في الوقت الذي ينوي فيه حلف شمال الأطلسي الذي يعقد قمته ـ امس واليوم ـ في لشبونة نشر درع مضادة للصواريخ في أوروبا دون توضيح «جذور التهديد»، أكد ديبلوماسي أن الإعلان الختامي لقمة لشبونة لن يذكر إيران كتهديد ليضمن الحلف انضمام تركيا الشديدة الحرص على علاقات حسن الجوار مع طهران إلى هذا المشروع.
وقالت الرئاسة الفرنسية «لن نوضح في الوثائق التي يتعين تبنيها جذور التهديد الذي يبرز»، علما ان فرنسا وبلدانا أخرى كانت تنوي في البداية تسمية إيران، وأكد ديبلوماسي ان «الإعلان الختامي للقمة لن يذكر إيران»، مذكرا بأن الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن شدد في الأيام الأخيرة مرات عدة على عدم جدوى هذه التسمية.
ويشير راسموسن منذ اشهر الى ان التهديد يتنامى مع تطوير نحو ثلاثين بلدا برامج صواريخ باليستية. الا ان الحلفاء واصلوا امس الاول مناقشة امكان وضع لائحة بالبلدان التي يمكن ان تشكل خطرا، وذلك في تقرير ملحق يتعين على مسؤوليهم تبنيه في القمة، كما قال الديبلوماسي نفسه.
وعلى قادة البلدان الـ 28 للحلف الأطلسي ان يصادقوا في العاصمة البرتغالية على قرار مبدئي بتزويد الحلف درعا مضادة للصواريخ لحماية أوروبا. لكن صياغة قرار الحلف الاطلسي تطرح مشكلتين، كما قال ـ يوم الاثنين الماضي ـ مسؤول أميركي كبير.
وأضاف انه يتعين في البداية الحؤول دون ان تشعر روسيا بأنها مستهدفة «وهذا امر سهل لأننا سنطلب منها التعاون مع مشروع الدرع». وينبغي بعد ذلك بت مسألة ما اذا كان يجب اعتبار البرنامج الباليستي والنووي الإيراني السبب الأساسي للقلق. وأوضح المسؤول الأميركي ان بعض بلدان الحلف الاطلسي «تريد تسمية بلدان ومناطق حتى يتسم الامر بمزيد من الوضوح».
وقال ان «بلدانا أخرى لم تكن مرتاحة حيال امكان تسمية جيرانها». ولا يمكن ان تعني هذه العبارة الا تركيا التي اعربت مرات عدة عن استيائها من تسمية جارها الإيراني، واغفال البلدان الأخرى في الشرق الأوسط. وقال الرئيس التركي عبدالله غول اخيرا في مقابلة مع الخدمة التركية لـ «بي بي سي» ان «تحديد بلد واحد هو إيران امر خاطئ ولن يحصل. لن يكون بلد في ذاته مستهدفا، ولن نقبل ذلك بالتأكيد».
وفي 12 نوفمبر، تحدث رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عن هذا الموضوع مشيرا الى ان بلاده لم تتخذ قرارا بعد حول مشاركتها في مشروع الاطلسي للدرع المضادة للصواريخ. وهذا يعني ان تركيا لن تستضيف لا رادارا ولا مخابئ للصواريخ المضادة للصواريخ.
وقال اردوغان للصحافيين بعد لقاء مع الرئيس الاميركي باراك اوباما على هامش قمة مجموعة العشرين في سيئول، كما نقلت وكالة انباء الاناضول «ابلغت الرئيس الاميركي (باراك اوباما) ان بلادنا حساسة حيال هذا المشروع».
وقد اتخذت الحكومة التركية المنبثقة من التيار الإسلامي موقفا اكثر اعتدالا من حلفائها الغربيين حيال البرنامج النووي الإيراني، على رغم الاستياء الأميركي الكبير. وتوصلت تركيا بالتنسيق مع البرازيل في مايو الى اتفاق مع طهران حول تبادل الوقود النووي. وفي يونيو رفضت التصويت على العقوبات الجديدة ضد طهران التي اقرها مجلس الأمن الدولي.
كما يتوقع أن يدعم حلف شمال الاطلسي في قمته خططا لسحب غالبية القوات الاجنبية من أفغانستان في غضون أربع سنوات وذلك على الرغم من أن القوات الافغانية قد لا تكون مستعدة حين ذاك للدفاع عن بلادها. ويصدق رسميا زعماء الحلف على جدول زمني لبدء تسليم مسؤولية الامن إلى القوات الافغانية العام المقبل حتى يتولى الافغان المسؤولية كاملة في كل أنحاء البلاد بحلول عام 2014. ويود الحلف الانتقال الى دور تدريبي وداعم على مدى السنوات الاربع المقبلة لكن مارك سدويل أكبر ممثل مدني للحلف في أفغانستان قال هذا الاسبوع إن سوء حالة الامن في بعض المناطق قد يرجئ موعد عام 2014.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي تكبدت بلاده خسائر متزايدة في أفغانستان إن القوات البريطانية يجب أن تسحب بحلول عام 2015. وقال كاميرون أمام لجنة برلمانية «أعتقد أن الشعب البريطاني يستحق أن يعرف أن هناك نهاية لكل هذا وهي 2015 وهذا واضح».
وأضاف أن القوات البريطانية ستكون بحلول عام 2015 «قد قدمت مساهمة ضخمة وتضحيات هائلة». الى ذلك، قال أندرس فوج راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ناتو» إن زيارة الرئيس الروسي لقمة الحلف في لشبونة ستشكل بداية جديدة في علاقات «الناتو» العسكرية مع خصمه إبان الحرب الباردة.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن راسموسن عشية القمة قوله»: من المؤكد أن القمة ستشهد بداية جديدة في علاقاتنا.. آمل على وجه خاص أن يمضي الناتو وروسيا قدما للتعاون في مجال الدفاع الصاروخي».
على صعيد آخر، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن امس الجمعة قبل قمة لشبونة ان انسحابا للقوات الأجنبية من افغانستان بحلول نهاية 2014 «واقعي» مؤكدا ان «الحلفاء مستعدون للحفاظ على التزامهم الوقت اللازم».
وصرح راسموسن لإذاعة «بي بي سي» البريطانية انه خلال قمة الحلف الاطلسي «سنعلن نبأ مهما جدا وهو بدء عملية نقل المسؤوليات تدريجيا الى الافغان (الجيش الافغاني) مطلع 2011. نأمل في ان تنتهي هذه العملية التدريجية بحلول نهاية 2014 واعتبر ان خريطة الطريق هذه واقعية». وأضاف «ان تفاؤلي يقوم على وقائع والوقائع تفيد باحراز تقدم ملموس على الارض اليوم في افغانستان. أرسلنا مزيدا من القوات الدولية ولذلك وقع كبير على الوضع في افغانستان».
وردا على سؤال حول احتمال بدء القوات الأميركية الانسحاب العام المقبل اجاب راسموسن «لست على علم بالمشاريع الملموسة لسحب القوات. على العكس اعتقد ان الحلفاء مستعدون للحفاظ على التزامهم الوقت اللازم لانجاز مهمتهم».
وأضاف «لكن بالطبع خلال هذه الفترة الانتقالية سترون تغيرا تدريجيا في دور قواتنا في افغانستان مع تشديد اكبر على دعم قوات الأمن الافغانية وتدريبها».
أوباما لن يتخلى عن أفغانستان بعد 2014
لشبونة ـ أ.ف.پ: وعد الرئيس الأميركي باراك اوباما امس في مقال صحافي بأنه لن يتخلى عن افغانستان بعد نقل السلطات الأمنية من القوات الدولية الى الجيش الافغاني في 2014.
وكتب اوباما في صحيفة بوبليكو البرتغالية قبيل وصوله الى لشبونة للمشاركة في قمة منظمة الحلف الاطلسي حيث ستكون قضية افغانستان في طليعة جدول الأعمال، «لدينا أخيرا الاستراتيجية والموارد التي تسمح لنا بوقف دفع طالبان والسيطرة على معاقل المتمردين وتدريب المزيد من قوات الأمن الافغانية ومساعدة الشعب الافغاني».
وتابع بحسب النسخة الإنجليزية للمقالة التي تسلمتها وكالة فرانس برس «سنقوم في لشبونة بتنسيق نهجنا بحيث يمكننا الشروع في نقل المسؤوليات الى الافغان في مطلع العام المقبل وتبني هدف الرئيس (حميد) كرزاي القاضي بتولي القوات الافغانية الامن في افغانستان بحلول نهاية 2014».
وتابع مؤكدا «حتى لو بدأت الولايات المتحدة عملية نقل المسؤوليات وخفض القوات في يوليو المقبل، فان الحلف الاطلسي وكذلك الولايات المتحدة يمكنهما اقامة شراكة دائمة مع افغانستان للتأكيد على ان الافغان لن يكونوا وحيدين فيما يتولون العمليات».