يضع إنهاء الولايات المتحدة الأعمال القتالية في العراق هذا الشهر عبء ضمان الأمن على الزعماء العراقيين مباشرة رغم أنهم لم يتمكنوا بعد من تشكيل حكومة جديدة بعد مرور ستة أشهر تقريبا على الانتخابات.
وتؤدي الانقسامات المستمرة بين الفصائل السياسية والهجمات المستمرة التي يشنها مسلحون إلى أجواء خطر أبقت المستثمرين المحتملين خارج قطاع النفط على الهامش.
وقد تؤثر هذه العوامل أيضا على الشركات النفطية الكبرى التي فازت بصفقات كبيرة لتطوير حقول نفطية.
وبينما لايزال في البلاد 50 ألف جندي أميركي قبل انسحاب كامل مقرر بنهاية عام 2011 إلا أن تصورا بأن واشنطن في عهد الرئيس باراك أوباما فكت الارتباط مع العراق قد يؤدي إلى تفاقم الخلافات الطائفية.
ويعاني العراق من الاضطراب دون حكومة جديدة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من مارس ولم تسفر عن فائز واضح.
ويتم دفع أجور القطاع، العام والجيش والشرطة مستمران في محاربة التمرد السني والتصدي للميليشيات الشيعية وتجري مباشرة مشروعات صغيرة للتنمية جرى التخطيط لها بالفعل.
لكن كلما استمر الجمود السياسي كلما طال الوقت اللازم للتعامل مع الغضب العام بسبب سوء الخدمات العامة مثل نقص الكهرباء في حرارة الصيف الخانقة.
وقد يتزايد أيضا إدراك أن الديموقراطية لا تعمل في العراق وأن الزعماء العراقيين غير قادرين على الحكم مما يزيد من مخاطر الاضطرابات العامة ومحاولات الانقلاب والتدخل المتزايد من قبل جيران يثيرون المتاعب غالبا.
ولايزال العراق معزولا عن الأسواق المالية العالمية. وهناك بضع عشرات الشركات مدرجة في البورصة، والتعامل ضعيف بالدينار العراقي وسعر الصرف يتحدد عمليا من خلال المزادات التي يطرحها البنك المركزي.
ويمثل إصدار سندات دولية في العراق بارقة أمل تلوح في أفق البلاد.
وفيما يلي عرض لبعض من أهم المخاطر الرئيسية التي تواجه العراق بعد سبع سنوات ونصف من إطاحة القوات الأميركية برئيس النظام العراقي السابق صدام حسين:
ـ التشاحن السياسي وفراغ السلطة: نظرا لعدم حصول كتلة بعينها على أغلبية في البرلمان العراقي المؤلف من 253 مقعدا كان من الضروري إجراء محادثات لتشكيل حكومة ائتلافية.
ورغم الاعلان عن اندماج بينهما إلا أن التكتلين الانتخابيين الشيعيين الرئيسيين مازالا مختلفين بشأن رغبة رئيس الوزراء نوري المالكي في أن يتولى منصبه لفترة ولاية جديدة.
وكذلك فإن قائمة العراقية متعددة الطوائف المدعومة من السنة والتي فازت في الانتخابات البرلمانية بفارق مقعدين عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي مازالت غير قادرة على التوصل إلى اتفاق مع كتل أخرى للحصول على الأغلبية التي تحتاجها لتشكيل حكومة.
وقد يقوض التأخر الطويل في تشكيل حكومة الأمن، في حين أن تهميش قائمة العراقية قد يغضب السنة في وقت تستعد فيه القوات الاميركية للانسحاب.
وما تجدر متابعته في هذا الصدد: احتدام العنف الطائفي أو السياسي كما حدث خلال الأشهر الخمسة التي استغرقها تشكيل حكومة بعد الانتخابات البرلمانية عام 2005.
ـ عجز البرلمان الذي لا يمكن أن يعمل دون حكومة عن إقرار قانون خاص بالاستثمار متعطل بالفعل منذ سنوات بسبب الخلافات السياسية مما سيبعث بإشارة سلبية للشركات المهتمة بالعراق والقلقة من المخاطر القانونية والبيروقراطية.
ـ عودة العنف: انخفضت كثيرا وتيرة العنف في العراق عما كانت عليه في أوج أعمال القتل الطائفي عامي 2006 و2007. لكن لايزال بإمكان المقاتلين السنة الذين تقول الحكومة إنهم يتعاونون مع حزب البعث المحظور الذي كان صدام حسين يتزعمه شن هجمات.
ومن المتوقع أن يكثف المسلحون هجماتهم على قوات الأمن العراقية بعد إنهاء الولايات المتحدة رسميا العمليات القتالية هناك.
وقد يندلع العنف مجددا في العراق بسبب الخلافات السياسية أو استياء السنة أو شن هجوم على مزار مقدس فضلا عن توجيه إسرائيل لأي ضربة تستهدف منشآت نووية إيرانية، وقد يدفع مثل هذا الهجوم ميليشيات شيعية للثأر من القوات الأميركية بالعراق.
ومن شأن أي أعمال عنف كبيرة أن ترفع الأسعار في أسواق النفط العالمية خاصة إذا بدا أن الاضطرابات ستبقى طويلا.
ـ النزاع بين العرب والأكراد: تتأجج التوترات بين العرب والأقلية الكردية التي تتمتع بشبه استقلال في شمال العراق منذ قرابة 20 عاما، وبعدما تعرض الأكراد لمذابح أيام صدام اكتسبوا نفوذا لم يسبق له مثيل منذ 2003 وهم يأملون في استعادة مناطق يعتبرونها كردية تاريخيا.
ويشكو العرب والتركمان من أن الاكراد يستغلون نفوذهم الجديد على حسابهم، وتقع في قلب الصراع محافظة كركوك في شمال العراق والتي يوجد بها ما يقدر بـ 4% من الاحتياطي النفطي العالمي.
ـ نظام استبدادي جديد: تحظى التجربة الديموقراطية في العراق بأهمية كبيرة في منطقة لا يترك زعماؤها السياسيون الحكم عادة إلا بالوفاة أو في انقلاب.
ويعتقد الكثير من العراقيين أن بلادهم بحاجة لحاكم قوي، والعجز عن تشكيل حكومة يقوض الثقة في الديموقراطية.