يعقد قادة دول مجلس التعاون قمتهم السنوية غدا الاثنين في ابوظبي في خضم تسريبات ويكيليكس التي كشفت عن قلق خليجي كبير من الجار الايراني، الا ان هذه البلدان تشعر على الصعيد الاقتصادي بانفراج واضح مع ارتفاع اسعار النفط.
ويجتمع قادة المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين التي تملك مجتمعة 45% من الاحتياطات النفطية المثبتة في العالم اضافة الى خمس احتياطات الغاز، وسط استمرار المواجهة المحتدمة بين ايران والمجتمع الدولي وتزايد نشاط تنظيم القاعدة في اليمن وفي هذه الظروف، فإن أمن المجموعة الخليجية هو العنوان الرئيسي لقمة ابوظبي في الجانب السياسي بحسب المراقبين. وأظهرت الوثائق الديبلوماسية الاميركية السرية المفترضة التي نشرها موقع ويكيليكس في الأيام الماضية قلقا كبيرا للقيادة الخليجية ازاء توسع النفوذ الايراني ونووي طهران.
ورأى المحلل والأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله لوكالة فرانس برس ان هناك «امتعاضا لدى الخليجيين لأن الأشياء التي تقال خلف الأبواب كان يجب ان تبقى خلف الأبواب» وهم باتوا يشككون في قدرة حليفتهم واشنطن على المحافظة على الأسرار».
لكن بالنسبة لعبدالله، فإن المستور الذي انكشف لا يختلف كثيرا عن المعروف على نطاق واسع. وقال «عدا بعض الكلمات المزعجة مثل وصف الرئيس الايراني بأنه هتلر» من قبل ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد، لم تكشف هذه الوثائق امورا سرية استثنائية بحسب المحلل.
أما بالنسبة لما بدا تأييدا خليجيا لضرب ايران من اجل وقف برنامجها النووي، قال عبدالله ان الجانب الإيراني يجب ان ينظر الى هذه الإشارات كدلالة على «ان دول الخليج قلقة جدا جدا» من السياسة الايرانية.
أما تناول القادة الخليجيين الحل العسكري كخيار للتعامل مع ايران فهو يعني ان دول المجلس «لن تسمح باختلال ميزان القوى لصالح ايران في المنطقة وهي ستجاري طهران في كل خطوة».
وبحسب المحلل الإماراتي، فان المنطقة تشهد «سباقا للتسلح» بسبب طموحات ايران، مقدرا قيمة صفقات التسلح الخليجية بـ 120 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وفي سياستها العلنية، حرصت دول مجلس التعاون الخليجي دائما على ابقاء مستوى من الهدوء في الخطاب تجاه ايران مع التشديد على مخاوفها ازاء نفوذ طهران المتزايد في العالم العربي.
حتى ان الرئيس الايراني احمدي نجاد حضر نهاية عام 2007 القمة الخليجية في الدوحة.
وكذلك رصدت في الوثائق اشارات قوية مناهضة لايران ومؤيدة لوقف برنامجها النووي باي ثمن، من قبل ولي عهد ابوظبي والعاهل البحريني ووزير الداخلية الكويتي وغيرهم من المسؤولين الخليجيين. ونقلت الوثائق عن مسؤولين خليجيين تأكيدهم ان دول المنطقة ستطور أسلحة نووية اذا ما نجحت طهران في ذلك.
وقال الأكاديمي عبد الخالق عبدالله ان «الأمن هو البند رقم واحد في قمة ابوظبي، وذلك بسبب العقوبات على ايران وعسكرة المجتمع الايراني، وبسبب الانسحاب الاميركي من العراق الذي يمكن ان يخلق فراغا يقلق دول المجلس، اضافة الى الخلفية اليمنية».
ويشهد اليمن الذي يقع على حدود السعودية وسلطنة عمان، تزايدا لهجمات تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، وهو تنظيم يسعى الى شن هجمات في كل من اليمن والسعودية.
الا ان الجانب الاقتصادي لقمة ابوظبي يبدو اكثر اشراقا مع ارتفاع ملحوظ في اسعار النفط وعودة بوادر الانتعاش الاقتصادي بعد الازمة المالية التي كانت لها تداعيات قاسية على المجموعة الخليجية المعتمدة بشكل اساسي على عائدات الذهب الأسود.
وكانت اكبر التداعيات في الإمارات مع ازمة ديون دبي وفي الكويت مع تعثر عدد من شركات الاستثمار الضخمة.
وقال عبدالله «هناك شعور لدى البعض بان المنطقة تمكنت من استعادة توازنها المالي والاقتصادي خصوصا مع ارتفاع اسعار النفط الى ما فوق 85 دولارا، والعام 2011 سيكون عام عودة النشاط الاقتصادي الى الخليج».
اما ملف العملة الخليجية الموحدة فقد يواجه مزيدا من البطء.
فبعد الخروج المدوي للإمارات ثاني اكبر اقتصاد خليجي وعربي، من الاتحاد النقدي، يواجه المشروع دعوات الى التأني بعد ازمة الديون في منطقة اليورو، وهي منطقة مرجعية بالنسبة للمشروع الخليجي.