أكدت طهران أن إقالة وزير الخارجية الإيراني منوچهر متكي لن تؤدي الى تغيير في السياسة الخارجية الإيرانية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست في التصريح الصحافي الاسبوعي ان «سياسات إيران الكبرى تحدد على مستويات أعلى ووزارة الخارجية تنفذ هذه السياسات. لن نشهد اي تغيير في سياستنا الأساسية».
وأضاف «لا اعتقد انه سيحصل أي تغيير في السياسة النووية والمحادثات» مع القوى الست حول البرنامج النووي الإيراني.
وجاءت هذه الإقالة المفاجئة عبر قرارين صدرا عن الرئيس الإيراني يتضمنان شكرا لمتكي على العمل الذي قام به، وتعيين صالحي مكانه بالإنابة. وبعد أيام قليلة من استئناف المفاوضات مع الدول الست الكبرى حيث قال مهمانبرست «لقد حصل اتفاق على مواصلة المحادثات حول نقاط التعاون المشتركة» الممكنة بين طهران ومجموعة 5+1.
وأضاف «اذا جرت هذه المحادثات في الإطار المرتقب وفي جو خال من أي ضغوط وتصرفات غير عقلانية، فانها ستتابع مجراها».
ولم يكن خبر إقالة متكي مفاجئا للمتابعين حيث كان الحديث يدور منذ فترة في الأوساط السياسية الإيرانية بخصوص الخلافات الحادة بين نجاد ووزير خارجيته متكي لكن التوقيت هو المفاجئ، اذ وتؤكد بعض المصادر أن أسباب الخلافات بين الجانبين تعود إلى العلاقات الوطيدة التي تربط متكي بكل من علي لاريجاني رئيس البرلمان وعلي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى في الشؤون الدولية والمعروف في الأوساط الإيرانية باسم وزير خارجية المرشد، حيث إن هاتين الشخصيتين على خلاف مع الرئيس الإيراني.
في حين تشير بعض القراءات من داخل إيران، إلى أن إقالة متكي جاءت لسببين أولهما معركة الرئاسة المقبلة التي يبدو أن نجاد بدأ يستعد لها باكرا، وأولى خطواتها إقالة غريمه متكي الذي لم يكن محسوبا على تياره.
وتشير ذات القراءات إلى أن احمدي نجاد يريد أن يدعم حليفه سعيد جليلي وان يضع يده على السياسات الإستراتيجية الخارجية والأمنية الإيرانية.
بدورها ربطت صحف مقربة من المحافظين هذا القرار بمعارضة متكي لقيام «ديبلوماسية موازية» توكل لبعض المستشارين المقربين من احمدي نجاد.
وعنونت صحيفة «القدس» ان «الرئيس وضع حدا لخلافه مع وزير الخارجية» مشيرة الى ان هذه الديبلوماسية الموازية اثارت في بعض الاحيان «ردود فعل شديدة اللهجة» من متكي.
وتحدثت صحيفة «خبر» المقربة من رئيس البرلمان علي لاريجاني، عن «زلزال» قائلة «احمدي نجاد يعلم جيدا ان صالحي يروق للغرب بسبب وجهات نظره المعتدلة».
وكتبت أن الوزير الجديد بالوكالة «هو احد هؤلاء الإداريين الموكلين لتشكيل دائرة جديدة داخل الحكومة رغم انه ليس بالضرورة من نفس الخط العقائدي للرئيس».
ويبدو أن الرئيس الإيراني استطاع اجتياز بعض العقبات لاتخاذ قراره هذا، أهمها موقف المرشد الذي قال في حديث له في أعقاب تعيين مندوبين للرئيس في وزارة الخارجية: «لا يجوز خلق محاور موازية في وزارة الخارجية»، والعقبة الأخرى صعوبة حصول الوزير البديل على ثقة البرلمان الإيراني نتيجة لمواقف المحافظين المنافسين لأحمدي نجاد والإصلاحيين ضد مرشح الرئيس، الأمر الذي دفع أحمدي نجاد لتعيين صالحي كمشرف على الخارجية وليس وزيرا للخارجية وفي هذه الحالة لا يحتاج لموافقة البرلمان.
وكان صالحي عين على رأس منظمة الطاقة الذرية في 17 يوليو 2009 مباشرة بعد إعادة انتخاب احمدي نجاد رئيسا وقد ثمن الغرب اعتداله.
يشار الى ان متكي وصف خلال وجوده في المنامة في الثالث والرابع من ديسمبر تصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حول امكان السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم بشروط معينة بأنه «خطوة الى الامام».
في سياق آخر، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير البريطاني في طهران سايمون غاس بعدما نشر على موقع السفارة البريطانية مقالا انتقد فيه وضع حقوق الإنسان في إيران.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية ان مسؤول دائرة حقوق الإنسان في الخارجية الإيرانية علي بحريني «احتج بشدة على نشر مقال على موقع سفارة بريطانيا في طهران، يتناقض مع القواعد الديبلوماسية».
ونقلت الوكالة عن بحريني انه «يعتبر هذا الامر عملا غير تقليدي من جانب سفير». و«ذكر» المسؤول الإيراني غاس بـ «ضرورة الامتناع عن ارتكاب أعمال لا تحترم الإطار الديبلوماسي».
وفي مقال نشر على موقع السفارة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر، أكد غاس ان محامين وصحافيين وأعضاء في منظمات غير حكومية «يتعرضون لضغط شديد في إيران أكثر من أي مكان آخر» في العالم.
وأضاف «منذ العام الفائت، يتم اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان وترهيبهم»، لافتا خصوصا الى اعتقال المحامية عن حقوق الإنسان نسرين سوتودي ومطالبا بالافراج عنها.
من جهته، رفض وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية اليستير بورت احتمال رحيل غاس حسب ما تطالب به الصحف الإيرانية.
وقال بورت في بيان ان «العمل المهم الذي تقوم به السفارة البريطانية في طهران يحظى بدعم كامل من الحكومة» البريطانية.
وأضاف «فقط عبر الحوار الصريح والمنفتح بإمكاننا حل المشاكل التي نواجهها». واثار هذا الانتقاد استياء شخصيات ووسائل إعلام إيرانية محافظة.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بوروجردي كما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية «يبدو ان مهمة سايمون غاس هي تدمير العلاقات بين البلدين بدل ترتيبها».
وطلب العضو في لجنة الشؤون الخارجية حسمت الله فلحات بيشه «طرد سايمون غاس» بسبب هذا المقال «غير المسبوق».