قبل مائة يوم من الاستفتاء حول تقرير المصير في جنوب السودان، تعد هذه المنطقة نشيدا وطنيا لكيانها المرتقب انفصاله، غير ان التطلعات هي بحجم التحديات التي يتعين رفعها من خلال تنظيم هذا الاستفتاء التاريخي.
وتقول كلمات «النشيد الوطني» المرتقب «ايها المحاربون السود، لننهض في صمت وإجلال لتحية ملايين الشهداء الذين عمدت دماهم مداميك امتنا»، وذلك في اشارة الى ضحايا 22 عاما من الحرب الاهلية مع السلطات المركزية في الشمال.
ويضيف النشيد «نتعهد بحماية امتنا» واعدا بـ «السلام والحرية والعدل».
ولئن أصبحت كلمات النشيد جاهزة، فان القلق ما انفك يزداد بشأن التأخير المسجل في الاستعدادات للاستفتاء المقرر في 9 يناير 2011.
ولايزال يتعين تدريب المسؤولين على الاستفتاء وانجاز عملية التسجيل المكثف للناخبين المقرر في نوفمبر وطبع كمية كبيرة من الوثائق وتوزيعها على جميع ارجاء المنطقة الشاسعة التي تشمل الكثير من الغابات والسباخ والسهول وتبلغ مساحتها مساحة اسبانيا والبرتغال مجتمعتين، غير انها لا تضم الا 60 كلم من الطرقات المعبدة.
وسيكون بامكان الجنوبيين القاطنين في مناطق شمال السودان المشاركة في الاستفتاء غير ان المعايير التي سيتم بها ذلك ليست واضحة بعد.
ويقول ايان كوير عضو فريق من الشباب ينظم شهريا تظاهرات لتوعية السكان حول الاقتراع المقبل، «ننظم الاستفتاء لنتمكن من التصويت من اجل حريتنا، غير انه لايزال هناك الكثير من الاشياء التي لم تنجز».
ويؤكد الأسقف واني ليمي وهو من قادة المبادرة من اجل الاستفتاء التي يتولاها رجال الدين في جنوب السودان «نحن بحاجة الى دعم عملي حتى ينجح الاستفتاء» مضيفا ان «الناس يشعرون بقلق بالغ».
ومن المقرر ان ينظم استفتاء آخر في التاريخ ذاته في منطقة ابيي الحدودية المتنازع عليها، حيث سيقرر سكان ابيي انتماء منطقتهم لشمال السودان او جنوبه. بيد انه لم يتم حتى الان تعيين اعضاء لجنة الاستفتاء في ابيي.
ويشكــل الاستفتــاءان اهم بنود اتفاق السلام الشامل الــذي انهــى فــي 2005 الحرب الاهلية التي قتل فيها مليونا سوداني.
ويخشى الكثيرون ان يؤدي التأخير الى الالغاء، في حين يصف سالفا كير «رئيس» منطقة جنوب السودان تاريخ 9 يناير بانه «مقدس».
وقال كير «هناك بالتأكيد مخاطر حقيقية من عودة العنف على نطاق واسع اذا لم يتم انجاز الاستفتاءين كما هو مقرر».
وأكد الرئيس السوداني عمر البشير مرارا ان الاستفتاء سيتم في موعده، بيد ان منسوب التوتر يبقى مرتفعا.
ولايزال قادة الشمال والجنوب يبحثون مسائل تقاسم عائدات النفط والدين الخارجي للسودان (35 مليار دولار) وترسيم الحدود وقضية المواطنة.
وحتى اذا نظم الاستفتاء في موعده، فإن محللين يخشون من حدوث تزوير ومن ان يرفض الشمال نتيجته بداعي عدم مصداقية الاستفتاء.
ويتطلب تبني اي قرار نسبة 50% زائد صوت واحد في حين ان قبول نتائج الاستفتاء تستدعي نسبة مشاركة لا تقل عن 60%.
ويرى جون اشفورث المتخصص في السودان في تقرير حديث لمجموعة «باكس كريستي» ان «تزوير الأغلبية البسيطة سيكون امرا بالغ الصعوبة، لان كل المؤشرات تظهر ان غالبية المصوتين سيختارون الانفصال» عن الشمال.
ويضيف «بيد انه سيكون من الاسهل تزوير نسبة المشاركة (60 %).
وإحدى التكتيكات يمكن ان تكون جعل عملية التصويت صعبة على الناخبين بسبب انعدام الأمن او النقل او مشاكل اخرى».