أثار كتاب السياسي والاقتصادي الألماني المعروف، تيلو ساراتزين، جدلا واسعا في المجتمع الألماني، وانقساما كبيرا بين مؤيد لآرائه «التي تعبر عن رأي غالبية الألمان»، كما يذهب بعضهم، ومعارضين يرون أن الساسة الألمان يبحثون عن كبش فداء لسياساتهم الفاشلة التي أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة، حيث أزمة اقتصادية كبيرة تعصف بالاقتصاد الألماني وتشكل منعطفا خطيرا في تاريخ الاقتصاد الألماني وتاريخ ألمانيا نفسها، ويرى بعض المحللين السياسيين أن المصاعب التي تواجه ألمانيا اليوم لا تقل خطورة عما واجهته عقب خروجها مهزومة في الحرب العالمية الثانية.
«ألمانيا تلغي نفسها»، هذا هو عنوان الكتاب الذي يشغل الألمان، وكما أكدت جريدة «الشرق الاوسط» قد نفدت الطبعة الأولى، 20 ألف نسخة، خلال أيام وصدرت الطبعة الثانية بعدد أكبر، ويتوقع المسؤول عن دار النشر أن يتوالى صدور طبعة أخرى قبل نهاية هذه السنة. بداية، لابد من الإشارة إلى أن تيلو ساراتزين هو عضو بارز في الحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني، أحد أبرز وأكبر الأحزاب الألمانية، وهو اقتصادي مرموق وعضو مجلس إدارة البنك الاتحادي الألماني (دوتشه بنك) لذلك فلا علاقة له بالأحزاب اليمينية الألمانية المتطرفة التي تنادي بطرد المهاجرين وإغلاق أبواب ألمانيا أمامهم.
ولكن ما يطرحه ساراتزين في كتابه يفوق كل ما قاله العنصريون الألمان، الأمر الذي دفع أحد الأحزاب اليمينية إلى أن طلب منه الانضمام إليه لأن مواقفه تتفق تماما مع مواقف هذا الحزب.
يقول ساراتزين: «لابد من إنقاذ ألمانيا قبل فوات الأوان». ولكن لماذا؟ لأن «ألمانيا تسير نحو الهاوية لابد من العمل والعمل الشاق لإيقاف ذلك، بسبب انخفاض معدلات المواليد الجدد لدى الطبقات المتوسطة وازدياد عدد المهاجرين خاصة الجدد، وازدياد عدد المواليد لديهم وخصوصا لدى الأتراك والعرب، الأمر الذي ينذر بكارثة ديموغرافية»، حسب المؤلف.
ويشير المؤلف بأصبع الاتهام إلى الجالية المسلمة خصوصا الأتراك والعرب لكونها السبب الرئيسي لكل المشكلات التي تعاني منها ألمانيا، بسبب عدم رغبتها في الاندماج واعتمادها على المدفوعات الحكومية من خلال برنامج الرعاية الاجتماعية، وتحولها إلى بؤرة للتطرف الإسلامي مما يعرض السلام الاجتماعي الذي تتفاخر به ألمانيا للخطر.
ولا يكتفي الكاتب بذلك بل يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث إن هناك خطرا على الهوية الأوروبية والمسيحية لألمانيا بسبب سياسات الحكومة الفاشلة التي تشجع المسلمين على القدوم ونشر أفكارهم ودينهم في المجتمع الألماني.
ويحذر ساراتزين من أنه إذا لم يتم تدارك الأمر فإن ألمانيا ستتحول إلى دولة إسلامية خلال المائة سنة القادمة.
النقطة الأساسية في الكتاب هي اعتماد تيلو ساراتزين على علم الوراثة ومحاولة تأكيده أن الجينات الوراثية للمسلمين تختلف عن الجينات الوراثية للألمان والأوروبيين، عودة بشكل غير مباشر إلى النظرية النازية والدم الآري الصافي، لذلك هناك استحالة كما يرى الكاتب طبعا في اندماجها في المجتمع الألماني، فالجالية المسلمة تعيش في عزلة تامة ولا تتعلم اللغة الألمانية ولا تقبل الثقافة الألمانية وتعيش منعزلة تماما حيث الجهل والعنف والأصولية والحجاب أيضا.
ويؤكد ساراتزين: «لا نحتاج إلى المهاجرين المسلمين في أوروبا وألمانيا، فقرهم المعرفي لا يؤهلهم للمشاركة في بناء مجتمعاتنا، بل يشكلون عالة علينا يعيشون على المساعدات الاجتماعية التي تستنزف موارد الدولة، وهذا سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الألماني إذا لم نتدارك الأمر، إنهم لا يجيدون غير تجارة الخضراوات».
«ألمانيا تلغي نفسها» أو تنتحر كما يقول ساراتزين، لأن الغباء ينتشر في المجتمع الألماني بشكل لا مثيل له، فالأتراك والعرب والألمان من الطبقات الدنيا ينجبون أكثر بكثير من الألمان المتعلمين، ويعيشون على المساعدات التي تقدمها الدولة، الأمر الذي سيؤدي إلى نقص في عدد الألمان من الطبقات المتوسطة المثقفة والمتعلمة التي تشارك في بناء ألمانيا، والنتيجة ان الألمان سيتحولون إلى أقلية في بلدهم وستتحول ألمانيا، هذه القوة الحضارية والاقتصادية الهائلة، إلى دولة فقيرة وستكون بؤرة للتطرف الإسلامي في أوروبا في أقل من مائة سنة قادمة.
بقي أن نشير إلى أن عدد المسلمين في ألمانيا، حسب آخر الإحصاءات، هو نحو 4 - 9 ملايين، 62 % منهم من الأتراك والبقية من الدول العربية وشمال أفريقيا، ونسبة قليلة من شرق أوروبا مثل يوغوسلافيا السابقة وبلغاريا وألبانيا.