أكدت مصادر مطلعة على سير مباحثات تشكيل الحكومة العراقية اتفاق المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والقائمة العراقية بزعامة إياد علاوي على تحالف جديد.
وأضافت المصادر في تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية أمس أنهما أجلا إعلانه الذي كان مقررا أول من أمس كي لا يقعا في موقف محرج مع إيران التي كانت تستقبل في نفس الوقت نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته وزعيم ائتلاف دولة القانون.
وأشارت المصادر، التي رفضت ذكر أسمائها، إلى أن «المالكي أراد أن يوصل رسالة إلى إيران بأن الكتل الشيعية متفقة على ترشيحه وأن المجلس الأعلى هو الوحيد الذي تخلف عن الركب ويريد الاتفاق مع العراقية، لكن المجلس الأعلى والعراقية اتخذا موقفا سريعا وأجلا إعلان تحالفهما لأنهما لا يريدان الدخول في مواجهة مع إيران أو مع أي طرف آخر يريد إضعاف هذا التحالف».
إلى ذلك، نقل مقرب من الصدر للصحيفة أن الصدر أبلغ المالكي خلال لقائهما في قم بإيران أول من أمس «بأنه لن يؤيد حكومة لن يشترك فيها ائتلاف العراقية وأنه (الصدر) يعتبر مشاركة العراقية والمجلس الأعلى الإسلامي والأكراد أساسية».
من جانبه، أكد رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي امس أن حوارات ومشاورات تشكيل الحكومة العراقية مستمرة، «ونحن الآن في نهاية الطريق، وسترى الحكومة الجديدة النور قريبا».
وقال المالكي، عقب اجتماعه مع الرئيس المصري حسني مبارك بالقاهرة، إن المباحثات تناولت مناقشة الأوضاع السياسية في العراق «بشكل مفصل».
واضاف «إننا عرضنا من جانبنا الجهود والاتجاهات الرامية لتشكيل حكومة وحدة وطنية لكي يكون شعار المرحلة المقبلة هو البناء والإعمار وتثبيت الأمن، مؤكدا أن تحقيق ذلك إنما يتطلب تقوية العلاقات وتوقيع الاتفاقيات مع الدول الصديقة والشقيقة حتى تكون شريكة للعراق في عملية الأعمار».
وأشار المالكي إلى أن الرئيس مبارك أبدى اهتماما كبيرا بهذا الموضوع، وأصدر توجيهات مباشرة لرئيس الوزراء المصري ووزير الخارجية بمتابعة عمل الشركات المصرية في العراق، والعمل على زيادة مساهمة الشركات المصرية في جهود التنمية واعادة الاعمار هناك.
وتعهد المالكي بتقديم كل التسهيلات اللازمة حتى تكون الشركات المصرية متواجدة في السوق العراقية، إلى جانب الشركات الأجنبية الأخرى العاملة في العراق، وتذليل العقبات التي قد تظهر أمام عمل تلك الشركات المصرية من خلال متابعة مباشرة واتصالات مستمرة بين المسؤولين في البلدين، سواء تعلق هذا بالشركات العاملة في مجالات الإسكان او البترول والغاز او إقامة المستشفيات، وكذلك العمل على إقامة سوق تجارية حرة مشتركة تسهل حركة التجارة بين البلدين، إضافة إلى إمكانية نقل الغاز العراقي عبر خط الغاز العربي الذي يبدأ من مصر وينطلق إلى دول عربية أخرى.
وأشار المالكي إلى اهتمام بغداد بأن تكون مصر، كدولة عربية كبرى، على اطلاع جيد وتفصيلي بتطورات الأوضاع السياسية العراقية، حيث نسعى إلى الانطلاق في الفترة القادمة بعدما استطعنا كبح جماح الطائفية والعصابات والإرهاب، نريد أن ننطلق إلى مرحلة البناء والاعمار من خلال تشكيل حكومة قوية.
وردا على سؤال حول إمكانية وجود انفراجة قريبة في مسألة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، قال المالكي إن «هدفنا بالتأكيد هو تشكيل حكومة عراقية قوية ومتماسكة تمثل كل أطياف الشعب العراقي، ولو كنا نريد تشكيل حكومة فقط ضمن سياقات إعداد المقاعد البرلمانية لاستطعنا ذلك منذ وقت طويل، لكننا نريد تشكيل حكومة قوية تنهض بالمهام الملقاة على عاتقها».
وأكد المالكي أن الحوارات والمشاورات مستمرة، «ونحن الآن في نهاية الطريق، وسترى الحكومة الجديدة النور قريبا، وهى حكومة شراكة وتمثيل حقيقي بحيث لا يشعر أي مكون من مكونات الشعب العراقي أنه مقصى أو مبعد منها».
وحول رؤية الرئيس مبارك التي لمسها خلال اللقاء إزاء تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، قال المالكي إن موقف الرئيس مبارك واضح وصريح، «وهو مع العراق كله»، مشيرا إلى أن كل من زار مصر من «القيادات العراقية وحاولوا أن يجعلوا من مصر منحازة إلى فريق أو آخر لم يحصلوا على فرصة في هذا الخصوص».
وأضاف أن الرئيس مبارك أكد خلال اللقاء أنه مع «خيارات الشعب العراقي ومع تشكيل الحكومة التي يختارها أبناء الشعب العراقي أنفسهم»، وأن مصر تقف إلى جانب هذا الاختيار، مشددا على أن الرئيس مبارك يؤيد المشروع العراقي «وفق السياقات القانونية، ويطمح لرؤية حكومة عراقية تمثل جميع أطياف الشعب العراقي».
وفي معرض رده على سؤال حول إمكانية تنفيذ عمليات إعادة الاعمار في ظل تردى الوضع الأمني، قال المالكي إن العراق قد تجاوز مرحلة التدهور الأمني، مشيرا إلى أن الوضع الأمني في العراق لم يعد كما كان عليه رغم حدوث بعض الحوادث المتفرقة، «وهناك الآن بالفعل مئات وربما آلاف الشركات من مختلف دول العالم التي تمارس عملها في العراق».
وأكد المالكي أن حرص شركات عالمية كبرى في مجال النفط على العمل في العراق بجانب الشركات العربية «إنما يؤكد هذا التحسن الأمني، في ظل خطة العراق الرامية إلى زيادة إنتاجه إلى 11 مليون برميل يوميا». وقال ان الحكومة العراقية أبدت استعدادها لتأمين مواقع العمل وتحصينها ضد أي أعمال عنف.
وحول مغزى جولته الإقليمية في هذا التوقيت، قال المالكي «اننا نريد من هذه الجولة أن نوضح مجريات ما يحدث في العراق، والأوضاع السياسية هناك ، والمشاورات الجارية، ونريد كذلك أن نزيل بعض الشبهات والإشكالات التي ربما تثار بسبب بعض الملابسات التي تحدث، كما أننا نريد من الدول الصديقة أن تكون إلى جانبنا، ونريد الحصول على دعمهم لنا، ومساعدتهم ورأيهم ومشورتهم، ولكننا في الوقت ذاته لا نريد من أحد أن يتدخل في تشكيل الحكومة العراقية، وإنما نريد موقفا متوازنا ومحايدا من كل من يريد أن يكون شريكا معنا».