يدلي الناخبون الأتراك اليوم بأصواتهم في استفتاء على حزمة من التعديلات الدستورية تستقطب الاهتمام وتحمل إمكانية إدخال تغييرات بعيدة المنال على السلطة القضائية ذات النفوذ القوي في البلاد.
وينظر إلى الاستفتاء، المتوقع أن يمرر بفارق ضئيل، على أنه اقتراع بالثقة على شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم قبل إجراء الانتخابات العامة العام المقبل.
ويقول مؤيدو الاستفتاء إن الإصلاحات الدستورية سوف تدعم الديموقراطية في تركيا والحقوق الأساسية للأفراد، وتجعل البلاد أكثر تماشيا مع معايير الاتحاد الأوروبي الذي أعرب الاتحاد الأوروبي بدوره عن تأييده للإصلاحات المقترحة.
أما المعارضون فيرون أن بعض التعديلات لن تحقق الفصل بين السلطات وستمنح الجهازين التشريعي والتنفيذي للحكومة، ومن ثم الحزب الحاكم، مزيدا من السيطرة على السلطة القضائية.
وتتضمن الحزمة 26 تعديلا جديدا أو معدلا من شأنها حماية حقوق النساء والأطفال والمعاقين، وتأسيس جهاز تحقيق مستقل، والسماح بالعضوية في أكثر من نقابة عمال واحدة، وتخفيف القيود الحالية على الإضرابات العمالية ومنح الموظفين المدنيين الحق في المساومة الجماعية ضمن أشياء أخرى.
وتتضمن أيضا تعديلات مثيرة للجدل والتي من شأنها إعادة تشكيل أعلى محكمة في البلاد وهي المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاة.
وممثلي الادعاء وذلك بزيادة عدد أعضاء الجهازين وتغيير النظام الذي يعينون على أساسه.
وقال جاريث جينكنز، وهو صحافي بريطاني ومحلل مقيم في تركيا، لوكالة الأنباء الألمانية ان «هذه الإصلاحات سوف تمكن الحكومة من تغيير تركيبة السلطة القضائية لصالحها» واستبدال القضاة المؤيدين للعلمانية بأولئك الأكثر تعاطفا لأيديولوجية حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل.
وقال إن «الحكومة تصف ذلك بأنه عملية تحول ديموقراطي، ولكنني أرى ذلك في جانبه الأعظم أنه تغيير في الحماية الأيديولوجية».
وتركيبة السلطة القضائية تمثل أهمية خاصة لحزب العدالة والتنمية بعد إلغاء الحزب تقريبا في إجراءات قضائية عام 2008.
وقام رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، زعيم الحزب الحاكم، بحملة رأي عام ضخمة لدعم الاستفتاء ونظم تجمعات في أنحاء البلاد وأعلن أن التصويت بـ «نعم» هو تصويت لصالح الديموقراطية.
بالمقابل قام حزبا المعارضة الرئيسيان، حزب الشعب الجمهوري العلماني وحزب العمل الوطني، بحملات مكثفة ضد الاستفتاء، بينما قاطعه تماما حزب السلام والديموقراطية الموالي للأكراد.
أما جماعات العمال والجمعيات المهنية والمنظمات غير الحكومية فهي منقسمة بشدة حول الموضوع، فبعضها يقر الاستفتاء والبعض الآخر يقف بقوة ضده، بينما اختار فريق آخر الوقوف على الحياد.
ولن يكون بمقدور الناخبين التصويت على تعديلات فردية، ولكنهم يجب أن يدلوا بأصواتهم اما لصالح أو ضد الحزمة ككل، وهو ما انتقده بعض المراقبين.
وقال إيلتر توران، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيلجي، لوكالة الأنباء الألمانية إن «الحكومة لم تكن متأكدة من الموافقة على البندين القضائيين، ولذا لجأت لتضمينهما في حزمة مع كافة التعديلات الأخرى».
ويشعر البعض أيضا بأن التعديلات المقترحة لم تشرح بشكل كاف للناخبين.
وبدون إمكانية التصويت على التعديلات بشكل فردي وعدم وضوح ما تتضمنه التعديلات الدستورية لدى الكثير من الناخبين، فإن أغلبية الناخبين الأتراك البالغ عددهم 50 مليون ناخب أصبحوا منقسمين عبر الخطوط الحزبية.
واضاف توران انه «بتقديم حزمة تضم كثيرا من العناصر غير المترابطة ومطالبة الناس بالتصويت بنعم أو لا، فإن الحكومة جعلت من هذا الاستفتاء تقريرا عاما على الثقة في الحكومة».
ويستعد حزب العدالة والتنمية الموجود في السلطة منذ عام 2002، للانتخابات العامة المقررة في العام المقبل. وتتوقع بيانات استطلاعات الرأي أن يمرر الاستفتاء بهامش ضئيل.
يذكر أن حزمة الاستفتاء الحالي تم إقرارها في البرلمان في مايو، ولكنها لم تحصل على أغلبية الثلثين كي تصبح قانونا، مما تطلب إجراء استفتاء وطني.