كشفت مصادر مطلعة أمس عن أن الحكومة التركية أدخلت تغييرات جذرية على وثيقة السياسة الأمنية لتركيا، والمعروفة باسم «الكتاب الأحمر»، والتي أقرها مجلس الأمن القومي في اجتماعه برئاسة الرئيس عبدالله غول أمس الأول.
وقالت المصادر «إن أهم جوانب التغيير في الوثيقة، تتمثل في استبعاد الأصولية من بين التهديدات التي تواجهها الجمهورية التركية، حيث تم استبدال مصطلح «الفعاليات الدينية الرجعية» بعبارة المنظمات التي تستغل الدين لمصلحتها في الفصل الخاص بالتهديدات الداخلية في البلاد وتخفيف حدة العبارات المتعلقة بالطرق الدينية».
وفيما يتعلق بالتهديدات الخارجية، تم استبعاد العراق وإيران وسورية واليونان من قائمة التهديدات الخارجية لاعداء تركيا والتركيز على سبل تعزيز التعاون مع هذه الدول المجاورة، لكنها لم تدخل أي تغيير على مسألة التعامل مع عدم التزام اليونان بتحديد الجرف القاري في بحر إيجه بمسافة 12 ميلا بحريا، حيث يعد عدم الالتزام بمثابة إعلان حرب، وعلقت أي تغيير في هذا البند على موافقة البرلمان.
وأبقت الوثيقة على اعتبار منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية خطرا على تركيا في فصل خاص يتعلق بالتهديدات الانفصالية.
كما استحدثت الوثيقة مجموعة من التهديدات التي أدرجت للمرة الأولى وهى تهديدات الانترنت والاختلالات الناجمة عن الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، وشيخوخة السكان، وتكنولوجيا الفضاء والقضايا المتعلقة بخطوط أنابيب الطاقة وأمنها.
ووصفت وسائل الإعلام التركية التعديلات التي أدخلتها الحكومة على «الكتاب الأحمر» في صورته الجديدة بأنها «تاريخية»، مشيرة إلى أن مبدأ سياسة «صفر المشاكل مع الجيران» قد تم إعماله في الوثيقة الجديدة.
وأشارت المصادر إلى أن انقرة تعتزم مستقبلا المراهنة على التعاون مع الدول المجاورة وهي السياسة التي ينتهجها وزير الخارجية أحمد داود أوغلو. وكانت الوثيقة تشير للأصولية الاسلامية تحت وصف «العداء للتقدمية»، ضمن أكبر المخاطر التي تهدد جمهورية تركيا العلمانية. وكان هذا التعبير يطول حزب العدالة والتنمية نفسه الذي يرأسه أردوغان.
في غضون ذلك، أعلن حزب العدالة الحاكم في تركيا أمس تخليه عن جهود لإلغاء الحظر على ارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية في المرحلة الحالية بعد رفض احزاب المعارضة دعم مثل هذه الخطوة.
وقال نائب حزب العدالة سعاد قليج في تصريحات للصحافيين انه قرر تأجيل تقديم قوانين تتعلق بتعزيز الحريات العامة في البلاد الى ما بعد الانتخابات العامة المقررة في يونيو من عام 2011 بسبب غياب الدعم من المعارضة لمثل هذه القوانين. وأثارت هذه المحاولة الحكومية استنفارا لدى أوساط التيار العلماني خصوصا في السلطة القضائية التي حذر فيها المدعي العام عبدالرحمن يالتشينكايا الحكومة من ان هذه المحاولة تتعارض مع النصوص الدستورية التي تحظر أي رموز دينية في المؤسسات العامة.
هذا وتعزز تركيا استثماراتها في العراق حيث تسعى الى استعادة نفوذها وتقوية وضعها كقوة سياسية إقليمية ومركز للطاقة في مكان مفضل بالنسبة لها منذ زمن بعيد. ولسنوات ركزت أنقرة ديبلوماسيتها على أوروبا لكنها حولت اهتمامها الى الشرق الأوسط ويعتبر دورها الصاعد كلاعب مؤثر ووسيط بناء اكثر من غيرها مثل السعودية او ايران. ويقول ديبلوماسيون وسياسيون إن أنقرة تنافس اميركا على اتفاقات البنية التحتية وعقود الطاقة وأصبحت لاعبا مؤثرا على الساحة السياسية اذ تحشد الدعم لتشكيل حكومة لا تستبعد السنة.