وسط تحذيرات من عدم تمكن العراق من الإمساك بزمام الأمن قبل نحو 10 سنوات، أكدت الولايات المتحدة ان وجودها العسكري في العراق بعد انسحاب كامل القوات الاميركية المقرر نهاية 2011 لن يزيد عن بضع «مئات» من الجنود.
وفي الوقت الذي أعلن فيه رئيس أركان الجيش العراقي ان انسحاب كامل القوات الأميركية من العراق نهاية 2011 سيكون سابقا لأوانه، أكد مستشار نائب الرئيس الاميركي جو بايدن لشؤون الأمن القومي انتوني بلينكن ان هذا الانسحاب حاصل لا محالة.
وقال بلينكن خلال مقابلة مع وسائل إعلام عدة «سنفعل في العراق ما نفعله في العديد من بلدان العالم التي نقيم معها علاقات في المجال الأمني تشمل بيع تجهيزات (عسكرية) أميركية أو تدريب قواتها».
وأوضح انه داخل سفارتها في بغداد وتحت إشراف رئيس البعثة الديبلوماسية ستستحدث الولايات المتحدة «مكتبا للتعاون الأمني» سيكون حلقة الوصل بين الجيش الاميركي والقوات العراقية.
وأضاف مستشار بايدن، الذي يتولى الملف العراقي في البيت الابيض، «في العادة هذا الامر يتطلب عددا قليلا من العسكريين»، مضيفا «ولكن عندما أقول قليلا لا اعني آلاف الجنود، بل العشرات أو ربما بضع مئات، هذا بالضبط ما يجب ان يحصل».
وتأتي هذه التصريحات قبل ثلاثة أسابيع من الموعد المحدد لإنهاء مهمة القوات القتالية الاميركية في العراق.
وقبيل ساعات من تصريح بلينكن أكد البيت الابيض ان الجيش الاميركي يتقدم وفق «المهل المحددة» لإنهاء مهمته القتالية نهاية اغسطس.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس «اننا نعمل ضمن المهل لإنهاء مهمتنا القتالية» في العراق».
وجاءت تصريحات غيبس هذه بعد أن جمع الرئيس الاميركي باراك اوباما أمس الأول فريقه للأمن القومي من مدنيين وعسكريين لمناقشة الوضع في العراق، في وقت لم يتم حتى الآن تشكيل حكومة في العراق بعد خمسة اشهر على الانتخابات التشريعية.
وعلى الرغم من التراجع النسبي في اعمال العنف في العراق، الا ان هذا البلد لايزال يشهد هجمات واعتداءات دامية.
وانعكست هذه المخاوف الأمنية في تصريح رئيس أركان الجيش العراقي بابكر زيباري الذي اعلن أمس الاول وللمرة الاولى ان القوات العراقية لن تكون قادرة تماما على تولي الملف الامني قبل 2020 وستكون بحاجة للدعم الاميركي حتى ذلك الحين.
وعن الانسحاب الاميركي قال زيباري «الآن، أنا مطمئن جدا لقدرة القوات العراقية مجتمعة (الجيش والشرطة)، على تأمين الملف الأمني لأنه لاتزال قوات أميركية موجودة، لكن المشكلة تبدأ بعد 2011» موعد الانسحاب الكامل للقوات الاميركية.
ومضى موضحا ان «استراتيجية بناء القوات تسير على ثلاث مراحل مهمة جدا ويجب الحرص عليها».
وأضاف انه بالنسبة الى انسحاب القوات الاميركية يتوجب «على السياسيين إيجاد أساليب أخرى لتعويض الفراغ ما بعد 2011، لأن الجيش لن يتكامل قبل عام 2020».
وتابع «لو سئلت عن الانسحاب لقلت للسياسيين: يجب ان يبقى الجيش الاميركي حتى تكامل الجيش العراقي عام 2020».
لكن ذلك لم يقنع الأميركيين أيضا، حيث قال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ان الولايات المتحدة «لديها اتفاق مع العراقيين» حول موعد الانسحاب.
وأضاف «إذا تشكلت حكومة عراقية جديدة وإذا أرادت البحث (في موعد الانسحاب)، فنحن جاهزون للتفاوض، ولكن هذه المبادرة يجب أن تأتي من العراقيين».
من جهته، اعترف رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي بأن القوات الأمنية مازالت بحاجة إلى مزيد من التدريب لرفع كفاءتها، داعيا القادة الامنيين الى انجاز مهامهم الامنية دون انتظار تشكيل الحكومة.
كما اعترف بوجود ما وصفها بـ «ظاهرة الطائفية» في المؤسسات العسكرية التي قال انها تمثل «آفة خطيرة تهدد مستقبل المؤسسة العسكرية».
ومن المقرر ان ينهي الجيش الاميركي، الذي ينشر حاليا حوالي 64 ألف عنصر في العراق، مهمته القتالية في هذا البلد في 31 أغسطس الجاري طبقا لخارطة الطريق التي أعلنها اوباما عند توليه مهام الرئاسة مطلع 2009.
ومن المفترض ان يستكمل الجيش الاميركي سحب جنوده الباقين في العراق بعد هذا التاريخ والبالغ عددهم 50 ألفا بحلول نهاية العام 2011.
في موضوع الفراغ السياسي المستمر منذ الانتخابات قبل اكثر من خمسة اشهر، أكد السفير الأميركي في بغداد كريستوفر هيل أن الكتل النيابية في العراق كثفت حواراتها السياسية خلال الأسبوعين الماضيين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تشكيل حكومة عراقية قريبا.
وأضاف هيل ـ في تصريح أورده راديو «سوا» الأميركي أمس ان ما يجري سياسيا في العراق أمر طبيعي، «وهو لا يختلف عما يجري في أي بلد يكون فيه الفارق بين كتلة فائزة وأخرى ضئيلا».
ميدانيا، تعرضت قاعدة للجيش الأميركي جنوب العاصمة بغداد لقصف بقذائف الهاون أمس، وقال مصدر في الشرطة العراقية إن 3 قذائف هاون سقطت عند الثامنة من صباح أمس على قاعدة الصقر الأميركية في منطقة الدورة جنوب بغداد وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من القاعدة بينما دوت أصوات صفارات الانذار في ارجائها وحلقت مروحيات أميركية في سمائها».