في وقت مازال يتواصل فيه الجدل في نيويورك وعدد من الولايات الأميركية حيال مشروع المركز الإسلامي المقترح تشييده بالقرب من منطقة غراوند زيرو، مزق استاذ في القانون الاسترالي اوراقا من المصحف والانجيل ولفها سجائر راح يدخنها وهو يسأل ايهما يشتعل افضل، وذلك في شريط فيديو نشره على موقع يوتيوب بعد الجدل الذي اثاره في العالم اجمع قس اميركي دعا الى حرق المصحف ثم تراجع عن دعوته. وظهر الكس ستيوارت، وهو عضو في جماعة ملحدة، في شريط الفيديو ومدته 12 دقيقة وهو بعنوان «الكتاب المقدس او القرآن، ايهما يحترق افضل؟» وهو يحمل باحدى يديه مصحفا وبالاخرى الكتاب المقدس قبل ان يمزق ورقة من الاول واخرى من الثاني ويلفهما سجائر اشعل فيها النار وراح يدخنها امام الكاميرا.
وهذا الشريط الذي سحب لاحقا من موقع يوتيوب، تم تحميله على الموقع نهاية الاسبوع الماضي بعدما دعا قس اميركي الى حرق 200 مصحف على الملأ في الذكرى التاسعة لاعتداءات11 سبتمبر، قبل ان يعود في النهاية ويتراجع عن خطته هذه التي اثارت موجة احتجاج عالمية وتحذيرات من خطر تنفيذها على ارواح الاميركيين ولاسيما منهم الجنود في افغانستان، وإثر نشر الشريط استدعت جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا ستيوارت الذي يعمل استاذا لديها واوقفته عن العمل. وقال نائب مستشار الجامعة بيتر كولدراك للصحافيين «بالطبع الجامعة مستاءة ومصابة بخيبة امل من حصول امر كهذا».
وبرر ستيوارت فعلته بانه اراد ان يمارس حقه في حرية التعبير. وقال «شريط الفيديو كان مزحة بالطبع»، مشيرا الى انه وضع داخل اللفائف التي دخنها امام الكاميرا حشيشا طبيعيا وليس حشيشة الكيف.
إلى ذلك نقلت امس صحيفة الدايلي تلغراف البريطانية عن الإمام فيصل عبدالرؤوف، الذي يقف وراء مشروع بناء المركز الإسلامي، قوله إن سياسيين من أمثال سارة بالين (المرشحة السابقة عن الحزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس) هم المسؤولون عن إشعال مشاعر الخوف المتزايدة من الإسلام، التي أدت إلى حرق وتمزيق نسخ من المصحف الشريف في الذكرى التاسعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وفي الوقت الذي أعلن فيه القس الأميركي، تيري جونز، عدوله عن تنفيذ تهديداته بحرق نسخ من المصحف الشريف في الذكرى التاسعة لهجمات سبتمبر في غاينيسفيل (فلوريدا) السبت الماضي، تم حرق نسخ من المصحف في تينيسي ونيويورك بشكل مستقل، كما قام متطرفون مناهضون للإسلام بتمزيق صفحات من المصحف أمام البيت الأبيض، بالتزامن مع قيام رجل بتقطيع صفحات من المصحف الشريف وإضرام النار فيها أثناء احتجاج بالقرب من موقع مقترح لبناء مركز إسلامي ومسجد بالقرب من موقع غراوند زيرو. وأوردت تقارير صحافية أن الرجل أخذ يصيح ويقول «إذا كانوا يستطيعون حرق الأعلام الأميركية، فأنا بوسعي أن أحرق القرآن».
وأضاف عبد الرؤوف في هذا السياق «ما حدث هو أن بعض السياسيين رأوا أن هذا المشروع سيكون مفيدا للغاية بالنسبة إلى طموحاتهم السياسية. وهو ما أدى إلى تنامي مشاعر الخوف من الإسلام في الولايات المتحدة».
وذكرت الصحيفة في هذا الإطار أن سارة بالين كانت الشخصية البارزة الأولى في البلاد التي تدلي بدلوها فيما كان يتم وصفه بالنزاع المحلي، حينما قامت بإرسال رسالة على موقع التدوين المصغر «تويتر» في يوليو الماضي، وقالت فيها: «أطلب من المسلمين الساعين لتحقيق السلام أن يتفهموا أن بناء مسجد بالقرب من منطقة غراوند زيرو عبارة عن تحريض غير ضروري، لأنه يطعن القلوب. لذا، أرجوهم أن ينبذوه من أجل الصالح العام».
وتعقيبا على ذلك، أوردت التلغراف عن الإمام عبد الرؤوف، قوله «لقد كان تدخل بالين ماكرا، وساهم في جعل القضية مثارا لجدال الأشخاص المتطرفين ونقاشهم طوال أشهر الصيف. كما أبدى عبد الرؤوف تردده حيال النظر في إمكانية نقل المشروع إلى مكان آخر نظرا للطريقة التي سيفسر بها ذلك الأمر من قبل المتطرفين الإسلاميين، وقال هنا «أكثر ما يقلقني إزاء نقل المركز إلى مكان آخر هو أن العنوان الأبرز في العالم الإسلامي سيكون أن الإسلام يتعرض للهجوم في الولايات المتحدة».
وفي الوقت الذي أظهر فيه رئيس بلدية نيويورك، مايكل بلومبيرغ، دعمه لمقترح بناء المسجد، بالتزامن مع تدخل الرئيس باراك أوباما لتذكير المنتقدين بأن الحريات الدينية في أميركا تسمح للجميع بفتح أماكن مقدسة لممارسة العبادات الخاصة بجميع الأديان، قرر العديد من النواب الديموقراطيين البارزين، ومن بينهم، هاري ريد، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، أن ينأوا عن الموقف الذي التزمه الرئيس الأميركي.
من جانبه، أدان شيخ الازهر د.احمد الطيب امس «العمل الحقير» الذي قامت به امس الاول مجموعة مسيحية صغيرة متطرفة عبر تمزيق بضع صفحات من القرآن امام البيت الابيض، خلال الاحتفالات بالذكرى التاسعة لاعتداءات 11 سبتمبر 2001.
وهاجم الشيخ د.احمد الطيب «قلة حاقدة اعماها التعصب ودفعها سوء القصد والاصرار على الاساءة للاسلام الى تمزيق صفحات من المصحف الشريف» لكنه اكد ان «هذا العمل الحقير لن ينال شيئا من كتاب الله». وفي تصريحات لوكالة انباء الشرق الاوسط المصرية، اعتبر شيخ الازهر ان هذه المجموعة «لا تعبر عن الغالبية الساحقة من شعوب العالم الغربي التي تشترك مع المسلمين في استنكار هذا العمل الاحمق».