في لحظة تاريخية، صوت الناخبون الاتراك امس في استفتاء حول تعديلات دستورية جوهرية تعزز إجازتها سلطة حكومة رجب طيب اردوغان ذات الميول الاسلامية، كما ان رفضها يعيد المعارضة العلمانية الى الواجهة من جديد، وفي حين تشير اخر استطلاعات الرأي الى ان غالبية بسيطة من الاتراك سيعطون اصواتهم لصالح الاصلاحات فان استطلاعات سابقة اشارت الى ان الفارق ضئيل مما يعني ان فوز أي من الطرفين قد يكون ممكنا.
والاصلاح المقترح الذي اعتبره الاتحاد الاوروبي «خطوة في الاتجاه الصحيح»، يحد من صلاحيات القضاء العسكري ويعدل، لمصلحة السلطة، تشكيل هيئتين قضائيتين تعتبران حصنين للعلمانية وخصمين شرسين للحكومة: المحكمة الدستورية ومجلس القضاء الاعلى الذي يعنى بتعيين القضاة والمدعين العامين.
وتؤكد المعارضة العلمانية ان هذا الاصلاح يهدد استقلال القضاء ويعرض للخطر فصل السلطات وترى ان التصويت لمصلحة التعديلات الدستورية سيتيح وصول مقربين من حزب العدالة والتنمية الى ارفع هيئتين قضائيتين مما سيتيح احكام السيطرة على القضاء قبل الانتخابات النيابية في 2011.
ويحصل الاستفتاء بعد 30 عاما بالتمام والكمال على انقلاب عسكري هو الثالث في تاريخ تركيا بعد انقلابي 1960 و1971 وقد وعد حزب العدالة والتنمية (الحاكم) بالانتهاء من وصاية العسكريين على الحياة السياسية ويعد هذا الاستفتاء اختبارا كبيرا لشعبية اردوغان الذي يدعم حزبه اصلاحات ليبرالية لكن العلمانيين يتهمونه بأن لديه تطلعات اسلامية.
من جانبه، اعتبر الاستفتاء من قبل الحزب الحاكم والاتحاد الاوروبي خطوة في الاتجاه الصحيح، فيما ترى المعارضة أن هذا الاصلاح يهدد استقلال القضاء ويعرض للخطر فصل السلطات.
ويتولى حزب اردوغان السلطة منذ 2002، وهي فترة طويلة استثنائية في تركيا، وأظهر آخر استطلاع للرأي أن 53% من الأتراك سيصوتون بالموافقة وأن 46% سيعارضون التعديلات المتنازع عليها.
وطبقا للمراقبين السياسيين، فإن حصول حزب العدالة والتنمية على نسبة 53% من المؤيدين على تعديلاته سيؤمن تمريرها وإقرارها لكن ذلك في المقابل سيحرج الحكومة ايضا ويظهر أن شريحة كبيرة من الشعب التركي لا يأتمنون اردوغان على دستورهم.
وعلى الرغم من اختلاف التفسيرات حول تقادم الوقائع ام لا، فإن رفع الحصانة عن العسكريين منفذي انقلاب 1980، هو احدى اكثر النقاط التي تم التوافق عليها، في المشروع الذي يتضمن اعادة النظر في 26 مادة بالاجمال في الدستور الذي كتبه الانقلابيون في 1982.
وفي 2008، نجا حزب العدالة والتنمية في اللحظة الاخيرة من قرار بحله بتهمة القيام بأنشطة معادية للعلمانية. وساهمت المحاكم ايضا في عرقلة كثير من الاصلاحات، كإلغاء منع الحجاب في الجامعات.
ويقول المحللون انه في حال صوت الناخبون ضد الدستور، سينعش ذلك المعارضة ويمدها بمزيد من المصداقية.
وقد سجل حزب رئيس الوزراء فوزا كبيرا في الانتخابات العامة الاخيرة التي اجريت في 2007 (46.6% من الاصوات)، لكنه اظهر مؤشرات تراجع في الانتخابات البلدية العام الماضي (39%).
ويؤكد حزب العدالة والتنمية أن هذا الاصلاح الذي يتجه نحو مزيد من الديموقراطية، سيكون مكسبا لترشيح تركيا الى الاتحاد الاوروبي الذي تعارضه بلدان كبيرة في الاتحاد مثل المانيا وفرنسا.
وقد قسمت الحملة حول هذا الاستفتاء الاتراك، وترافقت مع هجمات بين اردوغان وابرز منافسيه كمال كيليجدار اوغلو رئيس حزب سي.اتش.بي العلماني، ودولت بهجلي رئيس تيار القوميين الذين لوحوا بشبح «الديكتاتورية العلمانية» في تركيا حيث يتحدثون عن تعديات على حرية الصحافة وعمليات تنصت غير قانونية على الاتصالات الهاتفية.
وتوجه الى الحكومة ايضا انتقادات بسبب سياستها الخارجية مع اتهامها بتقريب تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي، من ايران وجيرانها العرب، وبالاختلاف مع اسرائيل حليفها السابق.