على بعد 3 أيام من انتخابات التجديد النصفية للكونغرس الاميركي في 2 نوفمبر المقبل، أخذت الحملات الانتخابية منحى مغايرا فرضه التهديد الارهابي الذي تجدد بقوة مع الكشف عن الطرود المفخخة الموجهة إلى أميركا. وفيما اعتبر الرئيس باراك أوباما أن اميركا تواجه «تهديدا ارهابيا حقيقيا»، اكد مستشار الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، جون برينان أن اكتشاف الطرود قبل بلوغها غاياتها لا يعني أن المخطط الارهابي قد أحبط بشكل كامل، ونقل راديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن برينان قوله أمس إن «الولايات المتحدة لا تفترض أن الهجمات قد أحبطت بشكل كامل ولا نزال يقظين». وعزز هذه المقولة ما نقلته قناة العربية عن مسؤولين أكدوا أن الطرود المشبوه الموجهة إلى الولايات المتحدة يبلغ عددها 15 طردا وأن البحث جار عن 13 طردا آخر.
أهداف يهودية
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن معلومة قدمتها السلطات السعودية قد أدت إلى اكتشاف الطرود المشبوهة التي تم إرسالها من اليمن إلى عناوين معابد يهودية بالولايات المتحدة. وقال ان «الولايات المتحدة ممتنة للملكة العربية السعودية لمساعدتها في توفير المعلومات التي مكنتنا من التعرف على التهديد القادم من اليمن».
وأضاف ان السعوديين، اضافة الى مسؤولين في بريطانيا ودولة الامارات العربية المتحدة وغيرها من «الاصدقاء والشركاء» قد مدوا يد العون للولايات المتحدة في التعرف على الطرود المريبة في مطار دبي ومطار ايست مدلاندز البريطاني.
وقبل ذلك قال الرئيس الاميركي في البيت الأبيض أمس الأول «اريد ان اعلم الأميركيين بوجود تهديد ارهابي حقيقي لبلدنا».
وأضاف ان الطردين اللذين عثر عليهما في طائرتين ومرسلين من اليمن «يحتويان على متفجرات على ما يبدو».
واكد ان الولايات المتحدة مصممة على «تدمير» تنظيم القاعدة.
وقد أعلن البيت الأبيض ان الرئيس الأميركي باراك أوباما حادث خادم الحرمين، الملك عبدالله ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون هاتفيا أمس لمناقشة المؤامرة الفاشلة.
من جهتها عرضت الشرطة الاماراتية صورا للطرد المفخخ والطابعة الملغومة، وأعلن قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان ان الطرد المفخخ الذي تم العثور عليه في مطار دبي ومصدره اليمن وكان مرسلا الى الولايات المتحدة كان «طردا ملغوما وكان يمكن ان يتسبب في عمل إرهابي» وينفجر داخل الطائرة.
وأوضح قائد شرطة دبي ان السلطات في الإمارة تلقت «معلومات من دول غربية تفيد بأن شحنة خرجت من اليمن» في اتجاه دبي عبر دولة عربية اخرى رفض ان يحددها، «ويحتمل ان فيها شيئا».
وكانت شرطة دبي أعلنت في بيان أمس ان الطرد يحتوي على متفجرات ومزود بنظام تفجير «يحمل خصائص مشابهة لأساليب سابقة نفذتها تنظيمات إرهابية كتنظيم القاعدة».
وأوضح البيان ان «التحقيقات التي أجرتها (شرطة دبي) بشأن الطرود المشبوهة والتي عثر عليها فريق البحث والقادمة عبر شركة فيدرال اكسيبرس الاميركية للشحن الجوي (فيديكس)» بينت انها «طابعة كمبيوتر تحتوي على مواد متفجرة وضعت في الحبر الخاص بالطابعة». واضاف انها «أعدت بطريقة احترافية تعمل من خلال دائرة كهربائية تتصل بشريحة هاتف نقال أخفيت داخل الطابعة».
وقالت شرطة دبي انها «تلقت معلومات عن طريق الاتصال الدولي تفيد باحتمال وجود مواد متفجرة مخفية في بعض الطرود البريدية القادمة من اليمن عبر شركة فيديكس إلى مطار دبي الدولي»، بحسب البيان.
واوضحت شرطة دبي ان الخبراء حددوا ان «المواد المكتشفة هي بيتن وايزايد الرصاص وهي مادة شديدة الانفجار تستخدم في صواعق التفجير».
من جهتها، قالت السلطات البريطانية ان القنبلة التي عثر عليها على متن طائرة شحن متجهة الى شيكاغو عبر بريطانيا كانت جاهزة للتفجير وبدرجة تكفي لإسقاط طائرة.
كذلك، أعلنت السلطات اليمنية إغلاق مكاتب شركتي فيديكس و«يو بي اس» التي نقلت الطردين من اليمن الى دبي وبريطانيا في طريقهما الى أميركا، وبدأت تحقيقا مع موظفي الشركتين.
تأهب عبر الأطلسي ودبي
وقد أعلن في وقت سابق حالة تأهب أمني قصوى في كل من بريطانيا والولايات المتحدة بعد ورود أنباء عن هبوط طائرة شحن على متنها شحنة مثيرة للريبة في مطار بريطاني.
وقد أعلن عن إغلاق جزئي لمنطقة في مطار إيست ميدلاندز بعد العثور على الطرد الـ «مشبوه».
وكانت ادارة أمن النقل في الولايات المتحدة قد أعلنت ان العديد من طائرات الشحن هبطت في مطارات متفرقة في الولايات المتحدة وان السلطات تشتبه في محتوى الشحنات الموجودة على متنها.
جرأة القاعدة
وبالإضافة الى محاولة تفجير طائرة الـ «بانام» الاميركية فوق مدينة ديترويت التي قام بها نيجيري قادم من اليمن وتبناها فرع «القاعدة» في الجزيرة العربية، فإن شأن محاولة تفجير الطرود القادمة من اليمن أن يفاقم المخاوف الأمنية بشأن هذه الدولة العربية التي تعاني من عدم الاستقرار والتي ينظر إليها الغرب باعتبارها موطن أحد أكثر أجنحة «القاعدة» إبداعا وجرأة.
وشن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بقيادة ناصر الوحيشي ـ المساعد اليمني السابق لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة ـ سلسلة من الهجمات ضد أهداف غربية وعربية خلال الشهور الثمانية عشر الماضية. واكتسب هذا النوع بفضل أنشطته سمعة كأشد أجنحة تنظيم القاعدة المتناثرة في أنحاء العالم عدوانية. حيث نفذ في عام 2009 هجوما انتحاريا قتل فيه أربعة سياح كوريين جنوبيين في اليمن، كما استهدف في العام الحالي مسؤولين أمنيين يمنيين مرارا. ولم تكن الهجمات وحدها هي التي أكسبت «القاعدة» في جزيرة العرب تلك السمعة السيئة اذ يرجع الفضل في ذلك أيضا إلى كونها منتجا نشطا لدعاية «القاعدة» كما أنها تنشر مجلة للتنظيم باللغة الانجليزية بعنوان «إنسباير» أدهشت الكثيرين بشكلها الأملس الذي يضاهي المجلات التي تستهدف المراهقين.
كما تستضيف أبرز الدعاة الذين يتقنون الانجليزية ويتهمون بالانتماء للتنظيم وهو أنور العولقي الداعية الأميركي المتشدد الذي ترجع أصوله إلى اليمن والذي يستخدم في جداله بفاعلية مصطلحات وأفكارا غربية وهي موهبة نادرة في صفوف «القاعدة».
والمساهمون في إصدار «إنسباير» أبرز نماذج موجة جديدة من المعلقين الناطقين بالانجليزية والذين يؤثرون في بعض الشبان المسلمين في الغرب.وكان العولقي القيادي الوحيد في القاعدة الذي ذكره بالاسم رئيس المخابرات الخارجية البريطانية جون سويرز عندما عرض التهديدات التي تواجهها بريطانيا يوم الخميس الماضي في أول كلمة على الإطلاق يلقيها رئيس للجهاز الأمني البريطاني أثناء تواجده في الخدمة.
ويشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق بشأن ظهور ما يسمى بالمتشددين الذين ينشأون محليا داخل الولايات المتحدة والذين يتبنون النهج المتشدد على ما يبدو من خلال زيارة مواقع إلكترونية تنشر تعليقات إسلامية مناهضة للغرب مكتوبة باللغة الانجليزية.