تسلط تسريبات موقع «ويكيليكس» المتعلقة بلبنان الضوء على جوانب غير معلنة من عمل المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، في وقت تشكل هذه المحكمة محور سجال داخلي حاد في مرحلة سياسية حساسة يعيشها لبنان.
ونشرت صحيفة «الاخبار» اللبنانية القريبة من حزب الله الشيعي على موقعها الالكتروني عددا كبيرا من الوثائق، بعضها متعلق بلبنان، حصلت عليها من «ويكيليكس».
وتأتي الوثائق اللبنانية الصادرة بمعظمها عن السفارة الاميركية في بيروت والموجهة إلى وزارة الخارجية الاميركية، وأبدى دانيال بلمار مدعي عام المحكمة، بحسب الوثائق، في اجتماعات عقدها مع السفيرة الاميركية السابقة في بيروت ميشال سيسون، استياءه من عدم تعاون الاميركيين والبريطانيين والسوريين مع التحقيق الذي يجريه في الجريمة.
وتنقل سيسون عن بلمار طلبه خلال لقاء بينهما في يناير 2009، الحصول على معلومات استخباراتية من الولايات المتحدة تساعده في تحقيقاته في سورية.
وقال بلمار ان «السوريين يعاملون المحققين الدوليين وكأنهم اطفال. أعطونا 40 الف صفحة بالعربية. وبعد ان ترجمناها ولم نجد شيئا مهما، ابدوا دهشتهم، وأعطونا اربعين الف صفحة اخرى باللغة العربية».
وتابع «السوريون متوترون لانهم لا يعرفون ما هي المعلومات التي جمعتها لجنة التحقيق الدولية».
وفي اجتماع آخر، شدد بلمار على ضرورة قيامه بالتحقيقات في سورية بسرعة «قبل ان يختفي الاشخاص الذين نريد استجوابهم عن طريق القتل او اي وسيلة اخرى».
وفي اجتماع عقد في سبتمبر 2008، كرر بلمار مطالبته الاميركيين «بمعلومات استخباراتية وبمحققين يساعدون في استجواب حوالي مائتي شخص موجودين حاليا في السجن وقد تكون لديهم معلومات مهمة».وقال لسيسون «انتم اللاعب الاساسي، اذا لم تساعدوني فمن يفعل؟»، مضيفا «قامت الولايات المتحدة باستثمار كبير في المحكمة (...) وتجاوبها مع طلبات لجنة التحقيق الدولية طريقة لان يعود هذا الاستثمار عليها بالربح».
واشار الى انه لم يحصل ايضا من لندن على معلومات ذات قيمة.
كما طلب بلمار في اكتوبر 2008 ان «تؤمن الولايات المتحدة محللين جنائيين اميركيين يعملان في لاهاي عن طريق التعاقد، على ان يدفع مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) رواتبهما» التي تحسب في اطار «المساهمة الاميركية» في تمويل المحكمة.
من جهة أخرى تعرضت صحيفة الأخبار الى «اعتداء معلوماتي» منذ أيام، حسبما أفاد مسؤول في الصحيفة لوكالة فرانس برس أمس. وقال عضو مجلس التحرير في الصحيفة ايلي شلهوب «نتعرض منذ أيام لاعتداء معلوماتي يستهدف ضرب النظام الداخلي المعلوماتي للصحيفة».
واضاف ان «الاعتداء لا يقف عند حدود تخريب الموقع الالكتروني، بل يتعدى ذلك الى محاولة الولوج الى البريد الداخلي للصحيفة ومراقبته».
وقد تعذر صباح أمس الدخول الى الموقع الالكتروني للصحيفة اليومية على الانترنت.
وتابع شلهوب: «لا نعلم بعد ما إذا كان شخص واحد يقف وراء هذا الاعتداء أو جهة منظمة»، مضيفا «نحتاج الى بعض الوقت لإعادة الوضع الى ما كان عليه». وأكد ان «الاخبار» تنسق حاليا مع «الصحف الكبرى في العالم من أجل القيام بحملة مضادة للدفاع عن حقنا في نشر المعلومات»، مشيرا الى تعرض «عدد كبير من المواقع التي تنشر الوثائق الى هجمات مشابهة».