قال مسؤولون عسكريون في باكستان امس إن الجيش الباكستاني يؤدي الدور الرئيسي في جهود الانقاذ بعد أسوأ فيضانات تتعرض لها البلاد منذ عقود لكنه لن ينقل قوات من معركته مع الاسلاميين المتشددين للمشاركة في تلك الجهود.
وبدأت قبل أسبوعين الفيضانات في باكستان وهي أسوأ كارثة طبيعية تحل بها وأسفرت عن مقتل أكثر من 1600 شخص وأجبرت مليونين آخرين على ترك منازلهم كما أعاقت حياة حوالي 14 مليون شخص أي ما يمثل ثمانية % من السكان. وخصص الجيش الباكستاني نحو 60 ألفا من قواته لعمليات الانقاذ والاغاثة من بين قوة يصل قوامها إلى نحو 550 ألف جندي.
وانتشل جنود يستقلون طائرات هيليكوبتر وقوارب العديد من الناجين من مياه الفيضانات التي غمرت حوض نهر الاندوس. ويبني مهندسو الجيش الجسور المدمرة والطرق التي اكتسحتها المياه بينما عملت وحدات أخرى في الجيش على إقامة مخيمات إغاثة.
لكن تنامى القلق، خاصة في الولايات المتحدة، من أن يسحب الجيش الباكستاني بعضا من قواته التي تحارب المقاتلين في أراضي قبائل البشتون في منطقة شمال غرب باكستان الواقعة على الحدود مع أفغانستان وعددها 140 ألف جندي للمساعدة في جهود الاغاثة من الفيضانات.
وتحتاج واشنطن إلى تحرك باكستاني منسق في منطقة الحدود المشتركة مع أفغانستان بينما تكافح القوات الغربية لقمع تمرد متنام لحركة طالبان الافغانية التي تتلقى دعما من معاقل للمتشددين في منطقة شمال غرب باكستان المضطربة، لكن الجيش الباكستاني هدأ من هذا القلق. وقال الميجر جنرال أطهر عباس المتحدث باسم الجيش الباكستاني »مشاركة قواتنا في نشاطات الاغاثة لن تؤثر في قتالنا للمتشددين.وضعنا هذا العامل في الاعتبار عندما نشرنا قوات للمشاركة في نشاطات الاغاثة ولا أعتقد أنه ستكون هناك أي حاجة لسحب قوات من الحدود الغربية».
وصرح مسؤول أمني كبير بأن المنطقة الجبلية في شمال غرب باكستان لم تتأثر إلى حد كبير بالفيضانات الأسوأ وذكر أن القوات التي تشارك في جهود الانقاذ هي من وحدات في مناطق الفيضانات. وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه «لم نسحب أي قوات من الحدود الغربية ونتمنى ألا نحتاج إلى هذا.
واضاف «تأثرت نشاطات التدريب لدينا لان معظم الجنود المشاركين في جهود الانقاذ كانوا يتلقون تدريبا لكن نشاطاتنا وعملياتنا وانتشارنا على طول الحدود مع أفغانستان لم تتأثر على الاطلاق». وكان الجيش الباكستاني قد أعلن من قبل الفيضانات أنه لا توجد لديه خطط فورية لاي عمليات كبرى جديدة في شمال غرب البلاد. وعلى الرغم من الضغوط الأميركية للقضاء على كل جيوب المتشددين في مناطق الشمال الغربي قال الجيش إنه يجب أن يعزز أولا المكاسب التي حققها بالفعل.
ورأى محللون أمنيون أنه إذا تفاقمت كارثة الفيضانات وأصبحت هناك حاجة لمزيد من الجنود للمساعدة فإن الجيش الباكستاني سيقوم على الارجح بسحب وحدات تابعة له من الحدود الشرقية مع الهند منافسة البلاد القديمة.
وهدأت التوترات بين الهند وباكستان المسلحتين نوويا في الشهور القليلة الماضية بعد تدهور حاد أعقاب هجمات مومباي التي شنها متشددون يقيمون في باكستان في نوفمبر تشرين الثاني عام 2008.
وهناك قلق أيضا من أن يستغل المتشددون غضب السكان من الحكومة المدنية الباكستانية بسبب ما يوصف بانه رد فعل بطيء من جانبها على كارثة الفيضانات ليقوموا بتجنيد المزيد من الاعضاء.
وعبر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الاربعاء عن قلقه من أن يسعى المتشددون لتوسيع نفوذهم عن طريق مساعدة ضحايا الفيضانات بينما تكافح الحكومة للوصول إلى المنكوبين.
وسارعت جماعات خيرية لها صلات بالمتشددين بتقديم يد العون مثل ما فعلت بعد زلزال مدمر كان مركزه في الجزء الواقع تحت سيطرة باكستان في منطقة كشمير عام 2005.
وبينما تنفي الجماعات الخيرية أن تكون لها اي أجندة سياسية او قيامها بعمليات تجنيد في الخفاء فإن محللين يقولون إنها قادرة على التأثير في الرأي العام وكسب الناجين الجياع الغاضبين.
وقال طلعت مسعود وهو محلل أمني كان ضابطا برتبة جنرال في الجيش الباكستاني «سيستغلون الوضع تماما وقد يحاولون..المشاركة في نشاطات اجتماعية كما فعلوا في زلزال كشمير».