في خطاب قصير، حمل جملة من المعاني الإنسانية الداعية إلى التسامح الديني والسلام العالمي، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز امس الأول كلمة إلى عدد من سفراء الدول المعينين لدى المملكة. وقال خادم الحرمين في معرض خطابه حين استقبلهم في مكتبه بقصر اليمامة: «إن شاء الله المملكة العربية السعودية هي بلاد للعالم كله، ونحن ولله الحمد ديننا العقيدة الإسلامية، والديانات الثانية كلها منزلة من الرب عز وجل».
وعرج الملك عبدالله برسالته المتجددة الداعية إلى حوار الأديان الرامي إلى مصلحة الإنسانية قاطبة، ونبذ العنف الطائفي والديني قائلا: «التوراة والإنجيل والقرآن، نأخذ منها الكلام المنزل من الرب عز وجل، نبث على جميع العالم ما فيه مصلحة الإنسان والإنسانية، ولجمع كلمة العالم على كلمة واحدة، وهي العدل والتوفيق والسلام».
التسامح الديني
وقد ارتبط اسم خادم الحرمين بحوار الأديان، فقد افتتح في يونيو 2008 «المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار» الذي عقد على مدى 3 أيام في مكة المكرمة، وهدف إلى التشاور بين المسلمين حول مؤتمر الحوار بين الأديان السماوية الثلاثة وفقا لاقتراح خادم الحرمين.
وقال الملك عبدالله في كلمته الافتتاحية لذلك المؤتمر الذي حضرته 500 شخصية من 50 دولة ان هذا اللقاء يبعث برسالة للعالم مفادها أننا أمة قيم وعدل.
وأوضح أن المؤتمر يعد دعوة للبحث في التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، وبينها تطرف عدد من أبنائها.
وأشار خادم الحرمين الشريفين آنذاك إلى أن التسامح هو لغة الإسلام، مؤكدا ضرورة تعزيز لغة الاحترام بين الأديان السماوية.
وقال الملك عبدالله: «جاءت دعوة أخيكم لمواجهة تحديات الانغلاق والجهل وضيق الأفق ليستوعب العالم مفاهيم وآفاق رسالة الإسلام الخيرة دون عداوة واستعداء».
وناقش مؤتمر مكة الذي استمر لثلاثة أيام عدة محاور، أهمها الحوار وضوابطه، وأطراف الحوار من أتباع الديانات السماوية وأتباع الفلسفات كالهندوسية والبوذية، كما تطرق المشاركون أيضا إلى مستقبل الحوار مع المسيحية في ظل الإساءات المتكررة إلى الإسلام.
مؤتمر مدريد
وبعد مؤتمر مكة بشهر ونصف الشهر، وتحديدا في 16 الى 18 يوليو 2008، ترأس خادم الحرمين المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان الذي تقرر عقده في العاصمة الإسبانية مدريد، وحضرته 200 شخصية عالمية، ناقشت أربعة محاور: المحور الأول جاء تحت عنوان «الحوار وأصوله الدينية والحضارية»، وناقش موضوع الحوار لدى أتباع الرسالات الإلهية والفلسفات الشرقية، والمحور الثاني أتى تحت بند «الحوار وأهميته في المجتمع الإنساني»، وتضمن مناقشة الحوار وتواصل الحضارات والثقافات، وأثر الحوار في التعايش السلمي، وفي العلاقات الدولية، وفي مواجهة دعوات الصراع ونهاية التاريخ.
أما المحور الثالث فوقع تحت عنوان «المشترك الإنساني في مجالات الحوار»، ويبحث الواقع الأخلاقي في المجتمع الإنساني المعاصر، وأهمية الدين والقيم في مكافحة الجرائم والمخدرات والفساد، وعلاقة الدين والأسرة باستقرار المجتمع، ومسؤولية الإنسانية في حماية البيئة.
أما المحور الرابع «تقويم الحوار وتطويره»، فناقش مستقبل الحوار، وجهود الدول والمنظمات العالمية في تعزيز الحوار ومواجهة معوقاته، ومهمة الإعلام وأثره في إشاعة ثقافة الحوار والتعايش بين الشعوب، الحوار وأصوله الدينية والحضارية.