دعا الرئيس الاميركي باراك اوباما اسرائيل والسلطة الفلسطينية الى انتهاز الفرصة التي لن تتكرر لتحقيق السلام بينهما وانهاء نزاع دام نحو 62 عاما وذلك خلال القمة التي عقدها في البيت الابيض امس الاول لاطلاق المفاوضات المباشرة بحضور الزعماء المعنيين.
واقام اوباما عشاء في البيت الابيض ضم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك كان بمثابة اشارة لاطلاق المفاوضات التي بدأت فعليا امس في مقر وزارة الخارجية الاميركية.
وقال في كلمة مقتضبة القاها في حديقة البيت الابيض بعد استقباله على التوالي الزعماء الاربعة ان «فرصة السلام هذه قد لا تتوافر مرة اخرى».
واضاف «لا يمكنهم (الاسرائيليون والفلسطينيون) ان يفوتوا هذه الفرصة»، مؤكدا ان «الوقت حان للقادة الشجعان واصحاب الرؤية ان يفتحوا الباب امام السلام الذي تستحقه شعوبهم».
ووعد بان «تلقي (الولايات المتحدة) بكل ثقلها» من اجل التوصل الى سلام مضيفا انه «في حال لم يظهر الطرفان التزاما جديا في هذه المفاوضات فان هذا النزاع الذي استمر طويلا سيستعر اكثر وسيصيب جيلا جديدا. لا يمكننا بكل بساطة ان نقبل بذلك».
وتابع «نعلم ان ارادتنا ستكون على المحك. نعلم ان المتطرفين واعداء السلام سيقومون بكل ما يمكنهم القيام به من اجل تدمير هذه الجهود» مدينا الهجوم الذي تبنته حركة حماس الثلاثاء واسفر عن مصرع 4 مستوطنين اسرائيليين في الضفة الغربية.
وبعدما وعد بتوجيه المفاوضات المتوقفة منذ 20 شهرا، اشار اوباما الى ان بلاده لا يمكنها ان تفرض حلا من طرف واحد في نزاع يستمر منذ عشرات السنين.
وقال ايضا «في نهاية المطاف، لا يمكن للولايات المتحدة ان تفرض حلا ولا يمكن ان نرغب فيه اكثر من الاطراف المعنيين انفسهم».
واشار الى ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية اكدا انهما مقتنعان بانه يمكن التوصل الى حل خلال مهلة عام.
وختم قائلا ان «الهدف هو التوصل الى تسوية عبر التفاوض بين الاطراف تضع حدا للاحتلال الذي بدأ عام 1967 وتكون نتيجتها قيام دولة فلسطينية مستقلة، ديموقراطية وقابلة للحياة، تعيش جنبا الى جنب بسلام وامن مع دولة اسرائيل اليهودية وجيرانها الاخرين».
وانعدام الثقة بدرجة كبيرة بين الجانبين هو احدى اكبر العقبات التي مازالت قائمة في طريق مسعى أوباما لتحقيق حل الدولتين الذي فشل في تحقيقه كثير ممن سبقوه.
وثمة احتمال أيضا بأن يؤدي فشل أوباما على هذه الجبهة إلى إحباط محاولاته المتعثرة لكسب ود العالم الإسلامي في وقت يسعى فيه لحشد التضامن في مواجهة إيران.
مواقف متقدمة لنتنياهو
من جانبهما ابدى الزعيمان الاسرائيلي والفلسطيني رغبتهما في تحقيق السلام.
فنتنياهو حث الفلسطينيين على الانضمام اليه في مساعي التوصل الى «تسوية تاريخية» لانهاء عقود من النزاع بين الشعبين ما يبعث املا حذرا في مبادرة الرئيس الاميركي.
وعبر نتنياهو عن مواقف متقدمة اذ قال متوجها الى عباس «أنت شريكي في السلام، والامر يعود الينا ان نعيش جنبا الى جنب ومع بعضنا البعض».
واضاف «اتيت الى هنا اليوم لايجاد تسوية تاريخية تخول شعبينا العيش بسلام وامن وكرامة».
وتابع «هدفنا هو التوصل الى سلام آمن ودائم بين اسرائيل والفلسطينيين».
لكن خطاب نتنياهو التفاؤلي لم يخف ايضا تشدده فيما يتعلق بامن اسرائيل.
فقد تعهد بالحصول على ضمانات حول الامن محذرا من ان «الارهابيين» لن يعرقلوا الطريق الى السلام وذلك بعد هجومين استهدفا اسرائيليين في الضفة الغربية.
عباس: حان وقت السلام
من جهته دعا عباس الى وقف انشطة الاستيطان الاسرائيلية معتبرا انه «آن الاوان لصنع السلام».
وقال «آن أوان إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967، ونيل الشعب الفلسطيني الحرية والاستقلال والعدالة». واضاف «نؤكد هنا باسم منظمة التحرير الفلسطينية أننا سنعمل بكل تصميم وجدية ونية صادقة من أجل إنجاح هذه المفاوضات، ونجدد التزامنا بتنفيذ كل ما ترتب علينا من التزامات وندعو جيراننا الجانب الإسرائيلي لتنفيذ التزاماته وخاصة وقف جميع الأنشطة الاستيطانية».
وتابع «نؤكد أن الدعوة لتنفيذ الالتزامات وكذلك رفع الحصار المفروض على غزة وإنهاء الإغلاق والحواجز التي تخالف حق الفلسطينيين في الحياة والتحرك لا تشكل شروطا مسبقة وإنما هي تنفيذ لتعهدات والتزامات سابقة».
وتبادل عباس ونتنياهو الابتسامات وتصافحا بحرارة امام الكاميرات.
مبارك
وحضرت مصر والاردن المفاوضات كونهما الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين وقعتا اتفاقات سلام مع اسرائيل.
وقال الرئيس مبارك في البيت الابيض إن مصر ستظل الى جانب الشعب الفلسطيني الى أن تقوم دولته المستقلة.
واضاف إن التوصل الى السلام العادل يتطلب من إسرائيل اتخاذ قرارات هامة، مشيرا الى أن «الاستيطان على الأرض الفلسطينية المحتلة يتم بالمخالفة للقانون الدولي، وهو لن ينشئ لاسرائيل حقوقا أو يحقق لها سلاما أو أمنا».
وطالب الاسرائيليين ايضا باغتنام الفرصة الحالية وألا يدعوها تفلت من بين أيديهم، وقال «اجعلوا السلام الشامل هدفا.. ومدوا أيديكم لتلاقي اليد العربية الممدودة اليكم بالسلام».
وأشاد مبارك في كلمته بالجهد الكبير الذي يبذله أوباما منذ الأيام الأولى لتوليه الرئاسة «وسعيه للتوصل الى تسوية سلمية للقضية الفلسطينية ومثابرته طوال الفترة الماضية من أجل تذليل الصعاب وإعادة اطلاق المفاوضات».
العاهل الأردني
بدوره اعرب العاهل الاردني لدى لقائه بالرئيس الاميركي عن امله في نجاح المفاوضات وعن دعمه لها.
وذكر بيان اصدره البيت الابيض ان «الطرفين شددا خلال الاجتماع على دعمهما القوي لاستئناف المفاوضات المباشرة وتحقيق سلام شامل في الشرق الاوسط».
واضاف ان «القائدين اعربا عن املهما ان يتمكن استئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني من التوصل الى حل الدولتين والعيش في امن وسلام للاسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء».
وقال البيان ان «اوباما شدد على اهمية دور الاردن القيادي لضمان نجاح المفاوضات».
وبدأت المصاعب حين التقى نتنياهو وعباس مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في مقر الوزارة امس واطلقا المفاوضات المباشرة رسميا والتي يبدأ معها طرح القضايا الشائكة التي عرقلت في السابق جهود السلام.
وتشكل مسألة الاستيطان التي اعلنت حكومة نتنياهو تجميدها لفترة 10 اشهر تنتهي في 26 سبتمبر، عقبة كبيرة امام عملية السلام.
وفي هذا السياق، اعلن مكتب نتنياهو انه لم يحصل اي تغيير على الموقف الاسرائيلي المتعلق بانهاء مهلة تجميد اعمال البناء في مستوطنات الضفة الغربية في نهاية الشهر الجاري.وقد هدد عباس مرارا بانه سينسحب من المفاوضات في حال استأنفت اسرائيل البناء الاستيطاني المجمد حاليا في الضفة الغربية والقدس الشرقية.