تساءل عدد من المراقبين عما دفع بوزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، لأن تطلب من عاملين في سفارة بلادها في العاصمة الأرجنتينية معلومات عن الحالة النفسية والعقلية لرئيسة الأرجنتين، كريستينا فرننديز كيرشنر، وعما إذا كانت تتناول أدوية مهدئة للاعصاب، بحسب ما ورد في تسريبات موقع ويكيليكس. والمعروف عن كيرشنر أنها عصبية بعض الشيء، لكنها معروفة أيضا بمرحها وبنظرتها التفاؤلية للأمور، وبصور تظهر فيها باستمرار ضاحكة ومبتسمة ومبتهجة، وهي آخر من قد يلجأ للأدوية المسكنة الأعصاب، فعلى أي أساس استندت كلينتون في طلبها بالتجسس عليها في هذه النقطة بالذات، وهي غير دقيقة تماما؟ المقالات والتحليلات الواردة امس الاول في صحف الأرجنتين ركزت كثيرا على هذا التساؤل المرفق باستغراب، ومعظمها استنتج بأن كلينتون رغبت على ما يبدو في التشهير برئيسة الأرجنتين وبث الشائعات عنها، ولو أمام القيمين على السفارة الأميركية في بيونس ايرس، أكثر مما رغبت في الحصول على معلومات ضرورية للأمن أو الاستراتيجية الديبلوماسية الأميركية. وتبدو كلينتون في البرقيات الديبلوماسية الأميركية المسربة مشككة بالقوى العقلية لرئيسة الأرجنتين، إلى درجة أنها طلبت في ديسمبر الماضي من ديبلوماسيين أميركيين بالسفارة التأكد ما إذا كانت تتناول أدوية. وأمطرت كلينتون ديبلوماسييها بسلسلة من الاسئلة عن العلاقة «الديناميكية الشخصية» التي كانت بين فرننديز زوجها، الرئيس الراحل في أكتوبر الماضي، نستور كيرشنر، وكيف تسيطر رئيسة الأرجنتين البالغ عمرها 57 سنة، على «أعصابها وقلقها». وقالت كلينتون في احدى البرقيات: «في أي ظروف تكون قادرة على التعامل مع ضغوطها؟ وكيف تؤثر عواطفها على القرارات التي تتخذها؟ وكيف تهدأ حين تتعرض لضغوط؟ وكيف تؤثر الضغوط على سلوكها مع مستشاريها وعلى اتخاذ القرارات؟ ما الخطوات التي تتخذها كريستينا فرننديز، أو مستشاروها والمحيطون بها، لمساعدتها على تحمل الضغوط؟ وهل تتناول أي أدوية؟».
هذا السيل من الأسئلة الوارد من وزيرة الخارجية الأميركية فسرته صحف الأرجنتين بأنه غريب ولا يوجد هدف واضح منه تماما، إلا أن بعض الصحف ذهبت إلى أن الدافع قد يكون التشهير بكيرشنر «ربما لغيرة من نوع ما تشعر بها وزيرة الخارجية الأميركية من رئيسة الأرجنتين، وكامنة في نفسها وغير واضحة للعيان». ودفعت الأسئلة بالرئيس الفنزويلي، هوغو شافيز، إلى الاستغراب أيضا، حتى وإلى التدخل، فسارع بانتقاد كلينتون وعبر في خطاب نقله التلفزيون الرسمي عن «تضامنه مع رئيسة الأرجنتين»، مضيفا «أن من يحتاج إلى إجراء فحص لقواه العقلية هو كلينتون نفسها. إنها تشعر بأنها أرفع مقاما من أوباما، لأنها بيضاء تشعر بأنها أرفع مقاما من الرئيس الأسود». وقالت بعض صحف الأرجنتين ووسائل إعلامها إن كثرة الأسئلة التي طرحتها كلينتون على جهاز السفارة الأميركية ببيونس ايرس، وكذلك نوعيتها غير الضرورية، توضح الغاية منها تماما، وهي رغبة مكبوتة في التشهير بالرئيسة الأرجنتينية أمام أعضاء سفارة الولايات المتحدة بالعاصمة الأرجنتينية. وقال أحد الصحافيين: «لعل سلسة الأسئلة تنسج شائعة تخرج من أروقة السفارة الأميركية وتصل إلى الشارع الأرجنتيني لتخبره بأن رئيسة البلاد تعاني من مرض عقلي ما، بينما كيرشنر في كامل صحتها العقلية» على حد تعبير الصحافي فيكتور أرانتيس من صحيفة «12 ساعة» الشهيرة. وسربت الصحف الأرجنتينية أن القصر الرئاسي الأرجنتيني يدرس إصدار رد مناسب على ما قالته كلينتون، وسيكون ردا مباشرا من الرئيسة كيرشنر بالذات، وهي أول «خناقة نسائية» تتمخض عن السونامي الذي أحدثه «ويكيليكس» في القارات الخمس.