بدأ الرئيس الاميركي باراك أوباما جولته الآسيوية من الهند التي وصلها أمس واستهلها بزيارة رمزية لنصب «شجرة الحياة» التذكاري لضحايا هجمات مومباي تعبيرا عن التضامن بين البلدين في وجه الارهاب.
وفي دلالة رمزية أخرى أقام أوباما وزوجته ميشيل في مومباي بفندق تاج محل المطل على البحر، والذي كان محور أهداف الهجمات التي استمرت ثلاثة أيام وخلفت 166 قتيلا في عاصمة الهند الاقتصادية والمالية.
وشبه أوباما في أول تصريح له بعد وصوله مومباي ما حدث في مومباي بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، قائلا «لن ننسى أبدا».
وقال أوباما «تماما كما أقامت شعوبنا صلاة المساء سويا على ضوء الشموع. ستتعاون حكومتانا معا بشكل أوثق مما كان في الماضي. سنتبادل المعلومات ونحول دون وقوع أي هجمات أخرى ونطالب بتقديم الجناة للقضاء».
وأضاف «حقا، تعمل الولايات المتحدة والهند بشكل أوثق مما كان في السابق للحفاظ على سلامة شعوبنا. وأتطلع لتعميق تعاوننا في مكافحة الإرهاب عندما ألتقي رئيس الوزراء (مانموهان) سينغ في نيودلهي».
ووصف أوباما تاج محل بأنه سيظل «رمزا للقوة والعزيمة والتفاؤل».
وقال إن مرتكبي تلك الهجمات يجب أن يمثلوا بين يدي العدالة «أولئك الذين هاجموا مومباي أرادوا اثارة الفوضى في هذه المدينة وفي هذه الدولة. لكنهم فشلوا».
وأضاف: أن شعلة الحرية لا يجب أن تنطفئ، فالتاريخ في صالحنا، ان القتلة الذين يستهدفون الابرياء ليس لديهم ما يقدمونه سوى القتل والدمار.
وقال باراك أوباما، ان الولايات المتحدة والهند ستعملان معا على نحو أوثق من أي وقت مضى من أجل الحفاظ على أمن وسلامة شعبي البلدين.
واستطرد: انني لن أنسى أبدا تلك الصور المروعة لهجمات 26 من نوفمبر 2008 التي استهدفت مدينة مومباى. إن الارهابيين يستهدفون أماكن العبادة للهندوس والمسلمين والسيخ والمسيحيين واليهود على حد سواء.
وتجنب الرئيس أوباما ذكر اسم باكستان أو الشبكات الارهابية في المنطقة في كلمته المقتضبة بفندق تاج محل. في الوقت الذي تتهم فيه الهند باكستان بالتورط في هجمات مومباي والتي أدت الى توتر العلاقات بين البلدين.
لكن ذلك لم يعجب المسؤولين الهنود حيث، أثار إحجامه عن ذكر باكستان في الكلمة التي ألقاها عقب لقائه أسر ضحايا هجمات مومباي جدلا واسعا.
وخلال جولته التي تستمر عشرة أيام في آسيا وسيزور خلالها أيضا إندونيسيا وكوريا الجنوبية واليابان سيسعى أوباما لحث الدول على عدم خفض قيمة عملاتها من جانب واحد لحماية صادراتها وهو احد الموضوعات الرئيسية في قمة زعماء مجموعة العشرين التي تعقد في سيئول الأسبوع الجاري.
وأبرزت كلمته أهم التحديات الديبلوماسية التي يخوضها اوباما، حيث أراد الهنود بيانا قويا ضد باكستان لرعايتها متشددين ولكن واشنطن تسعى لتحقيق توازن دقيق بين ارضاء الهند ودعم حليفتها الاقليمية باكستان.
ونشطت محطات التلفزيون وحفلت بتعليقات محللين ابدى معظمهم دهشته من لهجة كلمة أوباما المتحفظة.
وقال المحلل الاستراتيجي ماهروف رضا لقناة «تايمز ناو» الاخبارية «انه بيان متحفظ. عدم ذكر باكستان يوضح ان باكستان مهمة لسياستها (الولايات المتحدة) في افغانستان».
وفي مبادرة رمزية أخرى، زار الرئيس الأميركي متحف الزعيم الهندي غاندي في مومباي. وكتب في سجل الزوار أن المهاتما غاندي كان مصدر الهام للعالم بأسره.
وقضى الرئيس الأميركي الذي يزور الهند لمدة ثلاثة أيام، هو وزوجته، نصف الساعة في منزل «ماني بهافان» وهو المنزل الذي كان الزعيم الهندي العظيم يعيش فيه كلما حل في مومباي خلال الفترة 1917 ـ 1943. ثم تم تحويله لمتحف ومكتبة مخصصين لمتعلقات غاندي.
وكتب أوباما في سجل الزوار في ماني بهافان «يملؤني الأمل والإلهام وأنا أحظى بزيارة هذا الشاهد على حياة غاندي..إنه بطل. ليس بالنسبة للهند فحسب. بل للعالم أجمع».
وكثيرا ما أعرب أوباما عن إعجابه وتقديره لغاندي لأنه نجح في تغيير العالم بقوة اخلاقه فحسب.
وفي جانب آخر من زيارة أوباما، وفي محاولة لاسترداد ما خسره في انتخابات التجديد لنصفية، أعلن الرئيس الاميركي عن اتفاقيات تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار في الهند يفترض ان تؤدي الى استحداث حوالي 50 الف فرصة عمل اميركية.
ودعا اوباما من جهة اخرى الهند الى تخفيف القيود التي تضعها على صعيد التجارة والاستثمار، من اجل تحفيز العلاقات الاقتصادية بين اكبر ديموقراطيتين في العالم.
وفي حضور مجموعة من المسؤولين الاقتصاديين، دعا اوباما الى القيام «بخفض حاسم للعوائق على صعيد التجارة والاستثمار» في قطاعات تبدأ من الاتصالات وصولا الى تجارة المفرق.