في وضح النهار وقفت المجندة السابقة في الجيش الإسرائيلي إدن أبرجيل وهي تبتسم وتضحك ملء فكيها في عدة صور نشرتها على «الفيس بوك» ومن بينها صورتان تظهر في إحداهما بجانب معتقلين فلسطينيين موثقي الأيدي ومعصوبي الأعين كأنها تلتقط لنفسها صورا تذكارية.
أما الصورة الثانية فتظهر فيها إلى جانب أحد المعتقلين، وحملت كلتا الصورتين تعليقات ساخرة مهينة بحق المعتقلين، فضلا عن تضمين التعليقات بعض التلميحات الجنسية.
ولم تكتف المجندة، بعرض الصورتين فقط، بل قالت في صفحتها ان مدة خدمتها في الجيش الإسرائيلي التي انتهت قبل شهرين كانت أسعد سنوات حياتها «أجمل أوقات حياتي»، بحسب ما نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» امس الاول مما استمدته من صفحتها المكتوبة بالعبرية على الموقع الذي لايزال إلى الآن محتويا على صفحتها.
في حين اعتبرت مصادر إعلامية هذه الصور تكرارا ـ مع اختلاف الدرجة ـ لصور المجندة الأميركية في سجن أبوغريب إلى جانب معتقلين عراقيين وقفوا عراة حفاة يتعرضون للتعذيب.
وبدت إدن، المقيمة في مدينة أسدود، في صور أخرى على الصفحة الفوسبوكية وهي تتعمد الظهور كعارضة أزياء وتجهد في كتابة تعبيرات وتعليقات على صورها للفت الأنظار.
وانبرت «اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل» pcati للتعليق على الصور في بيان أصدره مديرها العام، ييشاي مينوهيم، قال فيه إن الصور «تظهر كيف يتعامل جنود الجيش الإسرائيلي على الحواجز وفي المناطق مع الفلسطينيين والمعايير الخاصة بكل جندي في كيفية تعامله مع العرب» على حد تعبيره.
ولم تنشر «يديعوت أحرونوت» سوى صورة واحدة لإدن البالغة من العمر 21 سنة، وفوق ذلك كله حجبت معظم وجهها إلى جانب أنها لم تذكر اسمها.
لكن على صفحتها بـ«الفيس بوك» توجد الصورتان، قبل أن يقدم الموقع على حظرها مع أنه لم يفعل طوال أكثر من شهر كانت الصور بارزة فيه تحت عنوان بارز للألبوم «أجمل أوقات حياتي».
وقالت اللجنة المناهضة للتعذيب إن تصرف المجندة هو نتاج ثقافة سائدة في الجيش الإسرائيلي «لا تعتبر الفلسطينيين من بني البشر».
وقال محام فلسطيني في القدس طلب عدم ذكر اسمه لـ «العربية .نت» في الوقت الراهن لأنه سيحمل هذه القضية إلى منظمات وجمعيات لحقوق الإنسان في الخارج وسيطالب بلجنة تحقيق داخل الجيش الإسرائيلي: «أستغرب فعلا كيف تبقى صفحة هذه المجندة طوال شهر كامل في موقع يزيد أعضاؤه على 500 مليون مشترك ولا ينتبه إليها الجيش الإسرائيلي».
كما ذكر أن الجيش الإسرائيلي أصدر أمرا قبل 3 أشهر منع جنوده أو من أنهوا خدمتهم من التواصل عبر مواقع اجتماعية على الإنترنت قبل مرور عام على الأقل على انتهاء خدمتهم العسكرية وهذه المجندة أنهت خدمتها قبل شهر واحد فقط، بحسب ما ذكرت هي نفسها في صفحتها على «الفيس بوك»، كما أن الجيش الإسرائيلي يعرف قبل سواه بالتأكيد الوقت الذي أنهت خدمتها فيه، ولا مجال للتهرب.
إنه عار على إسرائيل وعلى جنودها وعلى رئيس أركانها الذي قال حين أزمة سفن المساعدات التركية إلى غزة أن الجيش الإسرائيلي تصرف بكل حكمة وهو أكبر جيش أخلاقي في العالم، لكنه بعيد عن الأخلاق كما نرى.
وقالت المحامية حنين نعامنة، وهي من «مركز عدالة» الفلسطيني المهتم عادة بالشأن الحقوقي والإنساني لعرب 48 داخل الخط الأخضر، وفي النقب، لـ«العربية .نت: إنها شاهدت الصور التي وصفتها بالمقززة «وهي تعبر عن لا أخلاقية ولا إنسانية الجيش الإسرائيلي كمدرسة تخرج مجندين من هذا النوع، فضلا على أن الصور غير قانونية أيضا». وذكرت المحامية نعامنة أن «مركز عدالة» سيبدأ في الحال أيضا تحريك هذه القضية في الداخل والخارج.
ولم تمر سوى ساعات قليلة على الكشف عن الصور الا وأغلق موقع «الفيس بوك» صفحة المجندة بحيث لم تعد موجودة فيه بعد أن بقيت شهرا.
وبثت بعض وكالات الأنباء أن المجندة نشرت 26 صورة اخرى في ألبومها وهي تقف مع اصدقاء ورفقاء وقال متحدث باسم الجيش الاسرائيلي انها لم تعد مسؤولة مباشرة امام الجيش لانها فصلت من الخدمة العسكرية منذ عام (في صفحتها على «الفيس بوك» قالت انها انهت خدمتها منذ شهر) لكنه ذكر انه مازال من الممكن استدعاؤها لمحاسبتها على أعمالها».
وامتنع المتحدث عن قول ما هو الاجراء الذي قد يتخذ ضد ابرجيل، لكنه قال ان الجيش ينتظر معرفة ما اذا كانت ستقام قضية ضدها، وقال متحدث باسم الشرطة انه لا يعلم بأي شكوى مدنية قدمت في هذا الموضوع.
ومن الجانب الفلسطيني ذكر المركز الاعلامي للحكومة الفلسطينية ان الصور مهينة ودعا الى انهاء هذه الممارسات، وقال البيان الفلسطيني ان هذا الامر يبين عقلية المحتل الذي يفخر باهانة الفلسطينيين، مضيفا ان هذا السلوك يجب ان ينتهي وان تحترم الحقوق والكرامة الفلسطينية.