يتجه الكونغرس الأميركي الى حالة من الجمود السياسي بعد انتخابات التجديد النصفي مما يمثل تحديا لجهود البلاد الساعية للخروج من الركود الاقتصادي.
فالناخبون الذين يشعرون بخيبة أمل بسبب البطالة ساعدوا الجمهوريين على السيطرة على مجلس النواب لكنهم تركوا السيطرة على مجلس الشيوخ في أيدي الديموقراطيين.
وسيتمكن مجلس نواب يسيطر عليه الجمهوريون من فرض تشريعات محافظة مستغلا أصوات الأغلبية البسيطة بما في ذلك إجراءات لتقليص الحكومة وخفض الضرائب.
لكن مجلس الشيوخ الذي لايزال الديموقراطيون يسيطرون عليه يستطيع وقف مشاريع القوانين هذه بما في ذلك الإلغاء المتوقع لإصلاح أوباما لنظام الرعاية الصحية.
ويعد صعود محافظي حزب الشاي مثل ماركو روبيو في فلوريدا وراند بول في كنتاكي نذير سوء لاحتمالات تعاون الجمهوريين مع أوباما في مجال الاقتصاد.
وقال ايثان سيجال المحلل بمؤسسة «واشنطن اكستشينج» البحثية «المجموعة المنتخبة حديثا من الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ ستعتبر أن مهمتها ليست التوصل لحلول وسط وعقد صفقات مع الرئيس أوباما بل تدمير ما تبقى من جدول أعماله وإلغاء إصلاحات الرعاية الصحية والخدمات المالية».
ويواجه الحزبان جدول أعمال مزدحما بالقضايا الاقتصادية منها ما اذا كان سيتم تمديد خفض الضرائب الذي طبق في عهد الرئيس السابق جورج بوش وخفض العجز البالغ 1.3 تريليون دولار وتوفير فرص عمل.
ولم يبد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد في حالة تسمح بالتوصل الى حلول وسط بعد فوزه بالكاد بفترة ثانية.
وقال في خطاب فوزه في نيفادا «الجرس الذي دق لتوه ليس نهاية المعركة إنه بداية الجولة المقبلة».
من جهة أخرى، ستعقد هزيمة الحزب الديموقراطي عمل الرئيس الاميركي في السياسة الخارجية والدفاع خصوصا في افغانستان.
حيث ستراقب الأغلبية اليمينية الجديدة عن كثب موقف البيت الأبيض في مواجهة روسيا والصين وستطارد كل ما يمكن ان يشبه ضغطا على اسرائيل.
والديبلوماسية والأمن القومي في الولايات المتحدة تقع في اطار عمل السلطة التنفيذية أولا. لذلك سيواجه اليمين البرلماني صعوبة في منع مبادرات اوباما.
لكن الكونغرس الجديد سيستغل كل صلاحياته ـ من جلسات الاستماع الى التأخير في تعيين الديبلوماسيين والقادة العسكريين الى تشكيل لجان التحقيق ـ لضرب الادارة تمهيدا للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2012، حيث تتعرض استراتيجية اوباما في افغانستان أصلا لانتقادات من كل جانب، يتسم بعضها بالتناقض.
وذكر ستيفن فلاناغان من من معهد الأزمات الدولية ان «الجمهوريين يعتقدون انه ما كان يجب ان يذكر موعدا، ويؤيدون التزاما على أمد أطول».
في المقابل وبعد 9 سنوات من الحرب، يقول المحلل ان «بعضهم يقترحون خفض عديد القوات والاكتفاء بالعمل على احتواء طالبان في جنوب البلاد وبمهمة لمكافحة الإرهاب في باكستان».
ويشاطرهم جزء من اليسار الديموقراطي هذا الرأي. فيقول ستيف كليمنز من مؤسسة نيو اميركا ان اوباما «لا يمكنه ان يفعل شيئا ليفلت من الانتقادات» ايا كان اداؤه في افغانستان.
وكان الرئيس الاميركي قدم النزاع في افغانستان على انه حرب «ضرورية» واستراتيجية للولايات المتحدة خلافا للحرب في العراق التي يحاول وضع حد لها.
وقال كليمنز انه اذا استؤنفت الحرب الاهلية في بغداد فان «الجمهوريين سيتهمون اوباما فورا بالتخلي عن ميدان قتال حيوي للمصالح الاميركية».
وقد يتهم الرئيس الاميركي ايضا بالضعف حيال الصين بينما تتهم واشنطن بكين بخفض قيمة عملتها.
وقد غابت السياسة الخارجية والدفاع بشكل شبه كامل عن الحملة الانتخابية. لكن النزعة القومية النقدية طرحت في كل المناظرات.
وفي الولايات المتحدة التي تشهد ازمة اقتصادية اصلا، ستطرأ تغييرات على ميزانية المساعدة المخصصة للتنمية التي وعدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بجعلها احد اعمدة السياسة الخارجية الاميركية.
أما الملف الآخر الذي يجب متابعته عن كثب، فهو معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية ستارت مع روسيا التي لم يصادق عليها الكونغرس حتى الآن.
إذ يرى عدد من اعضاء مجلس الشيوخ الأميركي ان واشنطن قدمت تنازلات مفرطة لموسكو في هذا الشأن.
وأخيرا يرى محللون ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعزز موقعه بضعف اوباما اذ ان عددا من الجمهوريين يعارضون ممارسة اي ضغط على اسرائيل لانتزاع اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
أما المسألة النووية الايرانية فمازالت في منأى عن الجدل خصوصا بعدما تمكنت واشنطن من إقناع الصين وروسيا بفرض عقوبات جديدة على ايران في مجلس الأمن الدولي.