علقت الصين الاتصالات رفيعة المستوى مع اليابان وهددت باتخاذ مزيد من الإجراءات بعد أن مددت محكمة يابانية احتجاز قبطان سفينة صيد صينية اصطدمت بزورقين لخفر السواحل الياباني.
ومثل هذه النزاعات الحدودية قد تتكرر لكن من المرجح أن تحتوي المصالح الاقتصادية القوية أضرارها.
وفيما يلي تفسير للنزاع وما يمكن أن يقود إليه:
ما سبب النزاع؟ يتعلق النزاع بسفينة صيد صينية اصطدمت في وقت سابق هذا الشهر بزورقين تابعين لحرس السواحل الياباني بالقرب من مجموعة جزر صغيرة في بحر الصين الشرقي يتنازع البلدان السيادة عليها.
واعترضت السلطات اليابانية سفينة الصيد واتهمت قبطانها تشان تشي شيونغ بالاصطدام عن عمد بزورق دورية وتعطيل الضباط.
وأمرت محكمة يابانية أمس الاول بتمديد حبس تشان لمدة عشرة أيام أخرى لكن طاقم الزورق عاد بالفعل إلى الصين.
وبسبب مطالبة كل من البلدين بالسيادة على المياه المحيطة بمجموعة الجزر التي يطلق عليها في اليابان سينكاكو وفي الصين دياويو دخلت الواقعة في إطار النزاع الحدودي على المنطقة التي تضم مياهها كميات وفيرة من الأسماك وربما تكون قريبة من احتياطيات ضخمة من النفط والغاز.
ما المرجح ان تفعله الصين واليابان؟ كثفت الصين ضغوطها عن طريق إلغاء اجتماعات رسمية والتهديد باتخاذ المزيد من الإجراءات الانتقامية.
ومن المرجح ان تزيد الصين ضغوطها الديبلوماسية على الأقل أثناء فترة اعتقال قبطان السفينة الصيني لكن ستسعى الحكومتان لاتخاذ خطوات محسوبة لتجنب تصعيد النزاع.
فقد يتصاعد الخلاف إذا أرسل أحد الطرفين على سبيل المثال سفنا حربية بالقرب من المنطقة المتنازع عليها أو إذا سمحت الصين بتكرار الاحتجاجات المناهضة لليابان التي اندلعت عام 2005 وانزلقت في مراحل منها إلى دائرة العنف وحين توقف الحديث تقريبا بين زعيمي البلدين.
وشهدت الصين احتجاجات محدودة مناهضة لليابان لكن الشرطة سارعت بتفريق المتظاهرين. ولدى البلدين الآن الكثير مما قد يخشيان ضياعه. فهما يمثلان معا نحو 17% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
والصين هي أكبر شريك تجاري لليابان منذ 2009. ومن شأن تصاعد النزاع أن يقلق بعض المستثمرين خاصة الشركات اليابانية التي تسعى لدخول الأسواق الصينية والانفاق على البنية الأساسية.
وعلقت الصين محادثات مع اليابان بشأن زيادة رحلات الطيران بين البلدين وقالت وسائل إعلام حكومية إن عدد السياح الصينيين الذين يزورون اليابان قد تراجع. ولم تظهر إشارات أخرى عن تضرر التجارة والاستثمار.
كيف يمكن أن تسوء الأمور؟ هناك مجال لاتساع نطاق هذا النزاع ولحسابات خاطئة تقود إلى توتر العلاقات الحدودية.
ويؤثر الرأي العام بدرجة كبيرة على العلاقات وهو ما يقيد قدرة الحكومتين على التراجع عن مواقفهما المعلنة.
وتشهد الصين عطلة لمدة ثلاثة أيام هذا الأسبوع وهو ما قد يفسح المجال لاحتجاجات عامة أوسع نطاقا. وكانت اليابان قد غزت الصين واحتلت أغلب أراضيها في الفترة من 1931 إلى 1945.
ولاتزال مرارة الأعمال الوحشية التي مارستها اليابان وقت الحرب تكمن وراء افتقار الرأي العام الصيني للثقة في اليابان.
ويستند الحزب الشيوعي الصيني الحاكم كذلك إلى ذكريات الحرب لتعزيز مسوغات بقائه في السلطة.
وفي حين يمكن للصين احتواء الغضب الداخلي تجاه اليابان مثلما فعلت بعد أحداث عام 2005 فإنها تتحرك بحذر شديد هذه المرة.
وهناك كذلك حذر واسع تجاه الصين في اليابان حيث يرى الكثيرون قوة الصين العسكرية المتنامية ونفوذها الاقليمي بمثابة تهديد كامن لأمن اليابان ونفوذها.
ما عــواقب هذا الـخلاف؟ أثارت هذه الواقعة توترات بشأن الحدود والنفوذ سيستمر أثرها بعد تسوية الخلاف. فمن المرجح أن تزداد المفاوضات بشأن احتياطيات الغاز البحرية المتنازع عليها بطئا.
كما ان تغير وجهات النظر بشأن النفوذ قد يزيد من التوترات ويتيح الفرصة للمزيد من هذا النوع من الأحداث.
وتظهر الاحصاءات الأولية أن الصين تجاوزت اليابان قليلا لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وتزامن صعود الصين في التصنيف الاقتصادي مع تحديث عسكري خاصة فيما يتعلق بتنامي نفوذها البحري مما يثير قلق اليابان.
لكن تزايد الاعتماد الاقتصادي المتبادل من شأنه احتواء هذه التوترات فقد زادت صادرات اليابان للصين عن صادراتها للولايات المتحدة العام الماضي لتمثل نحو 20%من إجمالي صادراتها.
ويقول تشي هونغ كوان من معهد نومورا لأبحاث أسواق المال إن من المرجح أن ترتفع هذه النسبة إلى 35% بحلول 2026.