إذا كنت ديبلوماسيا أميركيا اعتاد التودد والتملق أو الضغط على الحكومات خلف الستار فسوف تعاني ولو لفترة على الأقل من الاهمال والتجاهل من الآخرين بسبب ما سربه موقع ويكيليكس من برقيات سرية.
حيث يقول الديبلوماسيون الحاليون والسابقون ان سيل برقيات السفارات الأميركية التي حصل عليها الموقع والكشف التدريجي المحرج عن محتواها في وسائل الاعلام له تأثير سلبي على الديبلوماسية الأميركية.
وقال ديبلوماسي أميركي كبير طلب عدم نشر اسمه «على الأمد القصير سنكون تقريبا خارج الخدمة.. الأمر سيئ حقا. لا ابالغ في ذلك».
واضاف «بكل صدق لا احد يريد ان يتحدث الينا». وتابع ان عملية اعادة بناء الثقة قد تستغرق ما بين عامين الى خمسة اعوام. ومضى يقول «بعض الناس مازالوا مضطرين للتحدث الينا خاصة في الحكومة لكنهم يسألوننا اسئلة من قبيل هل ستكتبون عن هذا؟»
وقال الديبلوماسي الأميركي «الأشخاص خارج الحكومة لا يريدون التحدث الينا مطلقا».
وقال مسؤول أميركي ان مؤسسات اخبارية وويكيليكس نشرت نحو 1100 برقية على الانترنت حتى وقت متأخر من مساء الجمعة فضلا عن نحو 250 الف برقية اخرى من شأنها في حال انتشارها ان تحرج حكومات اجنبية وواشنطن خلال الاشهر المقبلة.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية انتقدت بشدة التسريبات وقالت انها لن تضر بالتحالفات المهمة للولايات المتحدة. فيما أعطى وكيل وزارة الخارجية وليام بيرنز تقييما اشد في شهادة امام لجنة بالكونغرس الاسبوع الماضي.
وقال بيرنز «الحقيقة هي ان الانتهاك الخسيس للثقة الذي نشاهده من خلال ما يكشف عنه ويكيليكس ألحق ضررا كبيرا بقدرتنا على القيام بجهودنا الديبلوماسية».
غير ان ديبلوماسيا أميركيا في الشرق الاوسط قال ان المسؤولين الاجانب الذين يتعامل معهم لم يتوقفوا فجأة عن الحديث واشار الى ان العواقب طويلة الامد ستكون على الارجح اكثر وضوحا على الدول الاجنبية منها على الديبلوماسية الأميركية.
وقال الديبلوماسي الأميركي «هذه مشكلة مؤقتة وفي غضون عامين او ثلاثة وربما اقل سنعود الى العمل بالطريقة التي اعتدنا عليها. الزمن يداوي الجراح».
واضاف المسؤول انه كثيرا ما تكون هناك فجوة بين ما يقوله الزعماء في الشرق الاوسط في العلن وما يقولونه خلف الأبواب المغلقة ومن خلال البرقيات ربما يرى الناس في المجتمعات المغلقة للمرة الاولى ذلك «بكل ما يحمله من تناقض صارخ». وتابع قائلا «اعتقد انه سيكون لذلك اثر اعمق واطول على المجتمعات هنا مما سيكون سيؤثر على قدرتنا في آداء عملنا الديبلوماسي»
وقال وزير الخارجية الأميركية الاسبق لورانس ايغلبرغر انه يعتقد ان اغلب المسؤولين الاجانب سيتغلبون على الارجح على اي تحفظ مع الولايات المتحدة خلال ستة اشهر الى عام رغم انه شدد على ان هذا استنتاج مؤقت.
وأضاف «نحن لا نزال كبارا ومهمين بدرجة تجعل الناس لا يستطيعون تجنب التحدث الينا».
بدوره أكد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس نفس المفهوم قائلا «الحقيقة هي ان الحكومات تتعامل مع الولايات المتحدة لان ذلك من مصلحتها لا لأنها تحبنا ولا لأنها تثق بنا ولا لأنها تؤمن بأننا نستطيع ان نحفظ الاسرار».
«هل هذا محرج؟ نعم. هل هذا مربك؟ نعم. هل لذلك عواقب على السياسة الخارجية الأميركية؟ اعتقد انها متواضعة تماما».
ويبدو حتى الآن أن من بين اكثر البرقيات احراجا:
طلبت وزارة الخارجية من مبعوثين أميركيين في مقر الامم المتحدة في نيويورك واماكن اخرى الحصول على أرقام بطاقات ائتمان وهواتف محمولة وعناوين البريد الالكتروني وكلمات مرور وبيانات اخرى من ديبلوماسيين اجانب ومسؤولين كبار من الامم المتحدة بينهم الامين العام للمنظمة بان كي مون.
المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني قاد عملية لاختراق انظمة الكمبيوتر التابعة لغوغل في الصين في حملة تخريب الكتروني استهدفت اجهزة الكمبيوتر الخاصة بالحكومة الأميركية والحكومات الغربية والدلاي لاما وشركات أميركية منذ 2002.
وردا على سؤال بشأن أي الدول التي غضبت بشكل خاص من تسريب البرقيات قال مسؤول أميركي رفيع «السؤال الاسهل هو.. من الذي لم يغضب؟»