أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا أمس حكما بالإعدام شنقا حتى الموت بحق نائب رئيس النظام البائد عراب الافك طارق عزيز وسكرتير المقبور صدام حسين الشخصي عبد حمود فضلا عن سعدون شاكر رئيس جهاز الأمن ووزير الداخلية في النظام السابق وكل من سبعاوي ابراهيم الحسن وهو أخو غير شقيق لصدام، وعبدالغني عبدالغفور المسؤول البارز السابق بحزب البعث. وذلك لإدانتهم في قضية تصفية أحزاب دينية.
وقال القاضي محمد عبدالصاحب المتحدث باسم المحكمة العليا لرويترز «أصدرت المحكمة حكما بإعدام طارق عزيز وأربعة مدانين آخرين لارتكاب جرائم ضد الإنسانية. إن تهمة جريمة تصفية الأحزاب الدينية قد صنفت على انها جريمة ضد الإنسانية».
وأضاف «ان طبيعة هذه الجرائم تمثلت في القتل العمد والتعذيب والإخفاء القسري للأشخاص». كما قال مسؤول بالمكتب الإعلامي للمحكمة «الأدلة المتوافرة لدى المحكمة وإفادات الشهود كانت كافية لإدانتهم».
من جهته، قال بديع عارف محامي عزيز المقيم في عمان «هذا القرار سياسي وليس قانونيا. هو نفسه (عزيز) توقع هذا قبل فترة وخاصة بعد قيام الإدارة الأميركية بتسليمه إلى الحكومة العراقية وقال انه يتوقع انه لن يخرج من المعتقل (الا بعد ان يقتلوني)». الا أن عبد الصاحب أشار الى أن عزيز والأربعة الآخرين المدانين في القضية من المتوقع أن يستأنفوا الحكم. ويسمح القانون العراقي باستئناف تلقائي لجميع أحكام الإعدام والسجن مدى الحياة حتى لو لم يتقدم المتهم بطلب استئناف الحكم.
من جهتها اعتبرت عائلة عزيز الحكم انتقاما، وقال زياد عزيز نجل نائب رئيس الوزراء العراقي لوكالة فرانس برس ان صدور حكم الإعدام بحق والده «يمثل انتقاما من كل شيء له علاقة بالماضي في العراق ويثبت مصداقية المعلومات التي نشرها موقع ويكيليكس حول العراق».
وأضاف ان «والدي لم يكن له أي دخل بالاحزاب الدينية بل على العكس هو كان ضحية حزب الدعوة»، في إشارة الى تعرض عزيز الى هجوم بقنابل يدوية خلال حضوره تجمعا طلابيا في الجامعة المستنصرية في بغداد في ابريل 1980 ما أدى إلى إصابته بجروح.
وانتقد صدور هذا القرار، مشيرا الى ان والده «لم يحظ بمحام للدفاع في هذه القضية».
وتابع متسائلا «بأي منطق يحكمون عليه بهذه الصورة؟». وحكم الإعدام هو الأول الذي يصدر ضد عزيز الذي كان معروفا في العواصم الأجنبية والأمم المتحدة قبل سقوط نظام صدام. وبرز دوره أثناء الاحتلال العراقي الغاشم للكويت وفي حرب الخليج عام 1991 عندما كان وزيرا للخارجية.
وكانت المحكمة الجنائية العراقية العليا عقدت اولى جلساتها في 28 اغسطس عام 2008 للنظر في قضية (تصفية الأحزاب الإسلامية) برئاسة القاضي محمود الحسن ويمتثل فيها 25 متهما. ويبلغ طارق عزيز من العمر 74 عاما وحكم عليه في مارس 2009 بالسجن مدة 15 عاما نظير ارتكابه «جرائم ضد الإنسانية» في قضية إعدام 42 تاجرا في عام 1992.
اما سعدون شاكر فشغل منصب وزير الداخلية ابان تصفية الشخصيات الدينية والأحزاب الدينية وهو عضو في القيادتين القومية والقطرية في حزب البعث المنحل. في حين كان عبد حمود السكرتير الشخصي لصدام حسين ومرافقه الخاص طوال ثلاثة عقود.
وتنظر المحكمة في هذه القضية بجرائم التصفية الجسدية التي طالت احزابا وشخصيات دينية بارزة في العراق في نهاية عقد السبعينيات وبداية عقد الثمانينات في العراق ومن ابرزها حملت التصفية والتنكيل التي طالت (حزب الدعوة الاسلامية) بعد اعدام مؤسسه السيد محمد باقر الصدر في التاسع من ابريل 1980 وما اعقبه من حملات اعتقالات وإعدامات فضلا عن اغتيال شخصيات دينية بارزة مثل الشيخ عبدالعزيز البدري.
طارق عزيز من أكبر ديبلوماسي في العراق إلى حبل المشنقة
أعلنت المحكمة العليا في العراق إصدار حكم بإعدام طارق عزيز أحد أبرز مساعدي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وفيما يلي بعض الحقائق الاساسية بشأن المتحدث المخلص باسم صدام والوجه الظاهر للنظام.
ديبلوماسي صدام:
-
ـ عين عزيز وزيرا للإعلام في أواخر السبعينيات. وفي عام 1977 انضم الى مجلس قيادة الثورة وهو لجنة تضم كبار المسؤولين في حزب البعث الذي كان يحكم العراق. وأصبح نائبا لرئيس الوزراء في عام 1979.
-
ـ أصبح عزيز شخصية بارزة في الحروب الـ 3 التي خاضها العراق. وساعد في الحصول على تأييد الولايات المتحدة للعراق في حربه مع ايران التي استمرت في الفترة من عام 1980 الى عام 1988 وفي اقامة علاقات اقتصادية قوية مع الاتحاد السوفييتي.
-
ـ صعد نجم عزيز أكثر في وسائل الإعلام العالمية بعد غزو الكويت في عام 1990 والأزمة التي أعقبت ذلك.
-
ـ قام بدور ديبلوماسي بارز في الفترة التي سبقت حرب الخليج عندما كان وزيرا للخارجية وأظهر اتقانا للغة الانجليزية وقوة أعصاب ومهارات تفاوضية.
-
ـ رفض رسالة من الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الأب الى صدام في محادثات اللحظات الاخيرة في يناير عام 1991 بسبب لهجتها «المهينة».
-
ـ بعد أيام بدأ التحالف بقيادة الولايات المتحدة حملة عسكرية طردت القوات العراقية من الكويت.
-
ـ عقب ذلك أصبحت سفريات عزيز أقل لكنه بقي الصوت البارز للزعيم العراقي. وكانت آخر مرة ظهر فيها رسميا في مناسبة عامة يوم 19 مارس عام 2003 عشية الحرب للإطاحة بصدام للقضاء على شائعات بأنه ضرب بالرصاص أو انشق.
السقوط:
-
ـ كان عزيز رقم 43 في قائمة المطلوبين للولايات المتحدة من المسؤولين العراقيين عندما سلم نفسه للقوات الأميركية في ابريل عام 2003 بعد أسبوعين من سقوط نظام صدام.
-
ـ ظهر عزيز كشاهد في محاكمات سابقة لأعضاء النظام السابق بمن فيهم صدام.
-
ـ في ظهوره الأول لمواجهة اتهامات في ابريل عام 2008 كان عزيز يبدو شاحبا وواهنا واستخدم عصاه لمساعدته على السير.
-
ـ في مارس عام 2009 حكم عليه بالسجن 15 عاما لدوره في إعدام عشرات التجار عام 1992. ثم حكم عليه بعد ذلك بالسجن 7 أعوام في أغسطس عام 2009 لدوره في عمليات تهجير إجباري للأكراد من شمال العراق الغني بالنفط خلال حكم صدام.
-
ـ وفي يناير الماضي نقل الى المستشفى اثر إصابته بجلطة.
تفاصيل حياته:
-
ـ ولد عزيز لأسرة متواضعة في السادس من يناير عام 1936 في قرية تل كيف المسيحية قرب الموصل بشمال العراق. وهو مسيحي كلداني وهي أكبر طائفة مسيحية بالعراق، ووجوده في حكومة صدام كان يستخدم عادة كدليل على التسامح الديني للرئيس العراقي الراحل.
-
ـ درس عزيز الأدب الانجليزي في جامعة بغداد قبل ان يعمل في الصحافة. وبتأييد من صدام أصبح رئيسا لتحرير صحيفة الثورة الرئيسية الناطقة بلسان حزب البعث.