عاشت ميلا فترة طفولة ومراهقة عادية في كنف العائلة التي تبنتها في بلغراد، الى ان اكتشفت هويتها الحقيقية في سن السابعة عشرة: انها فتاة مسلمة من البوسنة تدعى سينيدا بشيروفيتش اختفت خلال حرب 1992-1995.
ميلا، التي يعني اسمها «لطيفة»، لطالما عرفت انها وضعت في عهدة الزوجين الصربيين المسنين اللذين يحيطانها بالرعاية في بلغراد في مطلع تسعينيات القرن الماضي.
لكن ميلا ظلت ترغب في معرفة أصولها. وعندما أصبحت مراهقة، لجأت الى دائرة الخدمات الاجتماعية الصربية طالبة منها مساعدتها على ايجاد عائلتها. وبعد أشهر من البحث، اكتشفت ان حمضها النووي يتطابق مع حمض امرأة مسلمة من البوسنة فقدت شقيقتها وابنتي اخيها خلال الحرب عند سقوط قريتهن في ايدي القوات الصربية. وتقول «جاء والدي وأطلعني على اسمي الحقيقي. لم يكن اسمي ميلا بل سينيدا. في تلك الفترة، كنت أفضل الموت على سماع ذلك». لكن ميلا تدرك اليوم ان قدرها مرتبط بشكل وثيق بشعبين، صرب ومسلمي البوسنة الذين تقاتلوا خلال الحرب الأهلية بين العامين 1992 و1995.
وتقر الشابة بارتباكها، قائلة «الصرب حرموني من والدتي وشقيقتي. لكن من جهة اخرى، الشخصان اللذان ربياني وقدما لي أفضل ما لديهما هما صربيان ايضا».
لكن الشابة لا تزال تفضل ان تنادى باسم ميلا، وتقول «بالنسبة الي، كلمة ميلا تعني الحب اللا محدود وسينيدا تعني الحرب والألم». في ابريل 1992، اندلعت الحرب واستولى صرب البوسنة على قرية شيباردي (شرق). وتم اخلاء عشرات السكان المسلمين، من بينهم والدة وشقيقة ميلا التي كانت تبلغ 3 اعوام. وبعد ذلك، فقد أثرهم والد الفتاتين محمد الذي كان موجودا في بلدة اخرى عند حصول الهجوم نجا من الموت. وقد اكتشف جندي صربي من البوسنة طفلة تبلغ من العمر 9 اشهر في منزل يحترق فأخذها وطلب من امه الاهتمام بها في قرية مجاورة. انتقلت الطفلة من عائلة الى اخرى. وفي خضم فوضى الحرب انتسيت جذورها، فضلا عن ان الجندي الذي انقذها من بين النيران، ميلنكو فيداكوفيتش، لقي حتفه. ثم كتب صحافي من بلغراد مقالة عن هذه الفتاة المتروكة، فتأثر زوجان مسنان من بلغراد بقصتها واقترحا الاعتناء بها واطلقا عليها اسم ميلا.