يتوجه 17.5 مليون ناخب أفغاني مسجل الى صناديق الاقتراع غدا، للتصويت في ثاني انتخابات برلمانية تجرى بعد الإطاحة بحركة «طالبان» وسيشغل الفائزون في الانتخابات 249 مقعدا في مجلس النواب (ويلسي جيرجا) لمدة خمس سنوات، 68 مقعدا منها مخصصة للنساء.
يتنافس على تلك المقاعد 2556 مرشحا، من بينهم 406 سيدة، مقارنة بـ 238 سيدة ترشحت في الانتخابات البرلمانية السابقة عام 2005.
وأعلنت السلطات الانتخابية ان 5897 مركز اقتراع و18 ألف حجرة تصويت ستفتح أبوابها غدا، بينما سيظل 1119 مركزا مغلقا لأنها تعتبر خطرة للغاية بسبب الأنشطة العسكرية ويثير النشاط المتزايد لحركة طالبان وحملات الترهيب التي تقوم بها ضد المرشحين، من الآن شكوكا في شرعية نتائج الانتخابات التشريعية التي ستجرى غدا في افغانستان.
اذ قد يمنع ذلك عددا من الناخبين من التوجه الى صناديق الاقتراع فيما يمكن ان يدفع الفساد المتفشي في النظام ووصل الى قمة مؤسساته، غيرهم من الذين يمكنهم التصويت دون خطر، الى الاحجام عن ذلك. ودعي اكثر من 10.5 ملايين ناخب الى التصويت لاختيار نواب الجمعية الوطنية.
لكن هذه الانتخابات التي تهدف الى تجديد مجلس يهيمن عليه زعماء حرب وتكنوقراط وشخصيات من المجتمع المدني لم ينجحوا في الاجتماع الا نادرا ليواجهوا الرئيس حامد كرزاي، تجري في اوضاع مختلفة جدا عن تلك التي نظمت في 2004 فقد هدد المتمردون الذين وسعوا نطاق نشاطهم في السنوات الاخيرة بشن هجمات في يوم الاقتراع على الرغم من وجود حوالي 400 الف جندي اجنبي وافغاني ومن رجال الشرطة والاستخبارات.
وقتل ثلاثة مرشحين وخمسة من مؤيدي مرشحة في هرات (غرب) خلال الحملة وهاجم المتمردون عشرات من انصار مرشحين. ودعت طالبان مجددا الافغان الى مقاطعة الانتخابات التشريعية والانضمام الى «الجهاد والمقاومة» ضد «الغزاة» الأجانب. وقالت الحركة في بيان وصل عبر البريد الالكتروني لوكالة «فرانس برس»: «ندعو امتنا الإسلامية الى مقاطعة هذه العملية وبالتالي احباط كل مناورات الأجانب وطرد الغزاة من بلادكم والالتزام بالجهاد والمقاومة الإسلامية».
وأضافت ان «انتخابات تنظم تحت الاحتلال الأميركي لا تخدم الا مصالح الغزاة ولها عواقب خطيرة على شعبنا وبلادنا وتطيل في الواقع المأساة التي تعيشها بلادنا». وكانت حركة طالبان حذرت كل من يشارك في الاقتراع «تحت احتلال» القوات الأجنبية من انه سيكون «هدفا» لهجماتها. وقالت قيادة حلف شمال الأطلسي في افغانستان ان طالبان لا تقوم بـ «حماية» الافغان كما تقول، بل هي مسؤولة عن مقتل 25 مدنيا في أول اسبوعين من سبتمبر وجرح ستين آخرين. وصرح الجنرال افضل أمان قائد العمليات في الجيش الافغاني بأن «خطر الأعداء ليس كبيرا الى الحد الذي يتصوره الناس».
لكن التمرد امتد الى جميع أنحاء البلاد بما في ذلك الشمال الذي لم تطله من قبل، مستفيدا من الفساد المستشري والاتهامات بعدم الكفاءة التي توجه الى حكومة الرئيس حامد كرزاي. وقد أقامت طالبان التي تسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد حكومات محلية وتولت في بعض الاحيان القضاء مستفيدة من الفراغ الذي تركته كابول. ويخشى الافغان ان تتكرر هذه السنة اعمال العنف التي شهدتها الحملة للانتخابات الرئاسية في اغسطس 2009 والتي لم تتعد نسبة المشاركة فيها اكثر من 30% وشهدت عمليات تزوير واسعة لمصلحة كرزاي.
وقال مسؤول غربي في كابول طالبا عدم كشف هويته «علينا ان ننطلق من مبدأ ان طالبان ستحاول منع حسن سير الاقتراع عبر شن هجمات والقيام بعمليات ترهيب».
لكنه أضاف ان عمليات شديدة الدموية يمكن ان تدفع الافغان الى الاعتقاد بأنهم «على الطريق الخاطئ وان هذه العملية الديموقراطية الكبيرة لا تسير كما يجب»، معبرا عن خشيته من ان تحمل القوات الدولية مسؤولية هذا الوضع.
من جهته، اكد نيك ماروكيس المسؤول في المنظمة الأميركية «ديموكراسي انترناشيونال» (الديموقراطية الدولية) التي نشرت مراقبين في جميع أنحاء البلاد انه من المعروف «تاريخيا ان الناس في هذا البلد يدافعون عن السلطة بالعنف ويستولون عليها بالعنف. وهذا مازال يحدث».