مع تعزز المخاوف من تحول اليمن إلى أفغانستان جديدة مدفوعة بازدياد نشاط تنظيم قاعدة جزيرة العرب المتمركز في اليمن، تصاعد هوس تشديد الإجراءات الأمنية في غير مكان لاسيما اوروبا التي باتت مستقبلا ومعبرا للطرود المفخخة سلاح القاعدة الجديد القديم، فقد اتخذت بريطانيا مزيدا من الإجراءات الأمنية الجديدة بتوسيع تعليق الشحن الجوي الذي فرض سابقا على اليمن ليشمل الرحلات القادمة من الصومال.
بينما أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي عن توسيع الحظر على الشحن الجوي ليشمل الصومال وتعليق اي شحنات وطرود قادمة من هناك.
وعلى خطى لندن، أعلنت هولندا أمس عن حظرها لدخول جميع الطرود البريدية وحركة الشحن القادمة اليها من اليمن، فيما دعت الحكومة البلجيكية المسافرين القادمين من اليمن والولايات المتحدة الأميركية الى توخي مزيد من الحذر بالإضافة الى اتخاذ الحيطة عند التعامل مع رحلات الشحن القادمة منهما.
وقبل بلجيكا قامت ألمانيا وفرنسا وكندا بتعليق الرحلات الجوية القادمة من اليمن.
أما الحلقة الجديدة في مسلسل ضبط الطرود المشبوهة فقد كانت في اليونان التي ضبطت وفجرت وفككت أكبر عدد من الطرود وأحدها كان موجها للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أول من أمس.
كما قامت أمس بتفجير طرد في السفارة البلغارية في أثينا التي أخطرت الشرطة في وقت سابق أمس بوجود طرد مشبوه على سورها، وعلى الاثر أرسلت الشرطة اليونانية الى السفارة البلغارية خبراء في تفكيك المتفجرات.
كذلك قامت بتفجير طرد آخر أمام ساحة البرلمان وكان مرسلا إلى سفارة تشيلي.
قبل ذلك، وقع انفجار في السفارة السويسرية في وسط أثينا في حين تعرضت دورية للشرطة لإطلاق نار في فاليرو، الضواحي الساحلية الجنوبية للعاصمة، كما أعلن مصدر في الشرطة.
وأوضح المصدر انه بحسب المعلومات فإن مجهولا ألقى عبوة ضعيفة القوة في باحة السفارة السويسرية، من دون ان يؤدي انفجارها الى اصابات.
كذلك أعلنت أثينا أمس أن طردا آخر انفجر قرب السفارة الروسية.
وبعد أثينا وفرنسا وبريطانيا، أعلنت الشرطة الألمانية العثور على طرد مشبوه في مكتب المستشارة الألمانية انجيلا ميركل ببرلين أيضا أمس.
من جهتها، أعلنت صنعاء المحتجة على إلغاء الرحلات الجوية من وإلى عدد من دول أوروبا، عن إطلاق حملة موسعة تستهدف مخابئ القاعدة في محافظتي مأرب وشبوة شرق العاصمة في محاولة لاعتقال السعودي ابراهيم عسيري المطلوب أمنيا والمشتبه في قيامه بتصنيع الطرود المفخخة.
وصرح مسؤول أمني يمني بأن هدف العملية في محافظتي مأرب وشبوة هو إضافة إلى اعتقال عسيري، القبض على أنور العولقي رجل الدين المتشدد أميركي المولد المطلوب القبض عليه في واشنطن لاتهامه بالاتصال بتنظيم القاعدة. وقد بدأت السلطات اليمنية أيضا محاكمة العولقي غيابيا الذي يعتقد انه ضالع في محاولة فاشلة لتفجير طائرة كانت متجهة إلى الولايات المتحدة في ديسمبر عام 2009 وهي المحاولة التي أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عنها. ويعتقد أن العولقي موجود في جنوب اليمن.
وقال المسؤول «يعتقد ان عسيري يختبئ ويتنقل مع أعضاء كبار بالقاعدة مثل ناصر الوحيشي (زعيم تنظيم القاعدة في اليمن). مازال رجال الأمن والمخابرات يتعقبونهم لتحديد أماكنهم بالضبط».
وتابع «الحملة تتضمن عملية عسكرية ومخابراتية مكثفة».
وقد أعادت هذه الطرود المفخخة اليمن الى واجهة الاهتمام الأمني الدولي ويقول مسؤولون إن الشحنات الناسفة تحمل بصمات الفرع الإقليمي لتنظيم القاعدة الذي يتخذ من اليمن مقرا له الا وهو تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي سبق ان أعلن المسؤولية عن محاولة فاشلة لتفجير طائرة متجهة الى الولايات المتحدة في ديسمبر الماضي.
وتردع المخاوف بشأن زعزعة الاستقرار في اليمن فضلا عن تفشي الفساد على نطاق واسع الاستثمارات الأجنبية الكبيرة خارج صناعة النفط بالبلاد فضلا عن تقييد النمو وتفاقم البطالة. ويحتاج نحو ثلث القوة العاملة لوظائف ويعيش اكثر من 40% من سكان البلاد البالغ عددهم 23 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم.
وطالما خشي حلفاء اليمن الغربيون والسعودية من استغلال تنظيم القاعدة الاضطرابات لتحويل البلاد الى قاعدة لانطلاق هجمات تزعزع استقرار المنطقة وقد دقت المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة في ديسمبر ناقوس الخطر.
وأعلنت صنعاء فيما بعد الحرب على تنظيم القاعدة وكثفت واشنطن من التدريبات ومعلومات المخابرات والمساعدات العسكرية التي تقدمها للقوات اليمنية مما ساعدها على شن هجمات عنيفة على مخابئ المتشددين والتي أسفر بعضها عن سقوط قتلى من المدنيين أيضا.
لكن عمليات القاعدة خلال العام المنصرم أثارت الشكوك بشأن مدى نجاح الحملة التي تقوم بها الدولة.
وتكافح صنعاء تنظيم القاعدة المرة تلو المرة منذ ما قبل هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة بالتعاون مع واشنطن في كثير من الأحيان لكن كثيرين في الغرب يعتبرون أن نهج الحكومة اليمنية في التعامل مع المتشددين تعوزه الحماسة وغير فعال.
وتصاعد نشاط القاعدة باليمن عام 2009 بعد أن اندمج جناح التنظيم بالسعودية الذي كان يلعق جراحه بعد حملة شنتها الرياض ضده مع جناح اليمن ليشكلا جناحا بالمنطقة مقره اليمن.
ومن بين زعماء القاعدة في جزيرة العرب ناصر الوحيشي الذي كان أحد أقرب مساعدي اسامة بن لادن ذات يوم، وهدف التنظيم المعلن هو استهداف الغربيين بمنطقة الخليج المصدرة للنفط.