بات الفوز بالتزكية في الانتخابات البرلمانية البحرينية لسنة 2010 السمة الأبرز للمشهد السياسي الداخلي، حيث وصل عدد الفائزين بالتزكية إلى خمسة من أصل أربعين نائبا، بعد أن انسحب منافسوهم تاركين لهم المجال للجلوس على مقاعدهم البرلمانية قبل موعد الاقتراع بنحو شهر.
وبذلك يكون 12.5% من مجمل العملية الانتخابية قد حسم، وهي ظاهرة لم تشهدها انتخابات 2002 و 2006، حين لم يتأهل بالتزكية إلا النائبة لطيفة القعود التي عاودت الكرة في الانتخابات الحالية، مع 4 نواب آخرين، بينما يظل العدد مرشحا للزيادة.
وبعد فوز «نواب التزكية» الخمسة، لن يتوجه حوالي 18380 مواطنا مدرجا على جداول الانتخاب في دوائر النواب الفائزين للتصويت في صندوق الاقتراع.
ويرى النائب السابق المحامي فريد غازي أن هذه الظاهرة لها بعدان، بعد قانوني وآخر سياسي. ويقول إن «البعد القانوني يتمثل في أن الدائرة التي ينسحب منها المرشح ترفع نسبة المشاركة في مجمل العملية الانتخابية، حيث ان الدائرة اتفقت على هذا المرشح وفاز بالتزكية. وعندما تعلن النسبة فإن كل الناخبين يعتبرون مشاركين، وأنا غير مقتنع بهذا المفهوم».
ويضيف أن «المفهوم السياسي يتمثل في أن عملية الانتخاب تذكي روح المنافسة، وتثبت إرادة الأغلبية. بينما الفوز بالتزكية، ورغم مشروعيته، إلا أنه سيعني عزوف المرشحين عن الترشح، وإذا كبرت هذه النسبة فستكون كارثة، تتمثل في عزوف التنافس الانتخابي».
وعن الأسباب التي قد تؤدي إلى الانسحاب، يقول غازي: «عدة أسباب دفعتهم للانسحاب. السبب الأول قد يكون أن المنافسين قد يجدون في المرشح قوة انتخابية لا يمكن مواجهتها، وسيضيفون لهم أعباء مادية ونفسية عليهم وعلى أسرهم، مما يقدرها هو أن العملية لا تستحق المواصلة».
ويضيف «وفي بعض ما قرأناه، بغض النظر عن صحته، هناك بعض المنسحبين تعرضوا لضغوط، وهناك منسحبون حصلوا على إغراءات مادية، وهذا ما يتم تداوله. وقد تكون هناك أسباب خافية عنا، وقد يكون الانسحاب يأتي بسبب التأخر في تقدير المسؤولية المترتبة على الترشح، فبعد أن يترشح ويصبح الأمر واقعا يشعر بأن المسؤولية كبيرة وضخمة، ثم ينسحب، لأن عملية الانتخاب فيها إرهاق مادي جسيم».
من جانبه، رأى النائب السابق جاسم عبدالعال «أن هذه الظاهرة غير محببة، لأنها تغيب روح المشاركة، وكأنه مجلس معين، والحماس يقل للانتخاب. وأتمنى من الفائزين أن يخصصوا المبالغ التي رصدوها لخوض المعترك الانتخابي للفقراء والمحتاجين في مناطقهم».
وأضاف «لابد من حدوث منافسة واحتكاك، وعدم مصادرة حق الناس في الترشيح، سواء بضغوطات دينية أو سياسية، وفي بعض المناطق من يترشح فيها يصبح وكأنه ضد التوجه الديني، وهذا موضوع غير صحيح بتاتا».
وختم «أتمنى ألا تتسع هذه الظاهرة، فهي عملية غير مريحة، وتحرم الناس من حق التصويت والذهاب إلى صندوق الاقتراع، ونحن لا نريده مجلسا معينا، وأعتقد أن جميع النواب يفضلون هذا الأسلوب لعدم وجود نفس لخوض المعترك الانتخابي، خاصة أن مرحلة الانتخابات هي مرحلة الخبرة والمتعة وعصر الأفكار والخطاب الانتخابي والحماسة التي تفيد النائب فيما بعد العمل النيابي».
لكن النائبة لطيفة القعود، وهي أول الواصلين إلى برلمان 2010، تعتبر التزكية «ظاهرة صحية، مادامت تتم بشرعية ونزاهة». وتضيف القعود «التزكية تعني أن أهالي الدائرة راضون عن أداء نائبهم للدورة السابقة مما يقلص فرصة منافسيه. كما أن نظام التزكية أكثر ديموقراطية من نظام الكوتا الذي يعمل به في أكثر من بلد عربي مما يساهم في وصول برلمانيات قليلات الخبرة». وتؤكد القعود أن الفوز بالتزكية يجعل النائب أمام مسؤولية إضافية.
تجدر الإشارة إلى أن المدير التنفيذي للانتخابات نواف المعاودة أعلن إغلاق باب الترشيح للانتخابات البلدية والبرلمانية، التي ستجري في 23 أكتوبر، لانتخاب 40 عضوا في مجلس النواب البحريني، إضافة إلى 40 عضوا في خمسة مجالس بلدية.