات أميركية قادمة من أفغانستان كانت تشارك في جهود الإغاثة.
ولم تقف الكارثة عند هذا الحد بل أغلقت الانهيارات الأرضية الناجمة عن تجدد سقوط الأمطار عدة طرق ودمرت الفيضانات المزيد من الجسور في إقليم خيبر باختونخوا أكثر الأقاليم تضررا وهو ما ساهم بمزيد من الإعاقة لإغاثة منكوبي الفيضانات التي أدت لمقتل أكثر من 1600 شخص وتضرر اكثر من 15 مليونا آخرين في أنحاء البلاد، بحسب التقديرات الباكستانية.
كذلك كان الوضع في منطقة مالكند والذي تدهور بشكل كبير حيث ان مئات القرى والنجوع معزولة.
وأدى توقف المروحيات عن العمل وارتفاع منسوب المياه إلى صعوبة التحرك بالقوارب، ولم يبق امام عمال الإغاثة الا استخدام الحمير والبغال لنقل المعونات.
وفي اقليمي البنجاب والسند بوسط وجنوب باكستان، أجلت السلطات المزيد من الأشخاص من المناطق المنخفضة عبر نهر الأندوز وتم نقل حوالي مليوني شخص إلى مناطق آمنة.
من جانبه، حذر برنامج الغذاء العالمي من أن 4 ملايين شخص سوف يحتاجون إمدادات غذائية لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، بينما قالت الأمم المتحدة إن البلاد تحتاج إلى مليارات الدولارات لجهود الإغاثة وإعادة التوطين.
هذا وتتربص بالناجين من الفيضانات الأوبئة والأمراض على ما يبدو، حيث حذرت منظمة الصحة العالمية من احتمال انتشارها. وقال د.أحمد فرح شهدول ممثل منظمة في باكستان بالوكالة في تصريح لراديو «بي بي سي» أمس إن المنظمة لديها أكثر من 139 موقعا لتقديم تقارير يومية عن الأمراض التي بدأت في الظهور بين الناجين جراء كارثة الفيضانات، مضيفا أن أمراض الجهاز التنفسي تعد الأكثر انتشارا بين المواطنين.
وكان رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني قد جدد أمس مناشدته للمجتمع الدولي مساعدة بلاده في الظروف الصعبة التي تمر بها، مؤكدا أن هذه الفيضانات غير المسبوقة أعادت البلاد سنوات إلى الوراء بما سببته من دمار وخسائر لا يمكن تعويضها.
وتمخضت الأزمة الإنسانية في باكستان عن ازمة سياسية، حيث لايزال قرار الرئيس آصف علي زرداري بالمضي في رحلاته الخارجية إلى أوروبا خلال الأزمة يثير انتقادات واسعة. حيث يقوم الجيش بالعمل الرئيسي في جهود الإغاثة رغم إمكاناته المحدودة في حين تلقى الحكومة انتقادات شديدة لما بدر منها من ارتباك.
ويقول محللون إنه ليس هناك احتمال في أن يحاول الجيش الاستيلاء على السلطة بعد تعهده بالابتعاد عن السياسة ومع انشغاله بمحاربة المتشددين، لكن الفراغ الذي سببه الارتباك الحكومي استغلته جمعيات خيرية لها صلة بالمسلحين وقدمت المساعدات إلى الآلاف الذين تقطعت بهم السبل بسبب السيول لاسيما جماعة «عسكر طيبة» التي حظرتها الحكومة بعد ضغوط دولية على اسلام اباد بحجة ارتباطها بتفجيرات بومباي، وربما يساعد ذلك على تعزيز مكانتها بين الباكستانيين بينما تمضي طالبان قدما في حربها هناك.