فيما يستمر الخلاف السياسي العراقي، تتصاعد اعمال العنف التي تزيد بشكل مكثف مخاوف مسيحييه من عمليات استهدافهم التي لا يبدو أن آخرها ستكون هجمات أوقعت أمس أكثر من 36 قتيلا وجريحا.
سياسيا، أبدى رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي تشددا في مواقفه السياسية محذرا في الوقت ذاته من «تحول الاختلاف الى صراع»، وذلك خلال خلال اجتماع للتحالف الوطني الشيعي الذي غاب عنه المجلس الاسلامي الأعلى.
وشدد على «التحدي والصلابة والاصرار على ألا نسمح لمثالب الفتنة والمؤامرة ان تعود مرة اخرى وتصادر كل ما تم انجازه ببركة دماء شهدائنا وفي طليعتهم الصدران الاول والثاني والاف الشهداء الابرار».
مشيرا الى محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر اللذين قتلهما النظام السابق العامين 1980 و1999 على التوالي.
وأضاف «هذه ليست المحطة الأخيرة كما انها ليست الضربة الأخيرة التي نضرب فيها خيوط المؤامرة التي كادت ان تنجح من خلال ما تمت حياكته عبر أشهر سبقت الانتخابات وجاءت بما جاءت به» في اشارة الى فوز «العراقية» بزعامة خصمه الأبرز اياد علاوي. وتابع المالكي مشيرا الى جلسة البرلمان المزمع عقدها اليوم انها «ستكون البداية تأسيس الدولة العراقية وليس تشيكل الحكومة فقط لانها ستتشكل على اسس تستكمل تلك التي قطعنا بها الشوط».
وقال ان «مجلس النواب هو الماكينة التي تحرك عجلة الدولة والاختلافات في وجهات النظر لن تنتهي وستبقى موجودة فهذه مسألة طبيعية والحياة قائمة على هذا، لكن يجب ان نعلم انه عندما نختلف فيما بيننا فاننا جميعا في مركب واحد، والاختلاف اذا لم يدر بعقلية واخلاقية مسؤولة فستتوسع الدائرة ويتحول الى صراع».
وهاجم خصومه مطالبا بأن تكون الشراكة حقيقية «الذي يريد ان يكون شريكا ينبغي ان يكون شريكا حقيقيا ويتحمل المسؤولية وألا تكون له قدم مع الحكومة وقدم مع المعارضة والارهاب والقاعدة».
إلا أن كتلة العراقية المنافسة والتي حققت أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، كان لها رأي آخر اذ اكدت انه من الصعوبة جدا على ضوء كثرة الموضوعات التي يتضمنها جدول اعمال القادة الذين يواصلون اجتماعاتهم منذ الاثنين الماضي الاتفاق على تشكيل الحكومة قبل عيد الاضحى.
واشار مستشار القائمة العراقية هاني عاشور الى ان هناك 11 نقطة من جدول اجتماع قادة الكتل لم تتم مناقشتها حتى الان وهناك نقاط جوهرية وحساسة لم يجر حسمها ايضا.
واكد ضرورة ان ترسم اجتماعات القادة ملامح الشراكة بمعناها الحقيقي حتى لو تأخر تشكيل الحكومة اياما اخرى «لكي لا نخسر المستقبل ولنضمن عدم عودة التفرد والديكتاتورية»، مشيرا الى ان موعد اجتماع البرلمان اليوم الخميس ليس مقدسا امام ضمان حكومة ممثلة للشعب للسنوات المقبلة.
واضاف ان الحديث عن المناصب الان سابق لأوانه قبل حل الخلافات في النقاط المطروحة على طاولة البحث لقادة الكتل مشيرا الى ان علاوي على اطلاع كامل بما يجري داخل الاجتماع ومازال متمسكا بمفهوم الشراكة الوطنية كطريق لانقاذ العراق حيث ان اجتماع اعضاء القائمة العراقية سيرسم ملامح الموقف الحاسم من شكل الحكومة المقبلة.
وقال ان المشروع الوطني للقائمة العراقية هو عنوانها للدخول في أي حكومة مقبلة وان أي محاولة لا تنسجم مع هذا المشروع ستكون خطوة ضد مسيرة الديموقراطية في العراق وسيكون مصيرها الفشل وان العراقية تتحصن اليوم بارادة ناخبيها وفوزها بالمرتبة الاولى في الانتخابات وهو الامر الذي لا يمكن تجاوزه لانه سيكون بمثابة طعنة للعراق الديموقراطي الجديد.
في الغضون، ارتفعت حصيلة ضحايا الانفجارات التي استهدفت صباح أمس منازل للمسيحيين في العاصمة العراقية (بغداد) إلى 6 قتلى و33 مصابا. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن مصادر في الشرطة العراقية قولها «إن الانفجارات التي وقعت أغلبها بواسطة عبوات ناسفة استهدفت مناطق مختلفة في العاصمة (بغداد) ذات أغلبية مسيحية». وأشارت مصادر إلى ان غالبية «الاعتداءات وقعت في حي الدورة وكمب سارة والكرادة «في بغداد، هذه الاعتداءات وسابقاتها أججت المخاوف لدى المسيحيين، حيث لجأ كثير منهم الى كاتدرائية سيدة النجاة للسريان الكاثوليك وسط بغداد للطلب من الاسقف مساعدتهم في الفرار بعد الاعتداءات الجديدة».
وقال وسام أحد الفارين «تحاول زوجتي اقناعي بمغادرة البلاد منذ سنتين، فلم اوافق، لكنني اليوم مقتنع بانها محقة، لا اريد ان اشعر بالذنب اذا حدث امر سيئ لاحد ابنائي».