تعهد الجمهوريون المنتشون بفوزهم بممارسة سلطتهم الجديدة في الكونغرس لإلغاء بعض من إنجازات الرئيس الديموقراطي باراك أوباما الرئيسية لكن أوباما الذي بدا واجما قال إن الناخبين يريدون أن يبذل كلا الحزبين مجهودا أكبر للتوصل إلى أرضية مشتركة.
وقال الجمهوري جون بينر المرجح أن يصبح الرئيس القادم لمجلس النواب، بعد فوز الجمهوريين بالأغلبية، للصحافيين «من الواضح للغاية أن الشعب الأميركي يريد حكومة أصغر ذات تكلفة أقل وأكثر قابلية للمحاسبة.. تعهدنا هو الإصغاء إلى الشعب الأميركي».
وعاقب الناخبون الذين ينتابهم القلق إزاء الاقتصاد غير الراضين عن قيادة أوباما الديموقراطيين بهزيمة ثقيلة في الانتخابات التي أجريت يوم الثلاثاء والتي منحت السيطرة على مجلس النواب للجمهوريين وأضعفت أغلبية الديموقراطيين في مجلس الشيوخ.
ووصف أوباما النتيجة بأنها «هزيمة منكرة» وصرح في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض بأن الحلول التي طلبها الأميركيون المحبطون سيصعب تحقيقها.
وقال بينر وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل إن الناخبين يريدون منهم العدول عن المبادرات التي مررها مجلس النواب أثناء سيطرة الديموقراطيين على المجلس خلال العامين المنصرمين مثل الرعاية الصحية وإصلاحات مالية تنظيمية.
لكن من المرجح بدرجة أكبر ان تسبب الادارة المنقسمة حالة من الجمود التشريعي عندما يبدأ الكونغرس الجديد دورته القادمة في يناير.
ويمكن للديموقراطيين في مجلس الشيوخ أن يمنعوا تمرير مبادرات مجلس النواب ومازال أوباما قادرا على الاعتراض على مشاريع القوانين رغم تراجع قوة الديموقراطيين. ولم يظهر الجمهوريون البارزون ميلا يذكر نحو الحلول الوسط. حيث قال مكونيل «نحن مصرون على منع الأجندة التي رفضها الأميركيون وتحويل اتجاه السفينة.. سنتعاون مع الإدارة عندما تتفق مع الشعب وسنواجهها عندما لا تفعل».
من جهتهم، قال مستثمرون إنهم يتوقعون أن يكون الجمهوريون أكثر تعاطفا مع مخاوف رجال الأعمال.
وأغلق مؤشر ستاندرد اند بورز عند أعلى مستوى منذ ستة اشهر محققا ارتفاعا بلغ 0.37% أمس الأول بعد أن أعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) خططا لمساعدة الاقتصاد.
وعلى الرغم من نجاح الديموقراطيين في الاحتفاظ بأغلبيتهم في مجلس الشيوخ إلا أن أسوأ مخاوفهم قد تحققت.
ولم يعد أوباما بعد تلك الليلة الانتخابية هو نفسه أوباما قبل الانتخابات، وانتهى مشروع الإصلاح وكذلك مشروع «التحول» وأصبح الملايين من أنصار الديموقراطيين حائرين ويتساءلون؟ كيف يمكن أن يحدث ذلك؟». قلما شهدت الولايات المتحدة تغيرا حادا ومفاجئا بهذا الشكل في توجهات الناخبين.
وكانت حالة من الترنح قد سادت في نفس اليوم تقريبا (الرابع من نوفمبر) قبل عامين عندما أصبح لأميركا رئيس أسود في أول مرة في تاريخها وبدا وكأنه «كندي جديد»، وبدا كل شيء ممكنا «نعم، نستطيع».
ولكن الأمر لم يمض عليه 12 شهرا قبل أن يتحول اتجاه الريح بشكل كامل بعد أن تباطأ نمو الاقتصاد وتزايدت البطالة ثم جاءت هذه الحركة «حزب الشاي» التي راهنت على تأجيج مشاعر الجماهير مما وضع الرئيس أوباما في مأزق كبير وجعله يبدو عاجزا.
و أصبح نقاد أوباما يتهمونه اليوم بأنه انتظر وقتا طويلا قبل أن يركز على تنفيذ مشروعه المحبب، إصلاح النظام الصحي وذلك على الرغم من التداعيات المؤلمة للأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
فهل أخطأ أوباما في تقدير المناخ في أميركا؟ وهو الذي نجح في كسب قلوب الملايين لصالحه في المعركة الانتخابية السابقة لانتخابات الرئاسة الماضية؟ وتمثل تقصير أوباما في أنه لم يكبح هذه الآمال رغم أن أقرب مستشاريه ألحوا عليه بذلك.
ويرى أحد مستشاري أوباما أن «كلمة الغرور ليست الكلمة المناسبة لوصف ذلك.. ولكننا كنا مفرطين في ثقتنا بأنفسنا».
وماذا بعد؟ ينشغل البيت الأبيض الآن بالبحث عن استراتيجية «ما بعد الانتخابات» وبدأ مهرة المعلقين يروجون نظرية مفادها أن هذه الدفعة التي تلقاها الجمهوريون والأغلبية التي حصلوا عليها في مجلس النواب في صالح أوباما وليست ضده وبرروا ذلك بأن أوباما سيستطيع ولأول مرة وضع أشد منتقديه في مكان المسؤولية.
أصبح على الجمهوريين الآن أن يقدموا حلولا عملية بدلا من مجرد النقد الإجمالي المسبق لأوباما وبدلا من الإلقاء باللوم دائما على «الحكومة الكبيرة» وعلى «الاشتراكية» المزعومة لأوباما أصبح عليهم تقديم اقتراحات ملموسة، وهو ما سيصعب كثيرا على نواب حركة حفل الشاي اليمينية التي تراهن على مجرد تأجيج المشاعر دون تقديم حلول عملية.