فيما نشرت صحيفة نيويوك تايمز أمس مقال طويلا كشفت فيه محتوى آلاف الوثائق الديبلوماسية السرية الأميركية حصل عليها موقع «ويكيليكس»، أكدت مصادر مطلعة لـ «إيلاف» ان الأجهزة السياسية والأمنية في منطقة الخليج تستعد لأسوأ الاحتمالات في علاقاتها مع بعضها البعض، خاصة ان وثائق ويكيليكس تتضمن بحسب التسريبات التي سبقت نشرها على الموقع معلومات حول علاقات الدول الخليجية الـ 6 فيما بينها، وتغطي مسافة زمنية قدرها 20 عاما، مشيرة إلى أنها تتضمن معظم المحادثات السرية، بين الدول الخليجية والدول الغربية وعلى رأسها أميركا التي تخشى من اضرار هذه الوثائق على علاقاتها مع نصف دول العالم.
بدورها استنكرت «الپنتاغون» امس نشر ويكيليكس «الطائش» لعدد هائل من الوثائق السرية لوزارة الخارجية الأميركية وقالت انها تتخذ خطوات لدعم أمن الشبكات العسكرية الأميركية السرية.
وقال بريان وايتمان المتحدث باسم الپنتاغون مشيرا إلى خطوات للحيلولة دون تحميل معلومات كمبيوتر سرية على وسائط تخزين نقالة «وزارة الدفاع قامت بسلسلة من التصرفات للحيلولة دون وقوع مثل هذه الأحداث في المستقبل».
وكانت المصادر التي صرحت لـ«إيلاف» أفادت بأن الوثائق السرية الجديدة التي يعتزم «ويكيليكس» نشرها تتضمن معلومات حول منطقة الخليج وعلاقات الدول الخليجية الست فيما بينها، تغطي مسافة زمنية قدرها عشرون عاما. وأشارت الى انها تتضمن معظم المحادثات السرية بين الدول الخليجية والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. كما أضافت المصادر أن العواصم الخليجية تنتظر السيناريو الأسوأ في التعامل مع ردود الفعل التي ستترتب عن نشر تلك المعلومات، فضلا عن النتائج التي يتوقع ان تترك آثارها على تلك البلدان وعلاقاتها فيما بينها.
ومساء أمس الأول أفاد موقع الكتروني بأن فرنسا مستهدفة أيضا من خلال الوثائق السرية الأميركية التي ينوي موقع «ويكيليكس» نشرها.
وجاء في موقع «اوني.فر» الذي يمتلك غالبا معلومات وافية بشأن تسريبات موقع «ويكيليكس» «بحسب مصادرنا، فإن من 500 الى 1000 وثيقة تتعلق مباشرة بفرنسا».
وبحسب موقع «اوني»، فإن صحفا ودوريات «نيويورك تايمز» الأميركية و«دير شبيغل» الألمانية و«الغارديان» البريطانية و«ايل باييس» الاسبانية و«لوموند» الفرنسية، وهي وسائل إعلامية شريكة لموقع «ويكيليكس» في عملية نشر الوثائق حول العراق، ستنشر اولى التحليلات حول الوثائق الجديدة. ووفق الموقع، فإن «دير شبيغل» نشرت «بيانات مرقمة» من هذا الكم الكبير من الوثائق بعد ظهر السبت على موقعها الالكتروني قبل ان تبادر الى سحبها بعد دقائق قليلة. وبحسب هذه البيانات التي أوردها موقع «اوني»، فإنه من المتوقع نشر 251 ألفا و287 مذكرة ديبلوماسية من بينها 16 الفا و652 مذكرة مصنفة بـ«سرية».
علاقات أميركا مع حلفائها على المحك
وكانت الولايات المتحدة وفي محاولة لامتصاص التأثير المرتقب للوثائق السرية، سارعت يوم الجمعة الماضي إلى تحذير حلفائها المعنيين.
فأعلنت واشنطن التي أقرت بأنها تستعد «لأسوأ السيناريوهات»، أن الأجهزة الديبلوماسية الأميركية شرعت في إبلاغ حكومات أجنبية بأن «ويكيليكس» يعتزم أن ينشر قريبا وثائق سرية من شأنها أن تثير «توترات» معها.
وقال رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الأميرال مولن في مقابلة تبثها شبكة «سي إن إن» الأميركية أمس إن موقع «ويكيليكس» «لايزال يقوم بأمور خطرة للغاية»، خصوصا على أمن الجنود الأميركيين، داعيا المسؤولين عن الموقع إلى الامتناع عن عملية نشر هذه الوثائق.
العلاقة مع روسيا
وفي موسكو أكدت صحيفة «كومرسانت» أن هذه التسريبات تتضمن توصيفات «مزعجة» عن الوضع السياسي والقادة الروس قد تسيء إلى موسكو.
وكتبت الصحيفة أن كشف المعلومات «يمكن أن يتسبب في توتر بين الولايات المتحدة وروسيا» وكذلك مع نصف بلدان العالم. لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استخف بهذه المعلومات، وتساءل أمام صحافيين كانوا يسألونه بشأن هذا الملف عن سبب اهتمامهم بـ «سارقين صغار» على الإنترنت.
وفي روما أبلغت واشنطن وزير الخارجية فرنكو فراتيني أن بعض الوثائق تتعلق بايطاليا. وأشارت الحكومة الايطالية في بيان لها إلى ان هناك «انعكاسات سلبية محتملة بالنسبة إلى ايطاليا».
وكندا بدورها أشارت بعد ظهر يوم الجمعة الماضي إلى أن سفارتها في واشنطن «تعالج هذه المسألة مع وزارة الخارجية».
وفي بغداد، أعرب السفير الأميركي لدى العراق جيمس جيفري عن قلقه حيال عزم موقع «ويكيليكس» نشر مجموعة جديدة من الوثائق السرية، معتبرا ذلك أمرا سيئا للغاية ويشكل عقبة كبيرة للديبلوماسية في هذا البلد.
وقال جيفري للصحافيين في مبنى السفارة في بغداد إن «وثائق ويكيليكس تشكل عائقا كبيرا للغاية بالنسبة إلى عملي الذي يتطلب مناقشات تتميز بالثقة مع الناس. لا أفهم الدافع وراء نشر هذه الوثائق كونها لا تساعد إنما ببساطة يلحق أضرارا بقدرتنا على أداء عملنا هنا».
وردا على سؤال حول رد فعل مسؤولين عراقيين أجاب «من الواضح أنهم غير مرتاحين. أي شخص يجري محادثات سرية تجد في النهاية طريقها إلى الإعلام سيكون مستاء».
وقد تشعر واشنطن بارتباك أكبر إثر نشر وثائق أعدها ديبلوماسيوها وخصوصا إذا كانت تمس شركاء أجانب للولايات المتحدة.
إسرائيل تترقب
كذلك ترقبت، إسرائيل بتوتر شديد مضمون الوثائق الأميركية السرية التي يتوقع أن تشمل تحليلات أميركية لشخصيات إسرائيلية بينها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراء الخارجية أفيغدور ليبرمان والدفاع ايهود باراك والرفاه اسحق هرتسوغ ورئيسة حزب كديما والمعارضة تسيبي ليفني.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن التحذير الذي مررته السفارة الأميركية في تل أبيب إلى مكتبي نتنياهو وليبرمان يتعلق بكشف الوثائق التي يتخوف الأميركيون والإسرائيليون من نشرها والتي تشمل آراء مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية حول المسؤولين الإسرائيليين.
ويتوقع أن تتضمن الوثائق تفاصيل لقاءات بين مسؤولين أميركيين مع مسؤولين إسرائيليين وصفت بأنها لقاءات سرية وبينهم نتنياهو وليفني ورئيس الموساد مائير داغان ورئيس الشاباك يوفال ديسكين والوزير السابق حاييم رامون ورئيسا مجلس الأمن القومي السابقان غيورا آيلاند وداني أرديتي.
إلى جانب ذلك يتخوف الإسرائيليون من أن يؤدي نشر الوثائق الأميركية السرية في «ويكيليكس» إلى تسريب معلومات تتعلق بإيران.
ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن مصدر إسرائيلي قوله ان الأميركيين اعترفوا بأنه سيتم نشر معلومات بالغة السرية حصلت عليها شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية والموساد وتم تسليمها إلى وزارة الخارجية الأميركية من دون علم الحكومة الإسرائيلية.
وأضاف المصدر الإسرائيلي أن المعلومات بهذا الخصوص تشمل مواد تبين سعي إسرائيل إلى تجريم إيران وتشديد العقوبات الاقتصادية عليها.
وفي أنقرة، أشار ديبلوماسي تركي رفيع المستوى إلى أن تركيا تم إخطارها كذلك بهذا الموضوع.