قال الزعيم السوداني المعارض الصادق المهدي إن استفتاء جنوب السودان تحول الى «بقرة مقدسة» لا يمكن لأحد في البلاد المساس بها وإن الولايات المتحدة فقط يمكنها المطالبة بتأجيله.
لكن زعيم حزب الامة السوداني المعارض حذر في كلمة بالمجلس المصري للشؤون الخارجية امس الاول من أن اجراء الاستفتاء المقرر في التاسع من يناير المقبل بدون توفير ضمانات لنزاهته يمكن ان يدفع بالبلاد الى كارثة.
وقال المهدي الذي تولى رئاسة الوزراء في السودان في الستينيات والثمانينيات من القرن الماضي ان «اجراءات الاستفتاء مقيدة بمواقيت يستحيل تحقيقها».
وتحدث عن عراقيل كثيرة امام اجراء الاستفتاء بشأن تقرير المصير للجنوب بموجب اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 ومنها غياب الثقة والتعاون بين شريكي الحكم في البلاد حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان صاحبة السيطرة في الجنوب.
واشار ايضا الى ان الميزانية المطلوبة لعمل مفوضية الاستفتاء لم تدفع، كما اشار إلى وجود خلافات حول كيفية تصويت ما بين مليون ومليوني جنوبي في الشمال.
وقال ان طرفي الاتفاقية التي انهت اطول حرب اهلية في افريقيا تأخرا كثيرا في التفاوض حول قضايا كان ينبغي تسويتها قبل الاستفتاء منها مسائل الحدود والجنسية والعملة والأمن الوطني والمخابرات والاصول والديون والنفط وقضايا أخرى.
وطبقا لاتفاقية السلام الشامل في السودان المبرمة في نيفاشا بكينيا عام 2005 فمن المقرر اجراء استفتاءين متوازيين احدهما بخصوص ما اذا كان الجنوب سينفصل عن الشمال او يبقى متحدا معه والاخر يحدد انضمام أبيي للشمال أو للجنوب.
لكن العلاقات بين الطرفين لاتزال متوترة وأثار بطء التحضيرات المخاوف من احتمال تأجيل الاستفتاءين وهو الافتراض الذي قال الجنوب انه غير مقبول وقد يؤدي الى عودة الحرب.
وقال المهدي ان الاسرة الدولية بقيادة الولايات المتحدة «غير مهتمة بنوع الاستفتاء بل بشكله وهذا سيناريو كارثي».
واضاف ان موجة الدعم الأميركي للموقف الشكلي ترجع الى أن الرأي العام الأميركي يريد ان يرى أميركا مؤيدة للجنوب.
«شعبية الحكومة الأميركية في حاجة لانجاز لارضاء الرأي العام الأميركي».
وقال ان «الاستفتاء اصبح بقرة مقدسة» لا يستطيع احد ان يمسها في السودان.
واضاف انه لا أحد يستطيع الكلام عن التأجيل الا الولايات المتحدة التي يعتبرها الجنوبيون بمثابة «ولي الامر» وأي جهة اخرى محلية او عربية او اجنبية ستكون مبرراتها محل تشكيك من الجنوبيين. وحذر المهدي من ان اجراء الاستفتاء بدون ضمان نزاهته يعني ان نتائجه ستفتقد المصداقية وستكون مختلفا عليها وهو ما يمكن ان «يسمم العلاقات بين الشمال والجنوب ويجعل السودان جبل مغناطيس يجذب اليه جميع تناقضات المنطقة: نزاعات القرن الافريقي وحوض النيل وغرب افريقيا والشرق الاوسط». واضاف «القضية ليست متى يجري الاستفتاء ولكن ضرورة ان يكون حرا نزيها وأن يتفق على آلية لحل النقاط الخلافية». وقال المهدي ان الرئيس السوداني عمر البشير ونائبه الأول سلفا كير الذي يرأس ايضا حكومة الجنوب «ما برحا يؤكدان عزمهما على عدم استئناف الحرب وانا اصدقهما لأسباب موضوعية».
واضاف «هما ليسا شخصيات مارشالية... ومعلوم ان الجيوش التي تحكم تشغلها مصالح الحكم عن الحرب... والسودان تحت المجهر الدولي كل حركات قواته محسوبة ولا أحد يريد ان يتهم بشن الحرب».
لكن المهدي قال ان اسباب الحرب لا تتوقف على المشاكل الشمالية الجنوبية وان «ضحايا الاقتتال الجنوبي الجنوبي اكبر عددا من ضحايا الاقتتال الشمالي الجنوبي».
وحدد المهدي عشر نقاط «قابلة للالتهاب» بعد الاستفتاء بسبب الخلافات بشأنها ومنها «تبعية الجبلين ما بين الرنك والنيل الابيض» و«جبل مقينص» و«كاكا التجارية» و«بحر العرب» و«كفياكنجي وحفرة النحاس» و«أبيي» و«هجليج».
واقترح المهدي «اسناد ادارة الاستفتاء لجهة محايدة.. دول معينة تحت مظلة الامم المتحدة.. لأن أي جهة سودانية سوف يطعن في نزاهتها». وطالب ايضا «بمراجعة اتفاقية السلام الشامل كأساس للوحدة او للتوأمة بين الدولتين اذا قرر الجنوبيون الانفصال». واشار الى انه سيبحث هذه الرؤية في لقاء مع كير الاسبوع القادم في الخرطوم. وقال المهدي ان انفصال جنوب السودان يمكن ان يولد خيارات جديدة بالنسبة للشمال على غرار «الميثاق الثلاثي بين مصر والسودان وليبيا» في اشارة الى ميثاق طرابلس الذي وقعته الدول الثلاث في ديسمبر عام 1969 وشمل الى جانب التعاون الاقتصادي مجالات الدفاع والسياسة الخارجية وانضمت اليه سورية في نوفمبر 1970.