واشنطن ـ أحمد عبدالله
استقطب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن ايران اهتمام اجهزة الاعلام الدولية، وحظي ببيان من البيت الابيض الذي وصف التقرير بانه «يبعث على القلق». ولا يبدو المنطق وراء اصدار تقرير بهذه الحدة من الوكالة واضحا حتى الآن، ذلك ان قراءة التقرير بتأن تكشف عن تجاهل الوكالة لنقاط كان يجب ان تدرج في تقريرها مثل الاتفاق المبدئي الذي توصلت اليه تركيا والبرازيل مع طهران بشأن تبادل الوقود النووي منخفض التخصيب بالوقود المخصب بنسبة 20% وذلك على الرغم من ان المفاوضات حول صيغة اخرى للاتفاق تدور الآن بشكل نشط.
وترك التقرير لدى عدد من المراقبين انطباعا بانه كان «مسيسا اكثر مما ينبغي»، فقد وصف جيفري لويس الباحث النووي الاميركي ورئيس مبادرة منع الانتشار النووي الاميركية التقرير في تصريح لـ «الأنباء» بانه قابل للتفسير على اساس سياسي وان «من الممكن انتقاده من هذه الزاوية». الا ان لويس قدم لـ «الأنباء» نسخة من تقرير الوكالة بشأن سورية وهو تقرير يوضح ان الامور تغيرت حقا في فيينا بعد رحيل الدكتور محمد البرادعي وتبدل الاستراتيجية الاميركية من المواجهة مع اعضاء الوكالة الى بناء تحالف دولي واسع يضم اولئك الاعضاء.
وبدأ تقرير الوكالة بشأن سورية بالحديث عن قيام سورية بشراء كميات كبيرة من البارايت او سلفات الباريوم. والبارايت طبقا لتعريف البروفيسور لويس هو معدن يوجد مختلطا بالصخور ويستخدم كعازل من المواد المشعة. الا ان البارايت يستخدم ايضا في اشياء كثيرة اخرى مثل صناعة دهانات الجدران الخاصة والاطارات والزجاج وفي حفارات التنقيب عن النفط، ومن الصحيح ان البارايت يستخدم في صوره النقية وباعتباره قادرا على امتصاص اشعة جاما في المفاعلات النووية الا ان ذلك يعد واحدا فقط من مجالات استخدامه وهو مجال يتطلب بارايت نقيا، ولم تطلب سورية من الاسواق العالمية بارايت نقيا طبقا لتأكيدات الباحث الاميركي.
واشار التقرير الى ان عينات التربة التي اخذت من موقع دير الزور الذي قصفته اسرائيل برهنت على وجود جزيئات من اليورانيوم الخام لم تبلغ سورية الوكالة بوجودها على اراضيها وقالت ان سورية لم تتعاون في مناقشة المعلومات التي قدمت للوكالة بشأن موقع دير الزور وصور الاقمار الصناعية للموقع، لكن الوكالة لم تنطق بحرف عن تدمير الموقع وعن سماح دمشق للمراقبين بفحص الموقع بعد قصفه أهم مصادر تلك المعلومات والصور التي تستند اليها الوكالة في طلب «التفاوض حول المحتوى» مع السلطات السورية حسب قول التقرير.
وواقع الامر ان التقرير قال ان سورية ابلغت الوكالة «ان الطبيعة العسكرية للموقع الذي لا يتضمن انشطة نووية تحول دون وضعه ضمن المواقع التي ينبغي على سورية فتحها امام الوكالة طبقا لاتفاقية الضمانات المرفقة باتفاقية حظر الانتشار». واضاف التقرير ان الوكالة اوضحت لسورية ان اتفاقية الضمانات لا تحتوي على اي قيود تحول دون حصول الوكالة على المعلومات المتعلقة باي مواقع لمجرد انها مواقع عسكرية». اي ان على سورية ان تبلغ الوكالة بما يحدث في مواقعها العسكرية من اعداد الطائرات وقطع المدفعية وبطاريات الصواريخ المضادة للطائرات والدبابات اذا ما طلبت الوكالة اي معلومات وذلك تطبيقا لاتفاقية الضمانات.
ثم يتناول التقرير موقع التجارب المشعة السوري الذي تسميه «اك.ان.اس.آر» او المفاعل الرمزي لمصادر النيوترون، ويوضح ان السلطات السورية ابلغت الوكالة بكل ما يتعلق من انشطة في المواقع بشأن تجارب المعالجة بالاشعاع وانها قدمت للوكالة في 30 يونيو وان الوكالة بعثت بخطاب الى سورية تطلب معلومات عن بعض الامور غير المتسقة في التقارير السورية التي تسلمتها.
بعد ذلك يصدر التقرير حكمه بان سورية لم تكن متعاونة مع الوكالة وان عليها ان توقع ملحق البروتوكول الاضافي للضمانات وان تسمح بتفتيش موقع دير الزور مرة اخرى وان تستجيب لتفتيش مواقعها دون عائق بما في ذلك المواقع العسكرية.